في وقت وصل فيه التفاهم بين تركيا وروسيا إلى أفضل مراحله ما ساهم في الوصول لاتفاق يجلي المسحلين والمدنيين في حلب إلى ريف حلب الغربي والترتيب لمفاوضات في كازخستان بين موسكو وأنقرة وطهران للوصول لحل سياسي للأزمة، تأتي حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف لتطرح تساؤلات حول تأثير هذا على الحادث على القضية السورية.
حادث الاغتيال جاء بعد أيام من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مفاوضات ستجري بين تركيا وروسيا وإيران في كازخستان لوقف إطلاق النار في معظم المناطق في سوريا والوصول لتسوية سياسية.
وسعيت روسيا للابتعاد بملف المفاوضات عن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والاكتفاء بتركيا التي تحظى بعلاقات قوية بالفصائل المعارضة المسلحة في سوريا.
علاقة تركيا بروسيا تضررت كثيرا منذ أن وطأت الأقدام الروسية سوريا في أكتوبر 2015 حيث عرقل هذا التدخل المساعي التركية الأمريكية السعودية بإسقاط نظام بشار الأسد وزادت الخلافات حين أقدمت تركية على إسقاط طائرة روسية سوخي في 24 نوفمبر 2015 .
ولكن سرعان ما سعى أردوغان في احتواء الأزمة بالاعتذار لروسيا على الحادثة في يونيو الماضي وزيارة روسيا في أغسطس ومن ثم التنسيق بين الجانبين حول عملية دراع الفرات التي انطلقت في شمال سوريا 14 أغسطس 2014 .
تفاهم
وترجم هذا التفاهم أثناء سقوط حلب الذي جاء على جثث الآلاف من أهلها حيث فشلت الولايات المتحدة والغرب في وقف سيل الدماء والتهديد بوفاة قرابة الـ100 ألف من أهالي حلب ظلوا عالقين في منطقة لا تتعدى الـ4 كيلو متر فتدخلت تركيا بعقد اتفاق وقف إطلاق نار وإجلاء النازحين عن حلب في حافلات تابعة للنظام السوري وعربات الإسعاف وحاولت إيران وميليشياتها خرق هذا الاتفاق عدة مرات.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن الرئيس رجب طيب أردوغان أطلع نظيره الروسي، خلال اتصال هاتفي، على معلومات بخصوص الهجوم الذي استهدف السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف وأدى لمقتله.
وذكر مليح كوكجاك رئيس بلدية أنقرة إن عملية اغتيال السفير الروسي بتركيا محاولة لهدم العلاقات بين بلاده وروسيا.
بينما أعلن رئيس لجنة الأمن في مجلس الدواما الروسي، إن حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة لن تؤثر سلبا على العلاقات مع تركيا.
الاجتماع في موعده
وأعلنت روسيا أن حادث الاغتيال لن يؤثر على الاجتماعي الثلاثي بين روسيا وإيران وروسيا المقرر عقده غداد لبحث الازمة السورية في وقت ما زال الآلاف من أهالي حلب عالقين على أطراف المدينة.
تيسير النجار رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين قال إن الاغتيالات لا تقدم حلولا ولكن نتيجة للغضب الشعبي جراء ما تفعله روسيا من قتل وتدمير في سوريا لفرض بشار الأسد بالقوة.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية"أنهم يؤيدون الدفاع عن النفس وليس الجور على الآخر، مدللا على حديثه بأن المناطق التي يسيطر عليها النظام لا تقصفها المعارضة لخشيتها على حياة الناس بعكس ما يفعله النظام.
يؤثر على تركيا
وأكد النجار أن حادثة اغتيال السفير ستؤثر على تركيا أكثر من الملف السوري، وستصب في صالح الأكراد خاصة حزب العمال الكردستاني لتضررهم من التقارب التركي الروسي الذي جعل روسيا تتخلى عنهم بعدما وعدتهم بدويلة وتغلق الممثلية التي افتتحها لهم بموسكو.
ويرى أن الملف السوري لن يغير فيه شيء حتى أن المفاوضات لن تصل لشيء حتى صعود الرئيس الامريكي المنتخب دونلاد ترمب للسلطة.
التقسيم
واعتبر النجار قرار الأمم المتحدة بإدخال مراقبين لمراقبة الإجلاء عن مدينة حلب بأنه بداية تقسيم للمناطق السورية فوضع خطوط تماس بحس ما يعتقد ستتحول لحدود فيما بعد.
واتفق معه في الرأي ميسرة بكور رئيس مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان السوري منوها إلى أن العلاقات التركية الروسية مرت بأزمات كثيرة ووصلت لحافة الهاوية ولكن سرعان ما أدركوا ذلك وتلافوه.
وأكمل في حديثه لـ"مصر العربية"أن ما أقدم عليه الشرطي التركي وبغض النظر عن انتماءاته السياسية أو الدينية فهو يؤمن أن هذا التصرف لا يعبر عن وجهة الدولة وهو التجسيد الفعلي لما قاله وزير الخارجية البريطانية أن روسيا ستجد نفسها دولة منبوذة معزولة وهو النتيجة الحتمية لسياسات بوتين الخاطئة تجاه سوريا وبقية الدول التي تعبث بها.
سوريا بمنأى عن الحادث
وتابع:" لا ننعتقد أن مقتل السفير بغض النظر عن من قتله وما هي أهدافه سيؤثر على الملف السوري، لأن استراتيجية الدول لا تخضع للعواطف".
ودلل على حديثه بأن الاجتماع سيعقد غدا في الأستانة بكازخستان بين المندوب الروسي والإيراني والتركي رغم الحادث.
وذكر بكور أن الموقف التركي بات ينصاع تماما للإرادة الروسية، والملف السوري أكبر من اغتيال السفير، وأن تركيا قايضت حلب مقابل التوسع عملية درع الفرات في سوريا.