بعد تجميده لشهور طويلة عاد ملف المصالحة يتصدر المشهد الفلسطيني من جديد، وذلك من خلال لقاء حواري مرتقب غير رسمي سيعقد في جنيف، بمشاركة عدد من قادة الفصائل الفلسطينية على رأسهم حركتي فتح وحماس، الأمر الذي يثير تساؤلاً هل سيسحب لقاء جنيف ملف المصالحة من مصر أو الدوحة وهما دولتان قطعتا شوطا كبيراً في هذا الملف المعقد؟
ولطالما حلم الفلسطينيون في إيجاد نهاية للانقسام الفلسطيني الداخلي والتوصل لحلول جذرية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي ووقف تمدده على الأراضي الفلسطينية.
وجرى بين حماس وفتح عدة اتفاقات لإنهاء الانقسام الفلسطيني، أبرزها: اتفاق القاهرة 2011، واتفاق الدوحة 2012، واتفاق الشاطئ 2014، إلا أن خلافات كبيرة منعت إنفاذ ما تمّ الاتفاق عليه بين الطرفين.
إحياء ملف المصالحة
وسبق أنّ حاولت دولة قطر إحياء ملف المصالحة من خلال استضافة الرئيس محمود عباس في 28 أكتوبر الماضي، وجمعه برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل ونائبه إسماعيل هنية لخلق حوار جديد حول المصالحة، إلا أن عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق أكد أن هذا الحوار الذي لم يستمر أكثر من يوم واحد، توقّف سريعاً بسبب إصرار محمود عباس على شروطه.
ومن أبرز خلافات طرفي المصالحة عدم تسليم حماس إدارة معابر قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، وعدم صرف هذه الحكومة رواتب موظفي غزة، وعدم قيام الرئيس محمود عباس بتحديد موعد لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكشف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، عن لقاء مرتقب سيجمع بين حركتي "حماس وفتح" في العاصمة السويسرية "جنيف" خلال شهر ديسمبر الجاري، لمناقشة ملف المصالحة الداخلية العالق.
تذليل العقبات
وأكد مجدلاني، في تصريحات صحفية أن اللقاء الذي ترعاه مؤسسة فلسطينية "مسارات"، سيبحث بشكل أساسي ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، وسبل تحريكها من جديد، والتباحث في كيفية تذليل العقبات التي تعترض طريق الوحدة الوطنية.
وعلق النائب في المجلس التشريعي، حسن خريشة، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك،"عقدت لقاءات كثيرة وتحت عنوان المصالحة في كثير من العواصم بدأت بمكة ومرت بالقاهرة وقطر والإمارات واليمن وتونس وحتى السنغال، وآخرها في الشاطئ، ومع ذلك فشل المجتمعين لأسباب يعرفها المواطن العادي ويعرفها المتحاورين أنفسهم".
وأضاف خريشة، "اليوم الحديث عن جنيف، هل هم بصدد رحله ترفيهية سياحية في وقت تساقط الثلوج، أنا أرى أن ذلك استخفاف واستهبال لعقول وإدراك الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، فرام الله ممكنه وغزه ممكنة وكذلك أي قرية فلسطينية ومخيم، فالقيادات الحمساوية والفتحاوية موجودة في كل مخيم وقرية ومدينة".
قرار وإرادة
وتساءل خريشة فإذا لم تستطيعوا فعل ذلك في الوطن وبين أهليكم فهل تفعلونها في سويسرا، مؤكدًا أنّ "المصالحة فقط بحاجة لقرار وإرادة وجدية وما عدا ذلك يعتبر بمثابة تضييع للوقت وضحك على اللحى. الرحمة لأبناء شعبنا .. وعمار يا وطن".
بدوره قال عضو المجلس الوطني الفلسطيني غازي فخري، إن المصالحة كلمة مل منها الشعب الفلسطيني، وذلك لكثرة اللقاءات والاجتماعات الخاصة بالفاصائل من أجل المصالحة دون إنجاز اي شئ على أرض الواقع.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الحديث عن لقاء مرتقب بين الفصائل الفلسطينية هذا الشهر في جنيف أمر مستغرب، خاصة أن العالم يودع العام 2016 ويستقبل عام 2017 بعد أيام ومن المعروف أن الدول الغربية في هذا التوقيت لا تكون مشغولة إلا بالاستعداد للاحتفال برأس السنة الميلادية.
مضيعة للوقت
وانتقد غازي توقيت اللقاء الذي يعتبره مضيعة للوقت أو مجرد فسحة للفصائل شاملة تذاكر طيران من الدرجة الأولى والإقامة في أرقى الفنادق ودخول أفخم المطاعم السويسرية، لافتاً أن ذلك لا يمت لصالح الوطن بشئ على حد تعبيره.
وأوضح أن جميع الفصائل الفلسطينية مسؤولة عن تجميد ملف المصالحة وعلى رأسهم حركة حماس التي انحدرت عن اتجاهها بأفعال غير توافقية وكذلك حركة فتح لم يعد لديها إلا التفاوض الذي لم يسفر إلا عن مزيد من ضياع الأرض.
ولفت إلى أن القاهرة وجهت دعوة للفصائل لحضور لقاء هذا الشهر في القاهرة هذا الشهر للتشاور في الاتفاقات السابقة، وربما تكون هذه الدعوة سبب في عدم اكتمال لقاء جنيف المرتقب خاصة أن الفصائل أنجزت الاتفاقات من قبل لكنها لم تنفذ حتى الآن بسبب تعنت حماس التي ترى أن المقاومة هى الحل رغم أنها لم تحل شئ حتى الآن وكذلك تعنت فتح بتمسكها بالتفاوض الذي لم يقدم ولم يأخر حتى الآن.
وتساءل فخري "متى تنتهى خلافات الفصائل التي لا يدفع ثمنها إلا الشعب الفلسطيني فى الشتات، وكأن هذا الوطن لا يواجه عدوانا غاشما يمضى فى اقتلاع ما تبقى منه, واستيطانا يمتد على أرض الوطن, ومستوطنون يعيثون فساداً وقتلا وترويعاً.
وأكد فخري أنه على الفصائل أن تتحد من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية مع مراعاة الشفافية واختيار الكفاءات على أسس النضال والتضحية فى سبيل الوطن الذى يستحق التضحيه .
لقاء عادي
فيما استبعد المحل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن يسحب أي لقاء يجمع بين حركتي فتح وحماس ملف المصالحة من مصر، نظراً للدور المحوري الذي تلعبه القاهرة من بداية القضية الفلسطينية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن اللقاء المرتقب سيكون لقاء دوري عادي غير رسمي سيناقش عدد من المشاكل على رأسها إيجاد حلول لبعض القضايا العالقة بين "فتح وحماس" وأبرزها قضية موظفي قطاع غزة، والمسؤولية عن المعابر الفلسطينية.
وأوضح أنه في حال سير أي لقاء بين الفاصائل الفلسطينية في اتجاه صحيح بحيث تكون مصلحة الوطن هى البوصلة التي يتجه إليها الجميع من الممكن انجاز المصالحة الداخلية بنجاح وقطعاً ستسفر عن حكومة وحدة وطنية تعطي أمل للمواطن الفلسطيني فضلاً عن عمل المجلس التشريعي المعطل.