معارك ضارية لم تدر رحاها هذه المرة كما جرت العادة في ميادين القتال، لكنها اشتعلت بين أقدام اللاعبين على العشب الأخضر وفي أروقة الغرف المغلقة للمسؤولين عن الكرة لعقد صفقة مع لاعب أو لتأليب الجماهير على حكم ما أو حتى لمناكفة نادٍ آخر من أجل المناكفة فحسب.
مر العام 2016 الكروي بأحداثه المتلاحقة التي لم تهدأ أبدًا، آمال كبيرة تعلَّقها الجماهير على أحفاد الفراعنة الذين يحملون على أعناقهم حلم بلوغ كأس العالم الذي غبنا عن الظهور فيه منذ 26 عامًا.. في غمرة تلك الأحداث بزغ نجم لاعبين عانقوا السماء حتى حجزوا لأنفسهم مكانًا محل النجوم يشار إليهم بالبنان، ويشتاق الناس إلى معانقة الكرة لأقدامهم في أمسياتهم على المقاهي وفي البيوت، وآخرون وقعوا عقودًا مع دكة الاحتياط فلم يبرحوها، وعلى خط التماس قادت تعليمات وصيحات بعض المدربين إلى احتلال مكانة تليق بقدرهم في قلوب جماهير أنديتهم، واليعض بات ليلته في نادٍ ما وأصبح في آخر.
تلاحقت المباريات وتوالت المواجهات العنيفة، ولم يكن "استاد مصر العربية" بعيدًا عن أي منها، كنَّا هناك في أوروبا نرصد الأرقام الفلكية لصفقات اللاعبين، والصراع المحتدم بين الأسطورتين ليونيل ميسّي وكريستيانو رونالدو، وفي آسيا كنَّا في القلب من بطولاتها، وهنّا في مصر لم نغب لحظة عن متابعة ورصد وتحليل كل مباراة وكل لعبة.
في هذا العام، أجرى "استاد مصر العربية" عددًا من الحوارات المميزة، منها حوار مع الفرنسي باتريس كارتيرون، المدير الفني السابق لوادي دجلة.
ويعيد "استاد مصر العربية" نشر الحوار:-
الفرنسي باتريس كارتيرون، خطف الأضواء في الدوري المصري الموسم الماضي، عقب توليه القيادة الفنية لوادي دجلة، واستطاع أن يلحق بالأهلي الهزيمة الوحيدة في عهد الهولندي مارتن يول، ونال إشادة المتابعين والنقاد، بعد أن انتشل دجلة من منطقة الخطر إلى المنافسة على مقعد أفريقي في الموسم الجاري.
"استاد مصر العربية" التقى كارتيرون في الحوار الأول له منذ قدومه إلى مصر، ليتحدث عن أسرار مفاوضات الزمالك، والنتائج الطيبة التي حققها مع دجلة، ومتى سينافس وادي دجلة على الدوري، وكيف وجد الحياة في مصر.
لنتعرف على كارتيرون اللاعب.. كيف كانت مسيرتك في الملاعب؟
في البداية أعتبر أنني كنت محظوظًا خلال مسيرتي كلاعب، لقد لعبت لرين في بداية مشواري في الدرجة الممتازة، قبل أن أنتقل إلى ليون وأخوض عدد من المباريات في المسابقات الأوروبية، ولقد كانت خبرة كبيرة، ونلت لقب أفضل لاعب وسط مدافع في فرنسا لمرتين. ثم الانتقال إلى صفوف سانت إيتيان لأربع سنوات، وفترة إعارة قصيرة إلى سندرلاند في الدوري الإنجليزي وأن أحظى بفرصة تسجيل هدف في البريميرليج في مرمى نيوكاسل.
لقد كانت مسيرة رائعة، وحظيت بفترة رائعة كلاعب سعيد بها، أن ألعب لأندية مثل أولمبيك ليون، وسانت إيتيان في فرنسا، وأن أشارك مع سندرﻻند في إحراز المركز السادس في الدوري الإنجليزي.
لقد كانت تجربة رائعة، ولك أن تتخيل صعود سندرلاند من الدرجة الثانية إلى المركز السادس في البريميرليج، إنها المسيرة الأفضل لهذا النادي خلال سنوات طويلة، وأتذكر مثلاً أننا استطعنا الفوز على تشيلسي برباعية.
لديك مسيرة تدريبية رائعة في أفريقيا كيف اتخذت قرار التدريب في مصر؟
لقد بدأت في فرنسا مع فريق ديجون، ولم تكن هناك ميزانية تدعم صعود الفريق إلى الدرجة الأولى، ومن ثم جاءتني الفرصة لتولي القيادة الفنية لمنتخب مالي الأول وقبلتها، ﻷنني في داخلي شخص يحب السفر والاختلاط بثقافات مختلفة وجنسيات أخرى، ومنحني التدريب هذه الفرصة.
وفي الكونغو مع مازيمبي، سعيت إلى تجربة جديدة في دولة كبيرة، ونلت الفرصة لمواجهة الزمالك وسموحة في دوري أبطال أفريقيا في مصر، ورأيت أن مصر دولة رائعة، وقلت لنفسي بعد التتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا، سأقضي 6 أشهر في مصر مع وادي دجلة، ولكنها لم تكن فترة كافية للتعرف على حضارة وثقافة مصر، ولكن خطوة بخطوة، وأسبوع بعد أسبوع ومع النتائج الطيبة عرض علي رئيس النادي الاستمرار لفترة أطول بعقد جديد.
ولكن كيف تعاملت مع تحذيرات السفارة الفرنسية من العمل والإقامة في مصر؟
العالم أجمع في خطر الآن، ليست مصر فقط، ولقد كنت في مالي وقت الحرب، وفي الكونغو بعد ذلك حيث مات مليون شخص خلال سنوات قليلة، وكان هذا الوضع خطير أيضًا.
أنا أشعر بالأمان في مصر، والأمن هنا رائع، وفي الحقيقة أود أن أهنئ الدولة هنا على ذلك، ﻷننا نشعر بالأمان حيثما ذهبنا. في هذه الأيام تحديدًا من الخطر أن تعيش في أوروبا أكثر من مصر، وبالنسبة لي نحن نعيش في عالم حزين، ﻷن هناك أشياء سيئة تحدث، ولكني سعيد لأننا نملك رسم البسمة ومنح السعادة لأولئك الذين يشاهدون مبارياتنا.
هزمت الأهلي في مفاجأة كبرى فهل لديك طموح للمنافسة على مركز متقدم؟
أعتبر الدوري المصري الأقوى في أفريقيا، والأهلي والزمالك هما الأفضل في أفريقيا، بالإضافة إلى مازيمبي الكونغولي، وإنهاء الموسم في المركز الثالث في مصر أمر رائع بالنسبة لي، ويساوي الحصول على بطولة في دوريات أخرى، ﻷن المنافسة هنا قوية جدًا. وتصعب المنافسة جدًا مع أندية مثل الأهلي والزمالك، ﻷنهم منذ سنوات طويلة لديهم الخبرة والقوة، ولكن إذا استطاع وادي دجلة أن ينافس مع سموحة والإسماعيلي على المراكز المتقدمة كالثالث والرابع والخامس في كل عام، فإننا بعد 5 أو 6 أعوام قد ننال الفرصة لمنافسة الأهلي والزمالك على القمة.
ولكن يجب أن نكون واقعيين الآن، وبالطبع لا يجب التوقف على الحلم، ﻷن ما قدمناه أمر رائع، هزيمة واحدة في آخر 19 مباراة، والأهلي فقط تفوق علينا في النقاط، وكان لدينا أقوى دفاع، فلم نستقبل سوى 9 أهداف، ولدينا حارس مرمى رائع، عصام الحضري، أنا فخور به، رغم كبر سنه إﻻ إنه شاب بدنيًا وفنيًا ويتدرب بشكل كبير. ترددت شائعات عن وجود مفاوضات سابقة بينك وبين الأهلي وحاليا مع الزمالك ما الحقيقة؟
عندما كنت مديرًا فنيًا لمازيمبي الكونغولي، تفاوض الزمالك معي، ولكني لم أكن أرى أنه الوقت المناسب للرحيل، وأعتقد أن الأهلي والزمالك يملكان فريقين رائعين، والأهلي يملك مدير فني قدير، والزمالك ومعه الأهلي يملكان من الاحترام ما يكفي لكي لا يتفاوض أحدهم معي خلال فترة سريان عقدي مع دجلة وقبل مواجهات مهمة هذا الموسم.
وماذا عن وجودك مع الهولندي مارتن يول في الدوري المصري هل يضيف لكرة القدم؟
أعتقد أننا كنا هنا لكي نضيف لكرة القدم المصرية، ومارتن يول مدير فني كبير، وكان يتولى القيادة الفنية لفرق عريقة في أوروبا، وعلى المستوى الخططي هو مدرب رائع، وعندما يكون هناك مدربين من هذا القبيل في الدوري فإن مستوى الفرق يرتفع، وأتمنى التوفيق للفرق المصرية في المنافسة على البطولات الأفريقية، ليس فقط الأهلي والزمالك.
ومن تراه الأكثر استحقاقاً للانضمام لمنتخب مصر من ﻻعبي وادي دجلة؟
وادي دجلة لديه 3 مدافعين رائعين هم رجب نبيل، وأحمد العش، ومحمود علاء، وهذا يفسر لماذا نملك أفضل دفاع، وأعتقد أن المدير الفني لمنتخب مصر من الممكن أن يهتم بوجودهم في منتخب مصر ﻷنهم صغار في السن ويستطيعون إفادة منتخب مصر.
وماذا عن تجربة الفرنسي فلوران مالودا هل ستتكرر؟
بالفعل كنا نعمل التعاقد مع لاعبين كبار ومميزين، وتجربة مالودا قابلة للتكرار .
وفي رأيك هل يتأهل منتخب مصر مع هيكتور كوبر إلى مونديال روسيا 2018؟
أنا متفائل بوجود هيكتور كوبر مديرًا فنيًا لمنتخب مصر وأعتقد أنه يستطيع الفوز بكأس الأمم الأفريقية والتأهل إلى نهائيات كأس العالم.
وما رأيك في الثنائي محمد صلاح ومحمد النني مع روما الإيطالي وأرسنال الإنجليزي؟
لاعبان رائعان، ولا يمكن القول أكثر من ذلك.
كيف استقبلت خبر سقوط الطائرة المصرية القادمة من باريس وما تعليقك؟
هذا الأمر يمكن أن يحدث، وأنا حزين من أجل البلدين "مصر وفرنسا"، لقد كانت كارثة، ولكني كما ذكرت نحن نعيش في عالم حزين الآن، وفي نفس الوقت علينا أن نستمتع كل يوم. وهذا لن يغير وجهة نظري في مصر كما تعلم، أشعر بالود من الشعب المصري، وأحببت أسلوب الشعب المصري والجو العام في مصر، وحزين في الوقت الحالي ﻷن الدولة تعاني من قلة عدد السياح الذين يأتون لزيارة هذا البلد الرائع، وهذا الأمر الوحيد الذي يجعلني حزين، ﻷن هناك أماكن كثيرة رائعة في مصر تستحق الزيارة. أحببت أسلوب الشعب المصري، وحضارته الرائعة وفخره بها، هو شعب قوي وفي نفس الوقت ودود، ولقد منحوني السعادة خلال إقامتي هنا، وأود أن أقول شكرا للشعب المصري على ذلك.