تمر الثورة السورية بأصعب مراحلها منذ أن بدأت من خمس سنوات بعد فقدان حلب أبرز معاقل المعارضة المعتدلة في ظل القصف العنيف التي تعرضت له من جانب روسيا ونظام بشار الأسد وبمعاونة الميليشيات الشيعية من عدة دول.
من يتحمل ما حدث؟ وإلى متى يتعثر الحل السياسي؟ ولماذا يصمت المجتمع الدولي على ما يحدث؟ كلها تساؤلات يجيب عنها أحد أذرع الثورة السورية السياسية هيثم المالح عضو الائتلاف الوطني السوري للمعارضة وقوى الثورة.
واتهم النظام السوري بعدم جديته بحل سياسي وفق قرارات الأمم المتحدة ، ووصفه بالنظام المارق . مزيدا من التفاصيل في نص الحوار .
خسائر بشرية تربو من مليون شخص ومادية زهاء ثلاثين تريليون دولار، نتيجة استمرار الأزمة السورية، من يتحمل مسؤولية تراجع الثورة؟ وإلى أين تصل؟
أولا الرحمة لشهدائنا والشفاء لجرحانا والنصر قادم للثورة السورية مع جسامة التضحيات، لكن من حيث المبدأ الحقيقة من بداية الثورة كان الوضع العسكري يميل لصالح الثوار بغض النظر عمن يواجهونها، ولكن تصد لها قوى عديدة.
أول قوة تدخلت في سوريا هي إيران وتوابعها من حزب الله وفصائل عراقية وفصائل أفغانية ومن كل البلاد، ودخلت إيران في سوريا على أساس طائفي بحت.
ثانيا روسيا وقفت إلى جانب النظام وقفة كاملة تتعلق باستعمال حق النقض في مجلس الأمن، والمؤسف أن الاستعمال الأخير للفيتو كان مزدوجا صينيا روسيا، ضد المشروع الفرنسي الذي طالب بإحالة الجرائم المرتكبة في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية، ما يعني إحالة مرتكبي الجرائم من المعارضة ومن النظام ومع ذلك وقف الروس والصينيون ضده ، وهذا شائن ومعيب.
وكل ذلك في مقابل تدخل روسيا بقوة وإنشاء قواعد عسكرية في سوريا بصورة غير صحيحة ومخالفة للقانون الدولي ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة.
لماذا غض العالم غض الطرف عن السلوك الروسي في سوريا، والمذابح ضد المدنيين؟
أعرف أن العالم غير موجود أصلا وأعتقد أن فكرة وجود مجتمع دولي عبارة عن كذبة كبيرة، المجتمع يكون متماسكا وله استراتيجية وله رؤية معينة، لايوجد في المجتمع الدولي – إن صحت التسمية- ما ينم عن وجود استراتيجية معينة فيما يتعلق بالكارثة الإنسانية التي حلت بسورية.
في سوريا الآن 4 ملايين بيت مدمر ، ولدينا تقريبا 14 مليون سوري خارج بيوتهم، و5 ملايين لاجئ خارج سوريا والباقي ما زال داخل البلد ولكن في شتات، ولدينا أكثر من 75% من المستشفيات مدمرة، وأكثر من 1200 مسجد، و46 كنيسة دمرت ، بجانب 4500 مدرسة مدمرة، و3 ملايين طالب خارج التعليم في سوريا ، هذه كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة.
هذه الكارثة الإنسانية تستحق حلا سياسيا لإنهائها ، فلماذا تعثر الحل السياسي منذ 2012 ؟
السبب النظام ليس من الآن، بل منذ زمن بعيد لو كان النظام لديه رغبة أن يجنب البلاد هذه الكارثة لفعل منذ زمن وليس الآن، أنا شخصيا أرسلت لبشار الأسد ثماني رسائل، ووضعت أمامه رؤية قانونية لمستقبل حقوق الإنسان لكنه رفض اتخاذ أي إجراء في هذا الموضوع.
أول رسالة أرسلتها له بعد تسلمه المنصب وهو تسلم غير شرعي في رأيي .
بعد تسلمه المنصب بخمسة أشهر قدمت له مذكرة من صفحتين تتضمن خمس ملفات مهمة، لو فعل أي خطوة كنا تجنبنا الكوارث، وأنا شخصيا التقيت بمعظم القيادات الأمنية العالية المستوى وكذلك وزراء مهمين جدا في الدولة ، ولكن لم يكن هناك رؤية من جانب النظام لإجراء أي حل يحفظ كرامة الناس وحقوقهم ، وبالتالي بدأت الثورة في 2011.
الثورة كانت سلمية 100 % وبشار الأسد اعترف بذلك في الأشهر الأولى ، بالتالي من فرّط بالبلد هو النظام الذي دفع الناس للتسلح للدفاع عن أنفسهم.
في 2011 فقدنا 25 ألف شهيد في سوريا، قتلهم النظام من غير مبرر، عبارة عن مظاهرات سلمية في الشوارع وواجه النظام تلك المظاهرات بالرصاص ، ولكن من المنطقي إن كان هناك صراع على السلطة قد يحصل قتل في أي مكان في العالم ، لكن النظام سلك سلوكا بشعا، بأن يدخل الجيش والأمن إلى بيوت الناس ليكسروا النوافذ حتى تبرد الناس وتمرض، ثم خلطوا المواد التموينية حتى الناس لا تستفيد من مؤنها، وأطلقوا الرصاص على خزانات المياه حتى تفرغ من الماء.
في 2012 بدأت عمليات تسلح خفيفة ، بدأ الناس يتسلحون أسلحة خفيفة ومتوسطة للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم ، لكن النظام كان قد نشر في 2011 ستة آلاف دبابة على الأرض عندما كانت مظاهرات سلمية ، بالتالي النظام ليس لديه شيء يقدمه غير القتل.
ما سبب تعثر مبادرات جنيف؟
في جنيف 1 خرجت مبادرة كوفي عنان ، التي تتضمن ست نقاط منها أربع نقاط سموها ببناء الثقة ، تتضمن وقف القصف، وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح للمظاهرات السلمية .
هذه النقاط الأربعة رفض النظام تنفيذها منذ جنيف1 وحتى الآن، أهم نقطة في مبادرة كوفي عنان هو تشكيل هيئة حاكمة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية وكذلك النظام رفضها .
أنا شاركت في جنيف2 وكان رئيس الوفد المفاوض السوري بشار الجعفري ، وهو بمركز السفير في الأمم المتحدة الذي كان لا يملك سوى الشتائم والاتهامات بأننا ونتلقى التعليمات من الخارج لم يكن لديه إلا بند واحد " مكافحة الإرهاب".
أما موضوع تشكيل هيئة حاكمة انتقالية فهذا رفضه النظام ، مع العلم أننا في جنيف2 قدمنا مذكرة من 23 بندا ، واعتبر الأخضر الإبراهيمي المذكرة إيجابية للمناقشة ، لكن النظام رفض مجرد دراستها، وبالتالي النظام ليس لديه شيء يقدمه للحل السياسي، فانتهج الحل الأمني فقط .
لماذا حملكم النظام عرقلة جنيف4 حين طالبتم أن تتم المفاوضات حول المرحلة الانتقالية وفق قرار الأمم المتحدة 2254 ؟
هذه لم تكن شروطنا ، ولكن قرار مجلس الأمن، الذي قال إن هذه بنود فوق التفاوضية، على النظام تنفيذها بغض النظر عن نتائج المفاوضات، لدينا الآن في سوريا تقريبا مليوني إنسان محاصرين، يعني مهددين بالموت جوعا ، هذه جريمة حرب لوحدها.
قرار مجلس الأمن كان بإيصال مساعدات بغض النظر عن المفاوضات ولكن مجلس الأمن لم يستطع تنفيذ قراره، ولا الأمم المتحدة، والنظام السوري كان فاسدا قبل الثورة، وتحول بعد الثورة إلى مارق، ورفض قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن والجامعة العربية، إذن التفاوض مع إنسان أو مع جهة ليس لديها أي اهتمام بالقانون الدولي والقرارات الدولية غير مجدي.
بشار الأسد قال إن الوفد المفاوض لايملك سوى بند واحد هو" تشكيل حكومة مشتركة من المعارضة ومن السلطة "، وهذا كلام مرفوض شكلا وموضوعا، بشار الأسد وطاقم حكمه ارتكبوا جرائم حرب ضد الإنسانية، يجب أن يحاكموا عليها، ولاسلام من غير عدالة.
بشار الجعفري حتى الآن لا يصلح أن يكون مفاوضا لأنه لا يملك روح التفاوض.
كيف يكون غير صالح للتفاوض؟
بغض النظر عن القرار الذي يدافع عنه فهو لا يملك إلا الشتائم، ف بشار الجعفري في الأمم المت حدة يتمتع بنبرة عالية جدا في توجيه الاتهامات لكل الخصوم سواء كان خصومه سياسيين أو ممثلي دول، فهو لايملك شيئا ولا رؤية، ولا صلاحيات أساسا، فعلى على ماذا تتفاوض في هذه الحالة.