"لمصلحة من تريد الحكومة إغراق زراعة قصب السكر".. سؤال وجهه مزارعو محافظة قنا للمسؤولين عن معانتهم السنوية، فيما أسموه بتجاهل الحكومة لمأساتهم التي تبدأ مع زراعة المحصول وحتى حصاده ونقله إلى مصانع السكر. أحمد أبو الوفا، نقيب الفلاحين بقنا قال لـ "مصر العربية": هذه الزراعة القومية التي تعد محور اقتصادي كبير للبلاد مؤكدًا أن هناك حالة غضب كبير من قبل مزارعي القصب ويطالبون برفع سعر طن القصب إلى 800 جنيه بدلا من 400 في ظل غلاء الأسعار التي تشهدها البلاد. وأوضح عدد من مزارعي القصب لمصر العربية أن هناك عزوفًا عن زراعة القصب هذا العام، نتيجة تراكم الديون عليهم لدى البنوك والتي بدورها تهددهم بالحبس، لتدخل أزمة جديدة تعصر أحلامهم التي ينتظر جني ثمارها خلال العام، وهي اختفاء وارتفاع أسعار السماد.
وقال أحد المزارعين: لـ "مصر العربية": "الحكومة ناوية تخلص على ما تبقى من زراعة القصب لتلحق بخراب القطن وتمد أيدها للسوق الخارجي اللي بيكلفها ملايين سنويًا لإرضاء رجال الأعمال والمزارع الشقيان يشيل الطين".
ومن المقرر أن يبدأ موسم توريد القصب لمصانع السكر الثلاثة بمحافظة قنا خلال هذا الأسبوع، والذي يشهد تدشينه محافظ قنا وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية، بإنتاجية وصلت العام الماضي 119 ألف فدان مساحة مزروعة بالقصب.
يقول محمد عبد الرحيم، مزارع قصب بقنا: إن المزارعين لجأوا هذا الموسم إلى شراء الأسمدة من السوق السوداء بفارق سعر 1330 جنيه لطن السماد، مما يتسبب لهم في أزمات مادية كبيرة تجبرهم علي زيادة قروضهم من بنوك التنمية والائتمان الزراعي.
وأشار إلى أنَّ البنوك ستقوم بدورها بزيادة الفوائد خصوصًا ومع امتناع مصانع القصب من شراء المحصول بالأسعار الجديدة بعد زيادة الطن ليصل إلى 500 جنيه بدلاً من 400 جنيه علي حد قوله، لافتاً إلى أن هذه كارثة أخرى بسبب قرار تتخذه الحكومة وتتراجع فيه يكون بمثابة خراب على رأس المزارع.
وأضاف أن المزارع منذ 3 سنوات يحصل على نصف كمية السماد فقط التي يحتاجها المحصول وأحيانًا يتم تسليمها في آخر الموسم، وبعد نمو المحصول يضطر المزارع إلى اللجوء لشراء السماد من السوق السوداء بأضعاف سعره، وأيضًا تأخير صرف مستحقاته من شركات السكر مما يعد عبئًا جديدًا على مزارع القصب الذي يحتاج لمصاريفه الأسرية وإعادة زراعة المحصول.
وأكد محمود سند، مزارع قصب، أن مسؤولي الجمعية يقومون ببيع الاسمدة لتجار السوق السوداء- على حد قوله- مقابل مبالغ مالية يحصلون عليهم منهم، مضيفا أن هناك عشرات المزارعين سيقوم ببيع محصولهم هذا العام لعصارات القصب الموجودة بالمحافظة وخارجها.
وأضاف سند إن اختفاء السماد وارتفاع سعره سيكون كارثة محققة ستحل علي موسم الزراعة الصيفية مثل القمح والذرة والموز وخلافه، مشيرًا إلى أن تخبط الحكومة في قراراتها ستجبرنا على الانصراف عن زراعة محصول القصب، وهذا ما قرره العديد من مزارعي القصب في قنا بدءًا من الموسم القادم ومنهم من توقف خلال هذا العام.
وأوضح أحمد محمود، مزارع بنجع حمادي، أن هناك زيادة في تكاليف محصول القصب، حيث وصلت يومية العامل إلى 100 جنيه، وتجاوزت مصاريف العربات التي تنقل المحصول إلى 1500 جنيه حتى تصل إلى المصنع مع وجود زيادة في الأموال المقررة "ضريبة الأراضي الزراعية " من 40 إلى 400 جنيه.
وبيَّن أن خطوط "الديكوفيل" التي تمر عليها العربات المحملة بالقصب التابعة لشركة السكرغير صالحة، وفي معظم الأوقات نجد العربات "مقلوبة" في الطريق، ويتحمل المزارع وحده مصاريف شحنها مرة أخرى، دون دفع تعويضات له من شركة السكر.
من جانبه تساءل أحمد أبو الوفا، نقيب الفلاحين بقنا ، قائلاً: "لمصلحة من تريد الحكومة إغراق هذه الزراعة القومية التي هي محور اقتصادي كبير للبلاد"؟، لافتاً إلى أن هناك حالة غضب كبير من قبل مزارعي القصب ويطالبون برفع سعر طن القصب إلى 800 جنيه في ظل غلاء الاسعار التي تشهده البلاد.
وأوضح ابو الوفا، أن هناك عقود مبرمة مع مصانع السكر تؤكد أن تكلفة نقل محصول القصب علي الجرارات وخطوط الديكوفيل يتحملها المصنع، لكن الحقيقة غير ذلك فالمزارع يتحمل ما يزيد عن 30 جنيها تكلفة نقل الطن من ارضه الى المصنع، مبيناً انه سترتفع مع هذا الموسم بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وناشد نقيب الفلاحين، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والنواب بالعمل علي حل أزمات المزارعين الوقوف بجوارهم وتحقيق مطالبهم، حتي لا يأتي اليوم ولا نجد من يزرع القصب في الصعيد نهائياً، وهذا ما بدأ يحدث من اتجاه البعض لزراعة المانجو والموز وترك القصب بسبب الخسائر التي يتحملها.
ونظّم المئات من مزارعي القصب ، الخميس ، مؤتمرا في مدينة أبوتشت شمال قنا، بحضور النائبة سحر صدقي، وعدد من كبار المزارعين في قنا، لمطالبة الحكومة برفع سعر طن القصب إلى 800 جنيه، مشيرين إلى أنهم سوف يمتنعون عن توريد محصول هذا العام حال عدم الاستجابة.
وانتقدت النائبة سحر صدقي ،موقف المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء من مزارعى القصب بالمحافظة، موضحة أن عدم تحريك سعر توريد القصب السكر لشركات قطاع الأعمال العام بسعر عادل سيضطر بعشرات الآلاف من المزارعين لهجر زراعة القصب.
وأشارت الي أن ذلك سينعكس بالسلب على توافر السكر فى الموسم القادم بسبب "ضيق الأفق الحكومى تجاه تحريك السعر، وخاصة بعد تحرير سعر صرف الدولار وزيادة أسعار السولار، ما أدى إلى زيادة تكلفة زراعة الفدان".
وحمّلت صدقى، رئيس الوزراء التأثيرات السلبية لزراعة قصب السكر، لتشدده في عدم تحريك الأسعار، وإصراره على التحامل على المزارعين، بما يضر بالصالح العام ويتسبب في انخفاض إنتاج مصر من السكر مستقبلًا.
وأوضح المزارعين خلال المؤتمر ، إن فدان القصب يكلف 21 ألف جنيه على المزارع المستأجر، و17 ألف جنيه لمالك الأرض، موضحين أن 500 جنيه للطن لا تغطي تكاليفه وأنهم سيتكبدون خسائر تجعلهم يفرون من زراعة القصب مرة أخرى.
من جانبه قال جمال فريد المتحدث باسم نقابة مزارعي القصب بقنا،إن تكلفة فدان القصب حتى وصوله لمصانع السكر وصلت إلى 21 ألف و400 جنيه كالآتي: 2100 جنيه حراث وتجهيز، و1500 جنيه تقاوي، و1500 جنيه سماد بلدي، و1800 جنيه عزيق، و1200 جنيه سماد كيمائي، و500 جنيه مبيد حشائش، و500 جنيه تربيط القصب، و2000 جنيه ري، و6000 جنيه جمع المحصول، وإيجار فدان بالنسبة المستأجر 4000 جنيه، مصاريف نثرية 300 جنيه.
وأضاف فريد أن انتاج الفدان يبلغ 45 ألف جنيه في ذروة انتاجه، 45 طن في سعر الطن الجديد 500 جنيه يعطي قيمة 22 ألف و500 جنيه، مطروحا من تكلفته 21 ألف و400 جنيه، يعطي هامش ربح 1100 للمزارع خلال عام كامل.