أثارت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى باقتراح ببيع المستشفيات التكاملية ضجة إعلامية كبيرة حيث إن هذه المستشفيات تعد أصولًا وممتلكات للدولة يجرم الدستور المصرى بيعها، فهى أحد أهم أركان البنية التحتية بالبلد، ونظرًا لأن حق الصحة حق أصيل للمواطن المصرى كما نصت المادة 18 بالدستور على أنه "لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل. ".
تستعرض مصر العربية القصة الكاملة لملف المستشفيات التكاملية لمعرفة دورها وأهميتها و السبب الرئيسي من إنشائها، والأسباب التي أدت لمطالبة رئيس الجمهورية بعرض بيعها.
رئيس الطب العلاجى السابق "التكاملية" أنشأت عام 1996 بهدف تقليل الضغط عن المستشفيات العام"
قال الدكتور " هشام شيحة" رئيس قطاع الطب العلاجي السابق بوزارة الصحة، إننى كشاهد عيان مسؤول عن فترة توليت فيها مناصب قيادية في الطب العلاجي قاربت على سبع سنوات، إن ملف المستشفيات التكامل ملف شائك " فقد بدأ إنشاء هذه المستشفيات في تسعينيات القرن الماضي وتحديدًا فى عام 1996 في عهد الدكتور اسماعيل سلام وزير الصحة، الأسبق وكأي تجربة جديدة لابد أن يكون لها ايجابيات و سلبيات وكان الهدف منها تخفيف الضغط على المستشفيات العامة والمركزية، وتقديم الخدمات الصحية للمواطنين في الريف.
وأضاف " شيحة"، فى تصريحات خاصة لـ مصر العربية، أنه في عام 2006 توليت العمل مديرًا عامًا لمستشفيات وزارة الصحة في عهد الدكتور حاتم الجبلي، ثم وكيلا ووكيل أول وزارة حتى عام 2012، قمت أنا وزملائي بعمل دراسة علمية وافية عن هذه المستشفيات التي كانت تعاني من صعوبات كبيرة في التشغيل أخصها عدم توافر القوى البشرية لتشغيلها وقد بلغ عدد هذه المستشفيات 544 مستشفى منها 109 كانت تحت الإنشاء وذلك بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية علما بأن عدد كبير من هذه المستشفيات تبرع بالأرض وساهم في الإنشاء أهالي كل منطقة، وتم إعادة تأهيل أكثر من ستين مستشفى للعمل كمستشفي مركزي ب بطاقة سريرية تتراوح من 25-50 سريرًا.
وأكمل" شيحة"، معظم هذه المستشفيات تقع في قرى كبيرة أو مدن صغيرة، وتركزت في محافظات "الدقهلية والغربية والبحيرة والشرقية والمنوفية وكفر الشيخ" بالنسبة للوجه البحرى، وكذلك في "أسيوط وسوهاج والمنيا وقنا "من محافظات الوجه القبلي، وكلها محافظات تتميز بالكثافة السكانية الكبيرة.
باقي هذه المستشفيات تم البدء في تشغيلها كمراكز طب أسرة لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية بالإضافة إلي الخدمات العلاجية البسيطة في تخصصات الجراحة العامة والتوليد والباطنة العامة، وتم تحويل بعضها لمستشفيات الجلدية والنفسية ومدارس التمريض.
واستطرد " شيحة"، أن هذه المستشفيات طرح بعضها للبيع فى عامى 2008 و 2009 ، ولكن هذا القرار لم ينفذ لمخالفة القانون ببيع الأصول، ولأن القانون يسمح فقط بالإيجار أو حق الانتفاع بشرط أن يكون النشاط له علاقة بالخدمات الصحية وأن تقدم خدمات الطوارئ مجانا وتخصيص نسبة حوالي 40 %على الأقل للعلاج المجاني من الأسرة، ويمكن السماح للأطباء باستخدام العيادات الخارجية للمستشفى للعمل بأسمائهم في الفترة المسائية نظير أجر في متناول المرضى.
وأشار " شيحة"، إلى أنه بعد قيام ثورة يناير لم يعد ملف "مستشفيات التكامل" ضمن الأولويات وذلك للظروف التي تمر بها البلاد.
وزير الصحة: "ملف المستشفيات التكاملية شائك وحاتم الجبلى رفض الإطلاع على تفاصيلها"
قال الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان خلال اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب، أثناء مناقشة ملف المستشفيات التكاملية، إن عدد مستشفيات التكامل المٌتبقية حاليا وغير المستغلة تبلغ 377 من أصل 514 مستشفى تم إنشاؤهم فى التسعينيات، حيث صدر قرارات إزالة لبعضها وتحويل بعضها إلى مستشفيات مركزية "ب".
وأضاف" عماد الدين"، أن متوسط التكلفة لتجهيز المستشفى الواحدة وتحويله إلى مستشفى مركزي كامل الخدمات، يقدر بحوالى 30 مليون جنيه تقريبا، وأنه هناك تصورا تم وضعه بشأن هذه مستشفيات التكامل منذ سنة بتوجيه المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لكن لم يتم اتخاذ قرار فيها بعد.
وأكمل "عماد الدين"، أن ملف المستشفيات التكاملية شائك ومخيف وبه بنود مالية كثيرة وأنه عندما تولى الوزارة كان لا يعلم شيئا عن هذا الملف وعندما أطلعت على الملف "جالى صدمة" حسبما جاء فى تعبيره.
وتابع "وزير الصحة، أننى عندما طلبت من د. حاتم الجبلى الوزير السابق، الحضور للاستماع إليه بشأن هذا الملف رفض، ولفت وزير الصحة، إلى أن هناك ٩٥ مستشفى يعمل كمركز طب الأسرة، قائلا إنهم "شغالين ولكن بطريقة ملهاش علاقة بالطب" فالحضانات إلى جانب وحدات غسيل كلى ومستشفيات أخرى تُستغل كعلاج طبيعى، فكيف يتم ذلك، فلا يوجد قانون طبي يسمح بهذا.
واستعرض عماد، عددًا من السيناريوهات للاستغلال الأمثل لها وفي مقدمتها تشغيل بعض المستشفيات من قبل وزارة الصحة، ونقل إدارة بعض المستشفيات لمؤسسة أخرى تابعة للوزارة للاستفادة منها تأمين صحى، وإنشاء شركة إدارة مستشفيات بين جهات أخرى ووزارة الصحة لإدارة جزء من هذه المستشفيات، والتعاون مع المؤسسات والجمعيات الخيرية لتمويل البنية الأساسية والتجهيز لإعادة التشغيل.
وقال عماد، إن السيناريوهات شملت تشغيل بعض المستشفيات عن طريق مساهمات رجال الأعمال بالمحافظات فى التجهيز والتشغيل ومشاركة الوزارة مع القطاع الخاص بالتعاون مع وزارة الاستثمار، لافتًا إلى إلى أن القوات المسلحة رفضت تولى هذه المستشفيات.
لجنة الصحة بالبرلمان: نرفض خصخصة المستشفيات التكاملية والمشكلة تكمن فى سوء الإدارة
رفضت لجنة الصحة بالبرلمان خصخصة مستشفيات التكامل أو مشاركة القطاع الخاص، مع استمرار تبعيتها لوزارة الصحة.
وقال النائب هيثم الحريرى، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب: "الحكومة فاشلة وتضع البرلمان فى المصيدة، وذلك لعدم قدرتها على إدارة ملف مستشفيات التكامل، والمشكلة تكمن فى سوء الإدارة وليس الإمكانيات مادية".
وأضاف" الحريرى"، أرفض المشاركة مع القطاع الخاص فى أى مجال سواء فى الصحة أو التعليم وغير منطقى أن نعطى جزء من المستشفيات للجيش وأخرى للشرطة، واقترح أن تمنح هذه المستشفيات لوزارة الصحة لإدارتها".
الحق فى الدواء: مطالب السيسي ببيع المستشفيات غير دستورية
قال محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصري لحماية الحق فى الدواء، تعليقًا على مطالب الرئيس السيسى ببيع المستشفيات التكاملية نتيجة عدم الانتفاع بها، إن هناك مواد دستورية وهي المادة ١٨ و ٣٣ تمنع التصرف في أصول الدولة، وما قاله السيسي لا يستند لأي قانون أو الدستور.
وأضاف " فؤاد"، في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن اقتراح الرئيس سواء كان هذا متعمدًا أم لا هو بذلك يفتح الطريق أمام خصخصة الصحة، وهذا لم يستطع فعله أي نظام سابق رغم وجود توصيات عديدة منذ سنة ١٩٨٥ للبنك الدولي ثم ١٩٩٥ هيئة المعونة الأمريكية"، طالبت برفع الدعم عن الخدمات الصحية وتحرير إدارتها لصالح القطاع الخاص، وكانت هناك محاولات بذلها الحزب الوطني في وقت سابق لصالح خصخصة هذا القطاع حتى تصل قوتها إلى ٦٠٪ من مجمل القطاعات الصحية مملوكة له.
وأكد، أنه لابد أن تكون هناك وقفة للبرلمان ولا يترك الموضوع حسب أهواء الرئيس، فالصحة حق كفلها الدستور الذي لم يمر عليه بضعة سنوات.