معارك ضارية لم تدر رحاها هذه المرة كما جرت العادة في ميادين القتال، لكنها اشتعلت بين أقدام اللاعبين على العشب الأخضر وفي أروقة الغرف المغلقة للمسؤولين عن الكرة لعقد صفقة مع لاعب أو لتأليب الجماهير على حكم ما أو حتى لمناكفة نادٍ آخر من أجل المناكفة فحسب.
مر العام 2016 الكروي بأحداثه المتلاحقة التي لم تهدأ أبدًا، آمال كبيرة تعلَّقها الجماهير على أحفاد الفراعنة الذين يحملون على أعناقهم حلم بلوغ كأس العالم الذي غبنا عن الظهور فيه منذ 26 عامًا.. في غمرة تلك الأحداث بزغ نجم لاعبين عانقوا السماء حتى حجزوا لأنفسهم مكانًا محل النجوم يشار إليهم بالبنان، ويشتاق الناس إلى معانقة الكرة لأقدامهم في أمسياتهم على المقاهي وفي البيوت، وآخرون وقعوا عقودًا مع دكة الاحتياط فلم يبرحوها، وعلى خط التماس قادت تعليمات وصيحات بعض المدربين إلى احتلال مكانة تليق بقدرهم في قلوب جماهير أنديتهم، والبعض بات ليلته في نادٍ ما وأصبح في آخر.
تلاحقت المباريات وتوالت المواجهات العنيفة، ولم يكن "استاد مصر العربية" بعيدًا عن أي منها، كنَّا هناك في أوروبا نرصد الأرقام الفلكية لصفقات اللاعبين، والصراع المحتدم بين الأسطورتين ليونيل ميسّي وكريستيانو رونالدو، وفي آسيا كنَّا في القلب من بطولاتها، وهنّا في مصر لم نغب لحظة عن متابعة ورصد وتحليل كل مباراة وكل لعبة.
وأجرى "استاد مصر العربية" سلسلة من الحوارات مع المدربين خلال 2016، منها هذا الحوار.
---------
أثار قرار رحيل الهولندي مارتن يول، المدير الفني السابق للأهلي، جدلاً كبيرًا في الوسط الرياضي وهو القرار الذي سبقته أحداثًا ساخنة، وجاءت اعتداءات الجماهير في مقدمتها عقب خروج الأهلي من دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أفريقيا، إثر التعادل مع زيسكو الزامبي 2-2 في السويس.
ويتحدث مارتن يول للمرة الأولى منذ رحيله عن الأهلي في حوار خاص لـ"استاد مصر العربية" عن كواليس الساعات الأخيرة قبل الرحيل ويكشف أسرار القلعة الحمراء في زمن العجوز الهولندي. في البداية، أين مارتن يول الآن؟ بعد رحيلي عن القاهرة عدت إلى هولندا لزيارة أحفادي والآن انتقلت إلى بيتي في العاصمة الإنجليزية لندن، حيث أعيش رفقة أسرتي الصغيرة. وهل تمتلك عروضًا جديدة للتدريب بعد الرحيل عن الأهلي؟
تلقيت عروضًا قليلة بعد رحيلي عن القيادة الفنية للأهلي، ولكن بعد دراستها رفضت الدخول في تجربة جديدة الآن، وفضلت الحصول على قسط من الراحة مع عائلتي وأصدقائي، وأن أشاهد كرة القدم كمشجع شغوف وسأتابع رمضان صبحي مع ستوك سيتي على سبيل المثال، وسأحضر تدريبات بعض الأندية الأخرى.
وماذا عن نادي آدو دن هاج الهولندي وانطلاقته هذا الموسم؟
دن هاج نادي المدينة التي ولدت فيها، وأنا عضو مجلس إدارته ومختص بكل ما يتصل بكرة القدم وتحديدًا الفريق الأول هناك، بدايتنا في الدوري الهولندي جيدة هذا الموسم، وكل الجماهير في مدينتا راضية عن الأداء منذ بدء الدوري. وهل سينافس ناديك على لقب الدوري الهولندي؟ المنافسة على لقب الدوري الهولندي هذا الموسم تنحصر بين أياكس أمستردام وأيندهوفين، ولكن الأخير لديه أفضلية في المنافسة كونه بطل نسخة الموسم الماضي، أما فينورد فسيكون الحصان الأسود لهذا الموسم، ونحن بعيدون عن اللقب.
لنذهب إلى الأهلي، هل كان خلافك مع شركة التأمين على حياتك من أسباب الرحيل؟ أولاً أنا لا أملك بوليصة تأمين على حياتي، وثانيًا مصر كانت ولا تزال بالنسبة لي واحدة من البلدان الأكثر أمنًا من بين البلدان التي عشت فيها طوال حياتي، لقد أحببت الحياة في مصر، وسأظل واحد من أكبر عشاق مصر طوال عمري. وهل انتقدت بعض اللاعبين في تقريرك الفني قبل الرحيل كما أشيع؟ لم يكن هناك أي تقرير أصلاً، ولم يكتب أي شخص في جهازي الفني ورقة واحدة عن اللاعبين أو الجهاز المعاون، وبالتأكيد أنا لم أكتب، ولكن هناك بعض الصحف في مصر تريد أن تنشر أشياءً سرية عن تقارير لم تُكتب أصلاً!
وماذا عن اتهامات مجاملتك لحسام غالي؟ مجاملة!؟ حسام غالي مصدر إلهام للجميع داخل النادي الأهلي، وكان أحد أسباب قبولي تدريب الفريق والعمل في مصر، ولا أعرف شيء اسمه مجاملة في عملي، فعندما أكون مديرًا فنيًا فأنا كالقاضي العادل.
وهل تدخل غالي في اختيار التشكيل كما أشيع؟ حسام غالي لم يتدخل ولم يسع إلى التدخل في أي شيء يخص عمل الجهاز الفني أو حتى التأثير على القرارات، ويمكنكم أن تضموا هذه الشائعة إلى الشائعات التي تطلقها قلة من الصحف ذات الخيال الواسع في مصر. وهل كانت الاشتباكات بين الجماهير واللاعبين سببًا في اتخاذ قرار الرحيل؟ لم أكن خائفًا والأمر بالطبع كان مزعجًا، لكنه ليس السبب في رحيلي، لقد كان القرار بالاتفاق بيني وبين معاوني مايكل ليندمان، ورأينا أننا لابد أن نرحل في هذا التوقيت، ولكن ليس بسبب الجماهير. وماذا عن ذكرياتك مع الأهلي ما أبرز المواقف والأحداث التي لن تنساها؟
أفضل لحظاتنا في مصر عندما حافظنا على صدارة الأهلي وبفارق جيد عن الزمالك في جدول ترتيب الدوري، رغم أن مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك حاول الضغط علينا طوال الوقت للتأثير على مسيرتنا، وبالطبع حينما حسمنا لقب الدوري بالفوز على الإسماعيلي 2-1. أيضًا فوزنا على الوداد البيضاوي المغربي في عقر داره بهدف نظيف أعاد لنا الأمل في المنافسة على بطاقة الصعود الأفريقية، والفوز الكبير على روما الإيطالي وديًا بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، لقد كانت تجربة رائعة. وﻻ يمكن أن أنسى الروح الرائعة من جماهير الأهلي والمودة الكبيرة التي لمستها من أعضاء النادي. وكيف ترى احتراف اللاعبين المصريين في أوروبا وبماذا تنصحهم؟ اللاعبون المصريون في أوروبا يجب عليهم التكيف مع الحياة الأوروبية وطريقتها، وكذلك الطريقة المختلفة في حياة لاعب كرة القدم في أوروبا، والتي تختلف عن مصر بشكل كبير، لكن الأزمة أن الجماهير وكذلك الأندية لا تمنح اللاعبين المصريين المحترفين رفاهية الوقت للتكيف مع الحياة الجديدة والعادات والتقاليد المختلف، إنها تمثل للبعض صدمة ثقافية بالاختلاف في العادات والدين والطعام والانضباط وحتى طرق اللعب المختلفة.
وفي رأيك هل يتأهل منتخب مصر إلى نهائيات كأس العالم "روسيا 2018"؟
أعتقد أن منتخب مصر يستطيع التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018، ولكنه إذا حدث ذلك فسيحتاج عدد أكبر من اللاعبين في أوروبا ليصنعوا التغيير.
وفي رأيك من يصنع الفارق من لاعبي منتخب مصر؟ اللاعبون المحترفون في أوروبا مثل محمد صلاح ومحمد النني ورمضان صبحي وأحمد المحمدي سيمكنهم صناعة الفارق مع منتخب مصر. ولكن الأهم من ذلك تطوير منتخب مصر الأولمبي "تحت 21 عامًا"، ودعمه بلاعبين موهوبين موهبة حقيقية، وأعتقد أن النقص في عدد اللاعبين أصحاب المواهب الحقيقية، يكمن في غياب التخطيط "الفردي" أولاً وكذلك عدم وجود مدربين في مصر على مستوى أعلى من الدراسة والتخطيط وهذا ما كنت أنوي تحقيقه في مصر.