قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" اﻹسرائيلية إن مصر سعت لإظهار أنها تستخدم عضويتها في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين من خلال تقديمها لقرار يطالب بتجميد البناء في المستوطنات اﻹسرائيلية، إلا أنّها لم تحصل إلا على الضرر لمصداقيتها بعد سحبها للقرار، وبقي السيسي في أضعف حالاته.
وفيما يلي نص التقرير:
وجهة النظر المصرية في المداولات بشأن قرار مجلس الأمن الدولي ﻹدانة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، لم تكن قوية، ولم تحصل القاهرة من علاقتها بإدارة الرئيس اﻷمريكي المنتخب دونالد ترامب، إلا الضرر على المدى القصير لمصداقيتها.
مصر قدمت مشروع قرار الأربعاء الماضي، قبل سحبه الخميس بعد ضغوط ترامب وإسرائيل، وصوتت لصالحه يوم الجمعة عندما قدمته نيوزيلندا، والسنغال، وفنزويلا، وماليزيا.
صياغة مشروع القانون - الذي نصّ على أن المستوطنات ليس لها شرعية قانونية - كان فرصة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي المحاصر لإظهار دعمه للقضية الفلسطينية الذي يتردد صداه في جميع أنحاء العالم العربي، وهو أولوية بالنسبة لكثير من المصريين.
وقال مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بمدينة غزة :" معظم القادة العرب يحاولون دعم القضية الفلسطينية لمواصلة إضفاء الشرعية على نظامهم في نظر شعبهم، ومثل هذا القرار سيكون شيئًا جيدًا في عيون الناس".
مصر أرادت إظهار أنها تستخدم عضويتها في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين.
القرار كان فرصة للنظام لإظهار أنه يعمل لصالح الفلسطينيين، رغم المشاكل الاقتصادية اﻷمنية بما فيها الهجوم على الكاتدرائية البطرسية قبل أسبوعين التي قتل فيها 25 شخصا.
ولكن كل شيء تغير عندما أعلن ترامب الخميس أن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم حق النقض ( الفيتو) ضد القرار، وبما أن السيسي يعول على دعم ترامب لنظامه المترنح، فهو ببساطة لا يستطيع الذهاب ضد إرادة الرئيس المنتخب.
ولفهم سبب هذا اﻷمر يجب الأخذ في الاعتبار مدى ضعف موقف السيسي، حتى قبل الهجوم على الكنيسة فهو يواجه تحديات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك تدهور العلاقات مع السعودية؛ الراعي الرئيسي للاقتصاد المصري، التي علقت إمدادات الوقود المدعومة إلى القاهرة بسبب زيادة ميل مصر تجاه نظام الأسد وروسيا في الحرب الأهلية السورية.
بجانب المواجهة مع جماعة الإخوان، والعنف في سيناء، ومشاكل الشباب المصري، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة.
وقالت "ميرا تذريف" المتخصصة في الشئون المصرية بجامعة تل أبيب: السيسي حاليا أكثر ضعفا من أي وقت مضى منذ أن أصبح رئيسا".
النقطة المضيئة الوحيدة للسيسي هي انتخاب ترامب، بدلا من كلينتون، التي اتهمها السيسي بدعم الإخوان المسلمين، وكان يشعر بالقلق بسبب مراقبتها لسجل حقوق الإنسان في مصر، ولا توجد مثل هذه المشاكل مع ترامب، الذي دعا خلال الحملة الانتخابية لاستهداف أسر الإرهابيين.
التقى السيسي وترامب في نيويورك في سبتمبر، وأشاد كل منهما بالآخر، ووصف ترامب السيسي بأنه "رجل رائع".
السيسي يضع نصب عينيه المساعدات الاقتصادية التي يحتاجها بشدة بجانب الدعم الدبلوماسي، في حين ترامب ينظر لمصر باعتبارها حليفا رئيسيا في العالم العربي.
والسيسي وبالتأكيد لن يدمر كل هذا، من أجل قرار الأمم المتحدة، لذلك سحبت مصر القرار حفاظا على عطايا ترامب.
ولكن عندما أعيد تقديم القرار صوتت مصر لصالح القرار، مستندة إلى أن تبريرها بأنها بذلت قصارى جهدها عن طريق سحب القرار، وباعتبارها دولة عربية ليس لديها خيار سوى دعم القرار، سوف تقبله أمريكا إسرائيل.
ولكن بقيت هناك مشكلة واحدة فقط، كيف يبرر ذلك للجمهور المصري، لهذا جاءت وزارة الخارجية للتأكيد على أن سحب القرار لم يكن إلا مناورة تكتيكية.
وأحمد أبو زيد المتحدث باسم الوزارة:" مصر كانت تريد مزيدا من الوقت للتأكد من أنه لن تستخدم أي بلد حق النقض لمنع القرار، خاصة بعدما دعا الرئيس المنتخب الإدارة الحالية لاستخدام الفيتو ضد القرار".
كما قدم أبو زيد تفسيرا آخر في تصريحات نشرتها المصري اليوم، قائلا:" مصر - التي سوف تكون الشريك الرئيسي في أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الإسرائيلي، والفلسطيني بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة - وجدت أنه من المهم الحفاظ على التوازن الضروري للتأكّد من أنه يمكن أن تؤثر على جميع الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية.
ولكن بغضّ النظر عن التفسيرات الرسمية، شيء واحد واضح، بالنسبة لمصر، الحفاظ على علاقات جيدة مع ترامب، بمثابة لعب بالورقة الرابحة.
الرابط اﻷصلي