سيمفونيات ساحرة تخرج من آلة العود التى كانت تصاحبه فى كل أعماله، ومن بين أوتاره خرجت مشاعر وأحاسيس كانت مثل النار الذى لا ينضب إلا بتعطل الآلة.
كروان الفن الحزين دائمًا، الذى نحت اسمه بين اسطاير الفن بنغمات عودة، الذى وقف به على قمة الرومانسية مخاطبًا العشاق، إنه فريد الأطرش الذى لقب بالعديد من الألقاب منها، موسيقار الشرق الأوحد، والموسيقار العبقري..
ولد فريد 19 أكتوبر سنة 1917م، بجبل الدروز جنوب سوريا، ينتمي فريد إلى آل الأطرش وهم أمراء وإحدى العائلات العريقة، بعد وفاة والده أثناء الحرب مع الاستعمار الفرنسي بسوريا اضطرت للسفر إلى مصر ومعها أولادها "فريد وفؤاد وأسمهان” خوفا من الفرنسيين الذين رغبوا في اعتقال العائلة بسبب نشاط والده الثوري.
التحق بمدرسة الخرنفيش الفرنسية، حيث اضطر إلى تغيير اسم عائلته فأصبحت “كوسا” بدلا من “الأطرش”، وهذا ما كان يضايقه كثيرا، ذات يوم زار المدرسة هنري هوواين فأعجب بغناء فريد، وراح يمدح في عائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة، فطرد فريد من المدرسة، ألتحق بعدها بمدرسه الباطريرك للروم الكاثوليكية.
حرصت والدته على إدخاله معهد الموسيقي، حيث بدأ في بيع الأقمشة وتوزيع الإعلانات من أجل توفير المال لأسرته، وألتحق بفرقة بديعة مصابني كعازف عود ولفت أنظار “مدحت عاصم”، الذي قدمه ليغني في الإذاعة غني العديد من الموال والأغاني القديمة وسجل أغنيته الأولي “يارتني طير”، حيث لاقت نجاحا وشهرة كثيرة، واستعان بأفضل العازفين وأصبح لديه لونه الخاص به وغنى بجميع اللهجات العربية في “أوبريت” بساط الريح.
ادت شهرة الأطرش عن طريق الإذاعة، وظهرت مواهبه في التلحين بجانب صوته العذب الجميل حيث بلغت الأغاني حوالي 600 إلى جانب ما لحنه للعديد من المطربين: «أسمهان، وديع الصافي، شادية، صباح، فهد بلان، محرم فؤاد، ماهر العطار، وردة، فايزة أحمد، محمد عبد المطلب، نازك، شهرزاد، سعاد محمد، محمد رشدي، محمد الحلو وغيرهم". وفي 1940 دخل مجال التمثيل بأول فيلم “انتصار الشباب” مع أخته أسمهان، وقدم بعدها حوالي 30 فيلمًا للسينما المصرية من بطولته “شهر العسل – بلبل أفندي – قصة حبي – حبيب العمر – عفريته هانم – آخر كدبه – لحن حبي – نغم حياتي – حكاية العمر كله”، وشاركه في بطولة أفلامه الفنانة اللبنانية صباح، فاتن حمامه، هند رستم، لبني عبد العزيز”، شكل ثنائي ناجح مع الفنانة شادية والراقصة سامية جمال.
أثارت الشائعات حول علاقة حب بينه وبين الراقصة سامية جمال، وكتبت عن قصة حبها الكثير من الصحف، إلا أنه نفى ذلك الكلام في حوار تليفزيوني، وقال أحترم كل الفنانات لكن لو تزوجت فنانة سوف تترك الفن لتهتم ببيتها، وصرح أنه أحب خمس سيدات، لكن لم يخبرهم لأنهم من عائلات لا يتزوجون إلا من عائلاتهم، وأضاف “تزوجت الفن ولا أحب تعدد الزوجات ومات ولم يتزوج”.
كانت أمنية فريد أن يلحن يومًا لكوكب الشرق أم كلثوم، ولكن دائمًا كان القدر لايجمعهما فأغنية تؤديها أم كلثوم بألحان فريد الأطرش ستكون أروع ما يُسمع في الكون، وقد حاول فريد وضع ألحان: الربيع، وأول همسة ووردة من دمنا وأختك الحرة ثارت، خصيصًا لأم كلثوم ولكنها كانت تتراجع.
وقبل وفاته لحن فريد أغنية لأم كلثوم، ووعدته بأن تغنيها ولكن الموت لم تمهلها وغنت وردة الجزائرية الأغنية، وهي«كلمة غياب» بعد أن أكمل بليغ حمدي، اللحن الذي بدأه فريد الأطرش.
حصل فريد الأطرش على عدة أوسمة منها “وسام الاستحقاق اللبناني، وسام الاستحقاق المصري، ورئاسة نقابة الفنانين اللبنانيين مدى الحياة، ووسام الكوكب الأردني برتبة فارس، من جلالة الملك حسين بن طلال 1955 وقلادة النيل المصرية 1962، وجائزة أحسن عازف عود من تركيا عام 1962، وهو أول فنان عربي تمنحه فرنسا مدالية الخلود التي حصل عليها بعد وفاته 1975، وطبعت كافة أعماله في باريس أيضا.
توفي ملك العود 1974 في مستشفي الحايك ببيروت عن عمر يناهز 57 عامًا إثر إصابته بأزمة قلبية، ونقل جثمانه ليدفن مع أخته في مصر حسب وصيته