باتت المعارضة السورية بذراعيها السياسي والعسكري في موقف لا تحسد عليه بعد الخسارة الفادحة التي تلقتها في الأيام الماضية بسقوط مدينة حلب أحد أبرز معاقلها في سوريا بعد تصعيد عنيف قادته روسيا لثلاثة أسابيع باستخدام كل الأسلحة المحرمة يعاونها على الأرض قوات النظام السوري والميليشيات الشيعية الإيرانية.
"ماذا ستفعل المعارضة في الفترة المقبلة؟ وهل تواجه إدلب مصير حلب؟ وهل تتحمل المعارضة مسؤولية سقوط حلب؟ وهل تتحد؟ وماذا سيتغير باتحادها؟ .. تساؤلات كثيرة تطرحها "مصر العربية" على طاولة عادل الحلواني رئيس الائتلاف السوري الوطني المعارض الممثل السياسي للثورة السوري في حوار مطول.
إلى نص الحوار..
هناك توقعات بأن تلقى محافظة إدلب مصير حلب نفسه، هل ترجح ذلك؟
من المرجح طبعا أن تكون إدلب الهدف التالي للنظام السوري والروسي والإيراني لتدمير المحافظة بعد مدينة حلب، خاصة من جانب إيران لأنها خرقت التعهدات الروسية 6 مرات رغم ومن المحتمل أن تكون إدلب على غرار حلب.
جميعهم لا عهد له وليس لهم حدود في القتل والتدمير ومن المتوقع أن تلقى أي منطقة مصير حلب.
هل ريف حلب الغربي مهيأ لاستقبال النازحين من أهالي حلب الذي انتقلوا له بعد سقوط المدينة؟
في البداية يجب أن نعلم أن حلب مقسمة إلى ثماني مناطق ليس كلها في يد النظام وحلفائه من الميليشيات الشيعية العربية والإيرانية ولكنهم تمكنوا من المدينة المركزية فقط ولكن أرياف المدينة ما زالت خارج سيطرة النظام.
و ريف حلب غير مهيأ لاستقبال النازحين لأنها مناطق ريف ينقصها الماء والكهرباء والمرافق والغذاء.
ونحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في ريف حلب الغربي بعد انتقال عشرات الآلاف من أهالي حلب لها.
البعض يحمل المعارضة مسؤولية سقوط حلب .. كيف ترد على ذلك؟
المعارضة لا تملك الطائرات لصد هجوم النظام جوا لمنع سقوط حلب، وكذلك لا تملك طائرات تقتل البشر أو أسلحة كيمائية حتى يتهمهم النظام وحلفاؤه بالإرهاب ويبررون لأنفسهم تدمير البلد ولكنهم من يملكون هذه الأسلحة.
ما تعرضت له حلب مخطط لتفريغ المدينة من أهلها، وإلا لكانوا طلبوا خروج المسلحين وبقي الأهالي.
ولكن هناك انتقادات لأداء المعارضة سياسيا..
على المستوى السياسي أداء المعارضة كان جيدا يكفي أنها نجحت في انتزاع قرارات دولية تقضي بتشكيل حكومة انتقالية تتولى إدارة البلاد ولكن روسيا أفشلتها وأخرى تقضي بالإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين مثل القرار 2254.
ولكن كون هذه القرارات لم تطبق لأن المجتمع الدولي فاقد الإرادة ولم تلتزم بها الدول العظمى فهذا ليس ذنبنا، ولم يكن في وسعنا فعل أكثر من ذلك.
نحن نتمسك منذ اللحظة الأولى بالحل السياسي ولكن روسيا والنظام من يعرقلاه ويحاولون إفشال المعارضة ومساعيها في الوصول لحل.
البعض يتوقع للغوطة الشرقية مصيرا أصعب من حلب لقربها من دمشق .. هل يستسلمون قريبا؟
أهالي الغوطة خرجوا في مظاهرات وقالوا لن نخرج في الباصات الخضراء التابعة للنظام وقالوا إنهم مستعدون للموت في المدينة وطالبوا الفصائل بالوحدة ولن يخرجوا مهما كلفهم الأمر، كل السيناريوهات السيئة متوقعة للمدينة على يد النظام ولكن الناس مصرة على الاستمرار في المقاومة.
هناك بيان مشترك خرج من فتح الشام وأحرار الشام أبرز الفصائل المعارضة الإسلامية يفيد اندماجهما بعد سقوط حلب .. هل ترى ذلك يفيد الثورة؟
نقول لحركة فتح الشام التي هي جبهة النصرة سابقا، وأحرار الشام غادروا سوريا لأن غالبيتهم أجانب غير سوريين ونحن لا نريد غرباء على أرضنا.
لا نريد أجانب في أرضنا سواء كانوا يقاتلون في صالح الثورة السورية، أو يقاتلون في جانب النظام مثل ميليشيا حزب الله اللبنانية والفضل العباس وحركة النجباء العراقية وغيرها".
الأزمة السورية يجب أن تحل داخليا وتكون المفاوضات "سورية – سورية" بإشراف عربي.
هل تقبل روسيا بغير بشار الأسد .. أم أنها ستتمسك به أكثر بعدما ربحت حلب؟
روسيا دائما تقول إنها غير متمسكة ببشار الأسد ولكنها تريد تهيئة الوضع، هذا القول أحيانا هي تصدق ما قالته وأحيانا تكذبه، قابلنا مسؤولين روس والسفير ونفس الكلام يرددونه بأنهم غير متمسكين ببشار الأسد ولكن الواقع ينفى.
هناك أنباء تتداول بشأن شقاق بين موسكو وطهران في الآونة الأخيرة .. ما صحة ذلك من وجهة نظرك؟
نعم هناك خلافات حقيقية وظهر هذا جليا في عملية إجلاء أهالي حلب عن المدينة لأن هذا الحل لم يأت على هواهم ودائما ما يعرقل الإيرانيون المفاوضات ومساعي الحل.
وحاول الإيرانيون تعطيل اتفاق الإجلاء وعرقلته باعتقالهم 800 شخص من النازحين وقتلوا 18 شخصا لذلك صرح النظام السوري بأنه لن يكون هناك اتفاق إلا باتفاق جميع الأطراف ويقصد بذلك الإيرانيين.
البعض يلوم تركيا على تركها حلب تباد وقواتها على بعد كيلومترات منها، هل تتفق مع هذا اللوم؟
قبل أن نلوم تركيا نلوم العرب، فعندما يغيب العرب يتدخل الأتراك وغيرهم، ودائما ما ننادي أن يكون العرب هم المظلة لنا.
بعد أن تخلت أمريكا عن من تدعهم .. هل يستمر الرهان الكردي على الأمريكان أم تتغير الدفة لجانب روسيا والنظام من أجل حلم الدويلة؟
أرى أن الأكراد سيعدلون عن استمرارهم في التحالف مع الأمريكان لأن خريطة واشنطن وسياستها لم تعد معروفة الملامح خاصة في ظل صعود دونلاد ترامب للسلطة.
حتى إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما كانت ضبابية في سوريا ولا يمكن الاعتماد عليها.
الخريطة السورية باتت معقدة خاصة بعد سقوط حلب، ونحن ليس لدينا أدنى مشكلة مع مشروع الحكم الذاتي الذي يطالب به الأكراد وأخبروناهم بذلك أكثر من مرة ولكن هذا يحدث بعدما يسقط النظام ويكون هناك برلمان سوري منتخب.
ولكن أن يأتوا ونحن في أزمة ويطالبون بدولة مستقلة فهذا لا يعقل ولا يقبل، ولكن حين يسقط النظام ويكون هناك برلمان سنناقش هذا الأمر.
الرئيس الأمريكي الجديد دونلاد ترامب تعهد بتوفير مناطق آمنة في سوريا .. هل تظنه يفعل؟
ترامب ناقض نفسه في خطاباته خلال الحملة الانتخابية أكثر من مرة، فتارة يقول إنه يكره بشار الأسد وتارة أخرى يقول إنه حليفه ضد الإرهاب، وأعلن أنه ضد الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران ومن ثم يعود ويعول عليهم في مكافحة الإرهاب.
الخريطة الأمريكية حاليا غير واضحة ولا يمكن التعويل عليها كثيرا سواء في عهد أوباما أو ترامب.
وماهي السيناريوهات التي تتوقعها لسوريا في الفترة المقبلة؟
أتوقع أن يفيق العرب بإذن الله، فإذا نجح العرب في الأزمة السورية سينجحون في كل الأزمات التي يواجهونها.
وعلى المستوى العسكري تشكلت خريطة عسكرية جديدة، وهناك أصوات تعالت بأن تعود المقاومة الشعبية من جديد، وهناك توجه لتوحد الفصائل المعارضة المسلحة فرغم اختلافها فهي متفقة فيما بينها بأن تكون سوريا بلد حرة.
أزمة حلب رغم فداحتها ولكنها مفيدة في استخلاص العبر منها وجلد الذات بالنسبة للمعارضة التي لو توحدت ستغير خريطة القوى في سوريا.