أحيا قرار مجلس الأمن الدولي 2334، المناهض للاستيطان، الآمال الفلسطينية والمخاوف الإسرائيلية إزاء دفع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى إطلاق تحقيق جنائي في الاستيطان، وهو أمر طال انتظاره فلسطينيا.
ولا توجد إجابة محددة لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عن ماهية الخطوة القادمة للمحكمة الدولية، في ظل غياب رد فعل منها على قرار مجلس الأمن الدولي.
وقال غازي حمد، الناطق باسم "اللجنة الوطنية العليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية"، (رسمية/أهلية)، إن قرار مجلس الأمن "يساعد ويدعم بشكل قوي جدا موقفنا الذي يدعو المحكمة الجنائية الدولية لإطلاق تحقيقها". وأضاف للأناضول: "القرار يثبت بأن هناك موقفا دوليا يعتبر الاستيطان غير شرعي". وتابع حمد: "بالتالي فإن القرار يدعم موقفنا بأن الاستيطان جريمة حرب، ويرفع أي غطاء قانوني عن الاستيطان". ويرأس أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، "اللجنة الوطنية العليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية"، وتضم في عضويتها ممثلي فصائل وشخصيات مستقلة وممثلي منظمات غير حكومية. ومنذ انضمامها إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية مطلع عام 2015، قدمت فلسطين عدة ملفات إلى المحكمة، أهمها الاستيطان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وجرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين، فضلا عن ملف المعتقلين في السجون الإسرائيلية. وفي 16 يناير 2015، قررت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، فتح دراسة أوّلية للحالة في فلسطين. وأشارت المحكمة الجنائية الدولية في تصريح مكتوب وصل "الأناضول"، آنذاك، إلى أن قرار المدعية العامة، جاء بعد انضمام حكومة فلسطين إلى نظام روما الأساسي في الثاني من يناير 2015 . كما لفتت إلى إعلام فلسطين للمحكمة في ذات الشهر قبول اختصاص المحكمة على الجرائم المزعوم ارتكابها "في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس الشرقية، منذ 13 يونيو 2014". لكن المحكمة أشارت إلى أن فتح دراسة أوّلية للحالة في فلسطين "هي عملية لفحص المعلومات المتاحة بُغية التوصل إلى قرار يستند إلى معلومات وافية بشأن مدى توافر أساس معقول لمباشرة تحقيق" جنائي كامل. ومعلوم أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتي استمرت 51 يوما، بدأت في نهاية شهر يوليو 2014؛ ما يعني شمول هذه الحرب في التحقيق في حال إجراءه فعلا. ولكن ومنذ هذا الإعلان قبل عامين، لم تعلن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عن فتح تحقيق رسمي. وفي حال فتح التحقيق، فإن المحكمة ستنظر في قضايا ضد مسؤولين إسرائيليين، وليس ضد إسرائيل كدولة، وفق نظام المحكمة. ويقول غازي حمد: "القرار (المناهض للاستيطان) صادر عن مجلس الأمن، وهو أعلى هيئة في الأمم المتحدة وبالتالي ستكون مردوداته واسعة وكبيرة جدا". وأضاف: "قرار مجلس الأمن يساعدنا في الاستمرار بالضغط باتجاه أن تتحرك المحكمة، ولكن لا شك أن إجراءات المحكمة معقدة وتحتاج إلى وقت ومراجعات وجمع بيانات وتدخل في مراحل متعددة ولكن هذا القرار يعزز موقفنا". وتابع حمد: "تواصلنا مع المحكمة دائم ومستمر، وكنا نعتمد على الكثير من القرارات الدولية قبل ذلك، والتي تدعم موقفنا بأن الاستيطان جريمة حرب". وتبدو الآراء في الجانب الإسرائيلي أيضا مختلطة تماما، دون إجابة محددة. فقد قالت بنينا باروخ، الرئيسة السابقة لوحدة القانون الدولي في الجيش الإسرائيلي، لصحيفة "الجروزاليم بوست" الإسرائيلية أمس الإثنين، إنها لا تتوقع قرارا قريبا من المحكمة الجنائية الدولية بشان الطلب الفلسطيني. لكنها أضافت مستدركة أنها تؤمن أيضا بأن "بنسودا ستتجه في موعد لم تقدر موعده نحو إطلاق تحقيق جنائي كامل". غير أن المستشار القانون السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية روبي سابيل قال للصحيفة ذاتها إنه لا يتوقع بأن تطلق بنسودا تحقيقا جنائيا كاملا. وقال: "سيكون من الصعب عليها تفسير إطلاق التحقيق، بما أنه حتى بعد صدور قرار مجلس الأمن وحتى بعد قبول الأمم المتحدة فلسطين دولة غير عضو فإن هذه الدولة لا حدود لها"، حسب قولها. وكان قرار مجلس الأمن، الذي اعتمد الجمعة الماضي، بأغلبية ساحقة في مجلس الأمن، اعتبر الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، غير شرعي ودعا إلى وقفه بشكل كامل وفوري.