تتوجه كل الأنظار المهتمة بالشأن السوري صوب الأستانة عاصمة كازخستان حيث مقر المباحثات التي تجري بين روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري الشهر المقبل بهدف حل الصراع في سوريا.
من خلال هذه المفاوضات يمكن استشفاف ماهو آت في سوريا، حيث تجمع طاولة المباحثات القوى الأكثر تأثيرا بالملف السوري، وتبرز أهمية المفاوضات أنها تأتي بعد سقوط مدينة حلب إحدى أكبر معاقل المعارضة المصنفة معتدلة بقبضة النظام وحلفائه بعد تدمير المدينة بالكامل باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وتهجير أهلها.
اللافت هذه المرة استثناء الغرب من المعادلة متمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ما يثير علامات استفهام حول جدية هذه المفاوضات بالنسبة للروس أولا بما إنها صاحبة اليد العليا، وعما تريده موسكو من هذه المفاوضات.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق أن روسيا وإيران وتركيا والرئيس السوري بشار الأسد وافقوا جميعا على إجراء مفاوضات السلام السورية الجديدة في عاصمة كازاخستان.
وقف إطلاق نار
وبحسب الخارجية الروسية فإن موسكو وأنقرة اتفقتا على أهمية استكمال التنسيق فى أقرب وقت ممكن بشأن الجوانب العملية لوقف إطلاق النار وعزل التنظيمات الإرهابية عن المعارضة السورية المعتدلة، وإطلاق عملية تسوية سياسية سورية وفق مقتضيات القرار الدولى رقم 2254 .
وبالفعل توصلت تركيا وروسيا اليوم الأربعاء إلى اتفاق على خطة لوقف إطلاق النار في كل أنحاء سوريا تدخل حيز التنفيذ منتصف الليل، بحسب وكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية.
الخطة وفقما ذكرت الوكالة تشمل توسيع نطاق وقف إطلاق النار الساري في حلب ليشمل كل أنحاء البلاد باستثناء ما يسمون "المجموعات الارهابية".
عزوف المعارضة
وما زالت مشاركة فصائل المعارضة السورية في مباحثات كازخستان غامضة، وأعلنت الهيئة العليا للتفاوض أكبر ممثل لقوى الثورة السورية أنها لم تتلق للآن دعوة بشأن المشاركة في المباحثات.
وهناك توجه لدى كثير من قوى المعارضة لمقاطعة المباحثات نظرا لإصرار إيران على تصنيف بعض الفصائل المعارضة إرهابية.
ورفضت إيران أي دور سعودي في مفاوضات وقف إطلاق النار في سوريا، المقرّر عقدها في أستانة، عاصمة كازاخستان.
كسب الوقت
زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري رأى أن كل ما تريده روسيا من هذه المفاوضات هو كسب الوقت من أجل الاستعداد لعمل عسكري جديد.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن موسكو كلما حققت نصرا عسكريا دعت لاستئناف المباحثات السياسية من أجل منح نفسها الوقت لإعادة ترتيب قواتها وصفوفها والترتيب للضربة المقبلة.
وتشكك عبدالرحمن في جدية روسيا في هذه المباحثات، مرجحا أن تستعد لتنفيذ هجوم شامل وكاسح على محافظة إدلب أقوى معاقل المعارضة المعتدلة حاليا بعد سقوط مدينة حلب بيدها.
حكومة موسعة
وعما ستتفاوض حوله روسيا، قال الخبير السياسي السوري إن موسكو ستطرح فكرة الحكومة المشتركة بين المعارضة والنظام على أن يبقى بشار الأسد على رأس النظام السوري فهي فعليا لا تريد أي حل سياسي أو استبدال النظام.
ورأى أن المعارضة السياسية قد تقبل بالمشاركة في هذه الحكومة الموسعة، لأنها كما يعتقد تريد قطعة من السلطة وفشلت في إدارة الملف سياسيا.
بينما كان لبسام الملك عضو الائتلاف السوري المعارض رأي آخر، فهو يؤمن بجدية روسيا في المفاوضات هذه المرة أكثر من ذي قبل.
خروج من المستنقع
بحسب ما يظن المعارض السوري في حديثه لـ"مصر العربية" فإن روسيا لا تريد أن تنزلق أكثر في المستنقع السوري فهي تريد الخروج منه ولكن بوضع يؤمن مصالحها.
تبقى المشكلة كما يردف الملك في إيران التي دوما ما تعرقل أي مساع للوصول لحلول سياسية في سوريا، مفيدا بأن ثمة خلافات كبيرة تفجرت بين موسكو وطهران وظهر هذا جليا في اتفاق إجلاء أهالي حلب عن المدينة.
وذكر أن الميلشيات الإيرانية حاولت تعطيل هذا الاتفاق عدة مرات بالتعرض للقافلات واعتقال وقتل بعض النازحين.
وتدخل إيران المفاوضات بشروط معقدة وفقما كشف وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان وهي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، كدولة موحدة، والثاني ألا يكون النظام السوري السياسي موضع شك.
وتابع:” في المرحلة الحالية هناك بشار الأسد، في حال قبلوا بوحدة سوريا وبرئاسة بشار الأسد والنظام السياسي الحاكم حاليًّا؛ عندها يمكن للمعارضة الجلوس إلى طاولة الحوار مع النظام في سوريا كي تقدم مطالبها”.
البند الثالث وفق الرغبة الإيرانيةأن يجلس المتصارعون في سوريا ليكتبوا دستورًا جديدًا، أو يعملوا على إجراء إصلاحات معينة، حتى خوض انتخابات حرة ونزيهة.