2016.. اقتصاد منهار وعجز متواصل ورؤية منعدمة

ارتفاع الأسعار باتت العبء الأكبر على كاهل المواطنين

قرارات قيل عنها أنها رامية للإصلاح الاقتصادي، وأسعار باتت في حكم "الجنون"، ومعدلات تضخم أقل ما يقال عنها وصولها لمستويات تاريخية، هذا هو حال الأوضاع الاقتصادية خلال عام 2016، والذي لم يفارق أذهان الكثير من محدودي الدخل، بعد أن بات هو العام الأسوأ في تاريخيهم.

 

ففي يوليو الماضي اعتزمت الحكومة الاقتراض من صندوق النقد الدولي 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، حيث اشترط الصندوق تعديل سعر صرف الجنيه، وضرورة إصلاح دعم الطاقة، وتجهيز قانون جديد للجمارك لزيادة العائدات وتحسين النظام الجمركي، وكذلك توسيع القاعدة الضريبية لتضم الأرباح المكتسبة من أنشطة سوق رأس المال "البورصة".

 

خبراء اقتصاديون ومحللون، أكدوا في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن عام 2016 يعد هو الأسوأ في ظل القرارات التي تم اتخذتها الحكومة، واصفين تلك القرارات بـ"غير المدروسة".

 

الإضرار بالاقتصاد

الدكتور خالد عبدالفتاح، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، قال 2016 أسوأ سنة تم فيها اتخاذ قرارات اقتصادية غير مدروسة تمثل تهديدا للأمن القومي وضد الصالح الوطني، مضيفا أن جميع القرارات بنسبة 95% أضرت بالاقتصاد المصري.

 

وأوضح في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن جميع القرارات التي تم اتخاذها قرارات سياسية أثارها اقتصادية، وأن رفع سعر الفائدة قضى على الاستثمار في سوق الأوراق المالية، مطالبا بتعيين الأكفأ وفقا لنظرية المعرفة والمصداقية.

 

وبدوره، أكد محسن الجبالي، رئيس جمعية مستثمري بني سويف، أن قرار تعويم الجنيه كان يلزمه معالجة آثاره الجانبية، واصفا عام 2016 بأسوا سنة مرت على المصانع والشركات.

 

وأشار إلى أن المشاكل التي تواجه المصانع هي مديونيات الشركات للبنوك، حيث استدانت الشركات من البنوك لاستيراد احتياجاتهم، ومع تحرير سعر الدولار ووصوله لمستويات قياسية، تضاعف العبء على الشركات والمصانع، بعد مطالبة البنوك بسداد الديون بسعر الدولار بعد تحرير الصرف.

 

قرارات غير مدروسة

وقال محمد السيد بدوي، رئيس لجنة النقل والطاقة بالاتحاد المصري للمستثمرين قائلا: "سنة صعبة، وجاءت قرارات تحرير سعر الصرف متأخرة وغير مدروسة، وتسببت في زيادة التكلفة في كل شيء وخسارة لناس كتير".

 

وتابع: "سعر الصرف أثر على الجمارك والناس مش عارفه تاخد بضاعتها من الجمارك والبنك المركزي لابد أن يجد حلا لهذه المشكلة ولا يجب أن يحملها للمستثمر".

 

السياسة النقدية

ومن جهته قال الدكتور أنور النقيب، عميد مركز الاستشارات والبحوث لأكاديمية السادات، إنه من ناحية السياسات الاقتصادية فإنه يوجد غياب تام لما يسمى بالسياسات الاقتصادية سواء كانت سياسات مالية أو سياسات نقدية، موضحا أن الشغل الشاغل لهاتين السياستين هو تمويل عجز الموازنة.

 

ونبه إلى أن سياسة سعر الصرف كان يحكمها قدر كبير من التخبط وعدم الكفاءة، معللا ذلك بقوله: "القائم على إدارة السياسة النقدية وهو محافظ البنك المركزي غير مؤهل لإدارة السياسة النقدية وخاصة سياسة سعر الصرف من ناحية الخبرة العملية والخبرة العلمية".

 

وأوضح النقيب، أن إدارة السياسة المالية اليومية تفتقد إلى وضوح الهدف العام منها، ضاربا المثل برفع أسعار البنزين قائلا: "لما رفعوا أسعار البنزين والسولار، لا يوجد سياق لسياسات اقتصادية في هذا الشأن، وما يهم هو تخفيض عجز الموازنة ما يؤدي إلى التضخم، أما الفقراء والذين يمثلون 27% من السكان طبقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإنهم الأكثر تضررا".

 

وعن سياسات التصنيع، قال إنه لا توجد سياسات خاصة بالتصنيع ولا بالتصدير، الأمر الذي أثر على الاقتصاد الحقيقي، وأدى إلى زيادة التضخم والوصول إلى مستويات أسعار مرتفعة بالمقارنة بالانخفاض الكبير في قيمة الجنيه أمام الدولار، ارتفاع معدلات البطالة.

 

العملة الوطنية

ومن جهته قال الدكتور أسامة غيث, الخبير الاقتصادي, إن 2016 هو أسوأ الأعوام التي عمقت المشكلات الاقتصادية، في ظل قرارات غير مدروسة تفتقد الرؤية الشاملة وعدم اتخاذ كافة المتغيرات المؤثرة فيها، وفي ظل الانخفاض الواضح لكفاءة الحكومة في الإدارة وقراراتها المتخطبة، ضاربا المثل بقرار إلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة ثم عودتها خلال أسبوع.

 

وعلق على قرار التعويم قائلا: "مفيش حاجة في العالم اسمها ترك العملة الوطنية للعرض والطلب، ومسئولية البنك المركزي المحافظة على سعر التوازن".

 

وأردف قائلا: "لا نقول إن السعر القديم سعر توازن لكن الاقتراب من العشرين لسعر صرف الجنيه أمام الدولار لا يعبر عن سعر توازن, لأن سعر التوازن في الاقتصاد لا يعبر فقط عن توازن العرض والطلب بين الإيرادات والمصروفات للنقد الأجنبي, ولكنه يعبر أيضا عن متطلبات توازن الأوضاع الاقتصادية".

 

وطالب بضرورة أن لا يترك الوضع الاقتصادي على هذا النحو حيث يؤدي إلى ارتفاعات مجنونة في الأسعار وإلى معدلات تضخم تقضي على القوة الشرائية للغالبية العظمي من المواطنين، وتتسبب في الانخفاض الشديد للقدرة الشرائية للنقود.

 

غياب الأولويات

وكشف غيث، أنه لا توجد أولويات واضحة حيث يتم الإنفاق على مشروعات قومية عملاقة ضاربا المثل بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع قناة السويس الجديدة, قائلا: "نحن ننفق على مشروعات لا تحقق عائد في الوقت الحالي إلا في الأجل الطويل".

 

واعتبر أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والخضوع لشروطه يعمق الركود الاقتصادي حيث يطالب بضغط الإنفاق في الموازنة العامة للدولة بشكل كبير للقضاء على العجز وهذا الضغط لابد أن يؤدي إلى عجز الحكومة عن الوفاء بالاحتياجات العامة، يدفع ثمن هذا الاتفاق محدودي الدخل.

 

وأضاف: "حتى القرارات الأخيرة من 3 نوفمبر حتى الآن لم تؤد إلى توفير السلع الإستراتيجية في السوق ولم تحل المشكلات المتصاعدة ومثال ذلك الأدوية".

 

وشدد على أنه لا تواجد سياسات مساندة لرفع الأجور لتلافي جزء من مخاطر ارتفاع الأسعار، فضلا عن عدم وجود نية للحكومة في اتخاذ مثل هذه القرارت.

 

ومن جهته قال رشاد عبده، الخبير الإقتصادي: "سنة صعبة جدا لأن جاءت لنا واحدة من أسوأ وأضعف الحكومات في تاريخ مصر، حجم المديونية متضخم، وعجز الموازنة متضخم، الحكومة ومحافظ البنك المركزي سربوا العملة ومش قادرين يحافظوا عليها".

مقالات متعلقة