تواجه الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري 4 تحديات "كبرى" داخلياً وخارجياً، بينها قصر مدة ولايتها، التي تمتد 6 أشهر فقط.
ورغم حالة التفاؤل، التي تسود الشارع اللبناني، بعد إنهاء الفراغ الحكومي، الممتد منذ نحو عامين ونصف العام، لكن الحريري نفسه يدرك أن ولايته الثانية تواجه تلك التحديات الكبرى.
ونالت حكومة الحريري ثقة مجلس النواب (البرلمان) بأغلبية 87 صوتاً، من أصل 92 مقترعاً، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية.
وقالت الوكالة اللبنانية إن الحكومة نالت الثقة بـ87 صوتا، فيما حجب عنها الثقة 4 نواب، وامتنع واحد. ممن حضروا الجلسة، وذلك من أصل 128 إجمالي عدد النواب.
وجاء البيان الوزاري للحكومة، ليقر بتلك التحديات، وهي إقرار قانون جديد للانتخابات يحظى بالتوافق، والتعامل مع الأزمات الاقتصادية، التي تواجه البلاد.
إلى جانب التوازن في العلاقات الخارجية، والتحدي الأكبر هو عبور تلك التحديات في أقل من 6 أشهر هي عمر الحكومة.
** الانتخابات النيابية
لعلَّ أبرز التحديات، التي أشار إليها الحريري، هو إقرار قانون انتخابي يراعي التمثيل المتوازن ضمن المهلة القانونية أي قبل 30 مارس المقبل ( 60 يوماً قبل الانتخابات النيابية).
وفِي حال تجاوز المهلة الممنوحة لإقرار القانون المطلوب، فإنه سيجري العمل بالقانون الحالي، المعروف بقانون الستين، الذي تعتبره بعض الأطراف، خصوصاً المسيحية، لا يؤمّن التمثيل الصحيح.
وثمة اقتراحات عدة بقوانين انتخابية بينها القانون النسبي، الأرثوذوكسي، القانون المختلط، إلى جانب الستين (القانون الحالي)، ومن المقرر اعتماد إقرار أحد هذه القوانين لخوض الانتخابات النيابية القادمة.
وقانون الستين، الذي أقر العام 1960، يجرى فيه التصويت وفقا لتقسيمات إدارية تراعي الخصوصية الطائفية للقوى السياسية.
وقانون النسبية يتم فيه توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة، بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات.
أما القانون المختلط فيجمع بين النسبية والأكثرية.
لكن القانون الأرثوذكسي فيعتبر البلاد دائرة انتخابية واحدة، بحيث ينتخب كل مذهب لائحة تضم نواباً من مذهبه على مستوى لبنان بالكامل.
وكان الحريري أكد عزمه المضي في قانون انتخابي جديد يحمل "ملامح مرضية للجميع قدر الإمكان"، واعداً بإدراج الكوتا النسائية (التمثيل النسائي الإلزامي) في القانون الانتخابي الجديد.
وتواجه الحكومة الحالية إشكالية خفض سن الاقتراع الى ١٨ عاماً، التي يطالب بها عديد من القوى اللبنانية، بدلاً من سن الـ21 المفروض حالياً.
**السياسة الخارجية
يتوقع البعض خلافاً وصداماً جراء الأيديولوجيات الحزبية المختلفة في التعاطي مع السياسة الخارجية للبنان، وأبرزها بالطبع تلك التعقيدات المتعلقة بالمشهد الإقليمي المضطرب خصوصاً في سوريا، التي يخوض فيها "حزب الله" مواجهات عسكرية دعماً لنظام بشار الأسد، وهو ما ترفضه الكثير من القوى اللبنانية.
على الرغم من ذلك يُنتظر من حكومة الحريري، إعادة إنعاش علاقة لبنان بمحيطه العربي وخاصة الخليجي (لا سيما بعد توترات بين الطرفين في السنوات الأخيرة).
إلى جانب وجوب إيجاد توازن في علاقات الدولة اللبنانية بالقوى العربية والقوى الإقليمية غير العربية (إيران نموذجاً).
**الوضع الاقتصادي
رئيس الحكومة اللبنانية تحدث عن تجاوز معدلات الفقر في لبنان 30٪، ونسبة البطالة 35٪ وهو ما يعدُّ تحدياً اقتصادياً أساسياً.
كما أن معدل النمو الاقتصادي في لبنان لا يتجاوز 2%، لا سيما بعد تدهور قطاع الخدمات والسياحة (المورد الأكبر للدخل اللبناني)، منذ العام 2011، جراء تأثر لبنان السريع بالتوترات التي عصفت بالمنطقة العربية.
ومن المطالب الأكثر حساسية لدى عوام اللبنانيين هي أزمة النفايات، التي تعصف بلبنان منذ العام 2015، في ظل تراكم النفايات في أكثر من منطقة بالبلاد، وفشل التعامل مع الأزمة.
كما تمثل أزمة الكهرباء أهمية كبرى، ويطالب اللبنانيون بحلحلتها قبل أي قضية أخرى، حيث تلحق الأزمة خسارة سنوية للبلاد تصل إلى ملياري دولار، وفق شركة الكهرباء الحكومية.
وكذلك تواجه الحكومة أزمة إقرار موازنة جديدة مع وصول الدين اللبناني العام الى 70 مليار دولار، وفق أرقام رسمية.
**ولاية الحكومة القصيرة
ويبقى التحدي الأكبر هو ضرورة عبور التحديات السابقة في وقت قصير، فولاية الحكومة الحالية لا يتجاوز ستة أشهر من الآن.
ويعود ذلك إلى انتهاء ولاية البرلمان الممدد لنفسه حتى آخر يونيو القادم، وهو ما يستلزم إجراء الانتخابات في شهر مايو القادم كحدّ أقصى.
وبحسب الدستور اللبناني، تعتبر الحكومة مستقيلة حكماً، في حال انتهت صلاحية المجلس النيابي وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال.
وتعد الحكومة الحالية هي الـ،74 منذ إعلان الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي العام 1943.
وضمت الحكومة الجديدة 30 وزيراً مع استحداث عدد من الحقائب الجديدة منها: وزارة للنازحين، وأخرى لشؤون محاكمة الفساد، وثالثة لشؤون رئاسة الجمهورية، ورابعة للمرأة، وخامسة لحقوق الإنسان.
وجاء تكليف الحريري بتشكيل الحكومة ضمن اتفاق برلماني أفضى إلى انتخاب ميشيل عون رئيسا، ما أنهى فراغا رئيسيًا دام 29 شهرًا.
وهذه هي المرة الثانية التي يترأس فيها الحريري الحكومة، حيث كانت المرة الأولى بين عامي 2009 و2011، حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف اللبنانيين، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه، وعلى رأسهم عون بسحب وزرائهم منها.