معارك ضارية لم تدر رحاها هذه المرة كما جرت العادة في ميادين القتال، لكنها اشتعلت بين أقدام اللاعبين على العشب الأخضر وفي أروقة الغرف المغلقة للمسؤولين عن الكرة لعقد صفقة مع لاعب أو لتأليب الجماهير على حكم ما أو حتى لمناكفة نادٍ آخر من أجل المناكفة فحسب.
مر العام 2016 الكروي بأحداثه المتلاحقة التي لم تهدأ أبدًا، آمال كبيرة تعلَّقها الجماهير على أحفاد الفراعنة الذين يحملون على أعناقهم حلم بلوغ كأس العالم الذي غبنا عن الظهور فيه منذ 26 عامًا.. في غمرة تلك الأحداث بزغ نجم لاعبين عانقوا السماء حتى حجزوا لأنفسهم مكانًا محل النجوم يشار إليهم بالبنان، ويشتاق الناس إلى معانقة الكرة لأقدامهم في أمسياتهم على المقاهي وفي البيوت، وآخرون وقعوا عقودًا مع دكة الاحتياط فلم يبرحوها، وعلى خط التماس قادت تعليمات وصيحات بعض المدربين إلى احتلال مكانة تليق بقدرهم في قلوب جماهير أنديتهم، واليعض بات ليلته في نادٍ ما وأصبح في آخر.
تلاحقت المباريات وتوالت المواجهات العنيفة، ولم يكن "استاد مصر العربية" بعيدًا عن أي منها، كنَّا هناك في أوروبا نرصد الأرقام الفلكية لصفقات اللاعبين، والصراع المحتدم بين الأسطورتين ليونيل ميسّي وكريستيانو رونالدو، وفي آسيا كنَّا في القلب من بطولاتها، وهنّا في مصر لم نغب لحظة عن متابعة ورصد وتحليل كل مباراة وكل لعبة.
وفي 2016، نشر "استاد مصر العربية" عدة تقارير هامة، منها تقرير بعنوان :"كيف أصبح أتليتكو مدريد ندًا للريال؟".
يستضيف نادي أتلتيكو نظيره ريال مدريد يوم السبت المقبل، ضمن منافسات الجولة الـ 12 من الدوري الإسباني في واحدة من أهم مباريات ديربي مدريد.
وتاريخيًا، ففي 213 مباراة جمعت بين الفريق، انتصر ريال مدريد في 108 مباراة وخسر في 54 لقاء بينما حسم التعادل 511 مباراة، ولهذا كان جمهور الملكي يهتف دائمًا لمشجعي الروخي بيلانكوس "كل ليلة ديربي هي أسوأ كوابيسك".
وبالنظر للغة الأرقام فإن أتليتكو مدريد حقق أول انتصار على الملكي موسم 1929 - 1930 على ملعبه بنتيجة 2-1، واستمر دون أي انتصار حتى موسم 1939-1940.
وفي العصر الحديث، غاب أتليتكو عن تحقيق الانتصارات على ريال مدريد لمدة 13 عامًا، فحينما انتصر عام 1999 بنتيجة 3-11، لم يعود للانتصار في الدوري الإسباني مرة أخرى سوى موسم 2013-2014 بهدف نظيف، سجله دييجو كوستا على ملعب سانتياجو برنابيو، وربما يكون السقوط الأول كان بنهاية موسم 2012-2013، في نهائي كأس ملك إسبانيا بنتيجة 2-1.
وحينما بدأت نهضة الهنود الحمر بتحقيق الانتصار في 2013، عجز المرينجي على تحقيق الفوز في الليجا الإسبانية حتى الآن لمدة 3 مواسم، وخسر بأثقل نتيجة في الكالديرون وهي 4-0 موسم 2014-2015، ليصبح أتليتكو مدريد ندًا قويًا لريال مدريد، ويخجل جمهور الملكي من رفع شعار "كل ليلة ديربي هي أسوأ كوابيسك".
ولكن ما هي أسباب تحول أتليتكو ليصبح ندًا كبيرًا لريال مدريد.
1. الاستقرار
منذ عام 2013 حتى الآن، أدار ريال مدريد فنيًا 4 مدربين هم جوزيه مورينيو، كارلو أنشيلوتي، رافاييل بينيتيز، وزين الدين زيدان وكلهم تلقوا خسارة من أتليتكو.
بينما في نفس هذا التوقيت، قاد دييجو سيميوني فريق الروخي بيلانكوس دون حدوث أي تغيير.
2. سوق الانتقالات
رغم أن المرينجي قام بصفقات كبيرة طوال هذه الفترة منهم جاريث بيل وخاميس رودريجيز وتوني كروس وغيرهم، فإن هذه الانتقالات لم تكن ملائمة للفريق بمثل صفقات أتليتكو مدريد.
فحينما رحل فالكو لصفوف موناكو الفرنسي، ظهرت خطورة دييجو كوستا بجانب ديفيد فيا القادم من برشلونة موسم 2013-2014.
وفي الموسم التالي، رحل كوستا المتألق لتشيلسي الإنجليزي، ليستقدم الهنود الحمر أنطوان جريزمان من ريال سوسيداد، ليصبح بعد ذلك أحد أفضل المهاجمين في العالم ويضعه الكثيرون في المركز الثالث خلفًا لليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
وحتى في مركز حراسة المرمى، فإن سيميوني ترك تيبو كورتوا يعود لتشيلسي ليشتري يان أوبلاك الذي حصل على جائزة أفضل حارس مرمى في الليجا الموسم الماضي.
لذلك فإن صفقات أتليتكو مدريد خدمت الفريق أكثر من ريال مدريد، فعلى سبيل المثال يرغب جمهور الملكي في رحيل رودريجيز بسبب أدائه المتذبذب.
3. الفلسفة
مع تغيير المدربين واللاعبين في ريال مدريد، لم يمتلك النادي فلسفة واضحة، فتارة يلعب بطريقة دفاعية ويعتمد على المرتدات، ثم بعد ذلك يصبح فريقًا هجوميًا أكثر، وبعدها تصبح أبرز مشكلاته في منطقة خط الوسط.
أما أتليتكو مدريد، فمع تغيير اللاعبين بقيت الفلسفة وطريقة اللعب ثابتة، واستغل سيميوني قدرات اللاعبين لتتسق مع فلسفته وأسلوبه في اللعب.
4. الضغط
لا يمتلك أتليتكو مدريد ضغطًا كبيرًا من جمهوره كما الحال مع ريال مدريد، فطوال هذه الفترة، رغب الجمهور كثيرًا في الحصول على بطولة دوري أبطال أوروبا المفقودة منذ عام 2002، وحين حققها مرتين عامي 2014 و 2016 يرغب الجمهور حاليًا في الحصول على الدوري الإسباني الغائب عن خزائه منذ 2012.
أما في قلعة الفيسنت كالديرون، فلا يرغب جمهور الهنود الحمر سوى في تحقيق بطولة كبيرة، ولا يسبب ذلك ضغطًا على اللاعبين، لذلك كانت أسعد لحظاتهم الفوز بالليجا عام 2014 رغم خسارة دوري الأبطال في ذات العام.
ويمتلك ريال مدريد 27 نقطة في صدارة الترتيب، بينما يتواجد أتليتكو مدريد في المركز الرابع برصيد 211 نقطة.