شهدت 2016 إجراءات حكومية شديدة الوطأة على العديد من قطاعات المجتمع المصري، بدأت برفع أسعار الكهرباء في أغسطس الماضي مرورا بقرار تعويم الجنيه، الذي أصاب كافة الأسعار بالجنون.
خبراء اقتصاديون اعتبروا أن الحكومة ترفع الأسعار أملا في الحفاظ على ميزة تسويقية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكدو لـ"مصر العربية" أن الحكومة تسوق الاستثمار بمصر في الخارج عبر الإغراء بالعائد "ثاني أكبر عائد عالميا على الاستثمار"، وذلك على حساب مواطنيها.
وفي ظل المؤشرات السلبية بالنسبة للمواطنين، سألت "مصر العربية" خبراء اقتصاديين عن الإجراءات الحكومية برفع الأسعار، وكان نص السؤال "هل ارتفاعات الأسعار أمر طبيعي بعد تعويم الجنيه أم أن الحكومة قررت رفع يدها عن المواطن؟". مختار الشريف الخبير الاقتصادي اعتبر أن قرارات رفع الأسعار الأخيرة ناجمة من تراجع الإنتاج المصري وزيادة الاستهلاك، موضحا أن تراجع المساعدات لمصر، خصوصا المساعدات الخليجية، أثر سلبا على مدخولات الحكومة، ما أدى إلى اتخاذ قرارات رفع الأسعار الأخيرة.
وأضاف الشريف أن "الشعب يجب أن يصلح نفسه بنفسه"، على حد قوله، مضيفا أن اليونان ظلت تتحمل ولا تتخذ الإجراءات التقشفية حتى واجهت شبح الإفلاس، واضطرت إلى إقرار برامج تقشف حكومية مؤخرا.
رضا عيسى الخبير الاقصادي قال إن القرارات الأخيرة تعطي صورة عامة حول استراتيجية الحكومة خلال الفترة المقبلة، إذ يبدو أنها قررت رفع يدها عن المواطنين، أملا في الحفاظ على ميزة تسويقية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف أن الحكومة تسوق الاستثمار في مصر في الخارج عبر الإغراء بالعائد "ثاني أكبر عائد عالميا على الاستثمار"، وذلك على حساب مواطنيها، مضيفا أنه للحفاظ على هذه الميزة لرؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة كان على الحكومة اتخاذ قرارات رفع الأسعار.
وأوضح أن جملة "الدولة لا تتدخل في تحديد أسعرا البيع وهوامش الأرباح" مشتركة في عدد من القوانين منذ عام 1998، منوها بأن ذلك بعيدا كل البعد عن سياسات "السوق الحرة" التي يدفع البعض أحيانا بأن مصر أصبحت تنتهج هذا النهج.
وأشار إلى أن "السوق الحرة" الحقيقية لا تعرف الاحتكارات في حين أن القوانين المصرية لا تجرم الاحتكار كفعل في حد ذاته وإنما تجرم "الممارسات الاحتكارية"، بالإضافة إلى الانحياز الكامل للدولة إلى رجال الأعمال، على حد قوله.
وأضاف أن هذه الأمور تبعد مصر كل البعد عن فكرة تطبيق "السوق الحرة".
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع إن الحكومة تسلك منهجاً تقشفياً يدفع ضريبته المواطن وهذا المسلك يؤثر سلباً على معدلات النمو والتشغيل وكان من المتوقع أن يكون إثر قرار التعويم عنيفاً على السلع الأساسية ومنتجات الدواء وذلك في غيبة أى تثبيت للدولار الجمركي أو استمرار العطاءات الاستثنائية المخصصة لاستيراد الدواء على الأقل.
وأضاف "لم تستفد مصر من فترات السماح الممنوحة للدول النامية في إطار اتفاقية تريبس لحماية الملكية الفكرية والتي من أبرز تداعياتها ارتفاع أسعار الدواء.. ولولا مخارج في الاتفاقية مثل الترخيص الإجباري وغيره من شروط تخفف من أثر تطبيق الاتفاقية لكانت الأزمة أشد".
و"تريبس" هي اتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية أو اتفاق تريبس (TRIPSS) اختصارا لـ(Agreement on Trade Related Aspects of Intellectual Property Rights)، وهي اتفاقية دولية تديرها منظمة التجارة العالمية، وتحدد المعايير الدنيا للقوانين المتعلقة بالعديد من أشكال الملكية الفكرية (IP) كما تنطبق على أعضاء منظمة التجارة العالمية.
وتم التوصل للاتفاقية العالمية في عام 1994.
وتحتوي اتفاقية "تريبس" على الشروط التي يجب توافرها في قوانين الدول فيما يتعلق بحقوق المؤلف، بما في ذلك حقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة؛ المؤشرات الجغرافية، بما في ذلك تسميات المنشأ؛ الرسوم والنماذج الصناعية؛ تصاميم الدوائر المتكاملة؛ براءات الاختراع؛ العلامات التجارية؛ والمعلومات السرية.
وأوضح نافع أن أن بديل التقشف هو إجراءات قاسية ضد تسييل الأصول وهروب رؤوس الأموال وضرائب كبيرة على الثروات المتراكمة.