أم كلثوم تداوي جروح العشاق.. وقلبها ينزف حبًّا

كوكب الشرق أم كلثوم

دقات القلب تعلو بسيرة الحب، فشيء ما يخفيه صوت "أم كلثوم" المصاحب لآهات الفراق ولوعة الحب وجنون اللقاء، وعذاب الاشتياق والهجرة، فالأمان عندها ينحصر فى صدق القلب، والماضي يعود بكلمة من العاشق، ووصل الشوق والحنان يكفيه نظرة.  

فى الخصام تُدندن "لا أنا قد الشوق وليالى الشوق”، وتتذكر الماضي بكلمات "كان لك معايا أجمل حكاية فى العمر كله"، ويأتى وقت العتاب بالأشواق فى عينه، ويهمس القلب لينسي سبب الفراق، وتبدأ دموع فرحة العودة تنزف.  

تُسدل الستار على حياتها الوردية بـ”  ليلة حب “ وكأنها تمنت أن تعيش ليلة واحدة فقط تقضي فيها حب العمر كله فى هذه الليلة التى لم تأتِ حتى نفاد العمر.

 

إنها كوكب الشرق، صوت الأمة، أسطورة الفن كما تشاء قل عنها فكل منّا يلقبها كما يحلو له، ولدت فى 31 ديسمبر 1898 في قرية طماي الزهايرة بمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية لإبراهيم البلتاجي مؤذن قرية طماي الزهايرة، طفلة ريفية، وكانت تعشق الغناء تجوب مع والدها في قري مصر ، ولكنها كانت ترتدي زي ولد بدوي صغير ، وكانت تذهب مع والدها في الأفراح وكان كل من يسمع صوتها يعشقه وذلك منذ طفولتها حتى وصلت إلى قلب كل شخص في الوطن العربي، وهى فى سن العاشرة فاقت شقيقها خالد البلتاجى فى حفظ القصائد والتواشيح الدينية.

 

ضمها والدها الي فرقته وتدريجيا كانت أم كلثوم أهم عنصر من عنصر نجاح فرقة الإنشاد الديني مع أبيها وأخيها ، كانت تقول إن الناس كانوا ينظرون إليّ.. كيف تغني طفلة في عمري أناشيد دينية بهذا الإتقان والصعوبة ، بالرغم من عدم نضوج صوتها، حرصت طوال عمرها بأن تفختر بأنها فلاحة فقيرة، وكانت تمشي بالكليوامترات وتنتقل من دوار إلى دوار تغني وتتقاضى خمسة قروش في الليلة وتدين بنجاحها هذا إلى مختلف القرى والفلاحين .  

جاءت أم كلثوم إلى القاهرة بعد أن تمكنت من فترة طفولتها من إنجاز نجوميتها بالكامل، من عام 1912 إلى 1922عشر سنوات من الغناء تمكنت أم كلثوم من القضاء على كل منافسيها في الريف المصري..

 

تبنى موهبتها أبو العلا محمد وغنت له قصائد عديدة، كانت الدعاية وقتها تخلف عن هذه الأيام، فالتسويق للمطرب عن العائلات التي تسمع المطرب ، كانت أم كلثوم تنظر إلى الموهبة نظرة الجواهرجي الشاطر، ومن العائلات الني دعمت أم كلثوم عائلة " آل عبدالرازق " تبنوا موهبة أم كلثوم ومهدوا لها طريق الغناء، وجاءت بعد ذلك مرحلة أحمد صبري النجريدي الذي كان النقيض لمرحلة أبو العلا محمد، كان ملحنا وكان نصحيته لأم كلثوم " لازم تقدمي الطرب مثل منيرة المهدية في التياتروهات.  

 

دخلت فى جدال مع علماء الأزهر بعد طرحها "الخلاعة والدلاعة مذهبي"، وهذه الأغنية أغضبت علماء الأزهر ، وتم سحب جميع الأسطوانات من السوق وقام أحمد رامى وقتها بتعديل كلام الأغنية إلى "اللطافة والخفافة مذهبي"”.

 

كانت تجيد قراءة الشعر، ولديها ا ثقافة عامة لا تقل عن ثقافة خريجي الجامعات، أرادت أن تصل بغنائها إلى جميع الطبقات فطلبت من الشاعر أحمد رامي أن يكتب لها أغاني باللغة الدارجة، لكي تتواصل مع جميع الطبقات.  

 

قدمت ما يزيد عن 500 أغنية حول العالم العربي كله، ولم تكتفِ بالغناء فقررت أن تخوض عالم السينما وكان لها العديد من الأعمال الفنية، وشاركت بصوتها فقط فى فيلم "أولاد الذوات" عام 1932 ثم شاركت فى تقديم ستة أفلام منها فيلم "وداد" الذى شارك باسم مصر لأول مرة في مهرجان فينيسيا الدولي في ذلك العام . يليه فيلم " قصة نشيد الأمل" وفيلم " دنانير " و "عايدة " و "سلامة " و " فاطمة " . ورغم قلة أفلامها إلا أنه يمكن اعتبار هذه الافلام هي من أبرز الأفلام الغنائية خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات في تاريخ الفيلم الغنائي المصري بصفة عامة، كما أنها أسست عام 1943 أول نقابة للموسيقيين وظلت محتفظة برئاستها لمدة عشر سنوات. كان آخر حفلاتها 3 يناير 1973 غنت في هذا الحفل رائعتي "ليلة حبط و"القلب يعشق كل جميل".

 

رجال فى حياة "كوكب الشرق"..

الرجل الأول في حياة "كوكب الشرق"، هو الشيخ عبد الرحيم، وهو أحد أصدقاء والدها، الذي تزوج منها بشكل صوري، حتى تتمكن من السفر للعراق لإحياء 4 حفلات هناك؛ حيث كان القانون يمنع سفر الفنانات غير المتزوجات إلى الخارج، اضطرت لتلك الحيلة حتى تتمكن من السفر، واستمرت هذه الزيجة ثلاثة أسابيع وهي الفترة التي قضتها "أم كلثوم" خارج البلاد. الرجل الثاني، وهو الشاعر "أحمد رامي"، الذي وقع في غرام "كوكب الشرق" من أول لقاء، واتخذ على عاتقه مهمة كتابة ما يشعر به في أشعار تجسدها بصوتها، لكنها لم تستجب لحبه، فاضطر للزواج من إحدى أقاربه، على أن يظل قلبه عاشقًا لأم كلثوم. وعندما سئلت "أم كلثوم" عن حب "رامي" لها، قالت: "أعلم أن رامي يعشقني، وكتب فيّ من القصائد ما لم يكتبه شاعر قديم في حبيبته، لكني لو تزوجته ستنطفئ نيران الشعر في أعماقه". الرجل الثالث، وكان الموسيقار "محمد القصبجي"، الذي جسّد عشقه لها في ألحانه، وفي موافقته على الجلوس خلفها على كرسي خشبي وفي يده العود، فقد ارتضى أن يعيش صامتًا في حبه لا يرغب سوى في البقاء بجانبها، فهو لم يتحمل فراقها على الرغم من رفضها عددًا من ألحانه.  الرجل الرابع، كان شريف صبري باشا، شقيق الملكة نازلي، الذي وقع أسير حبها، والذي حاول الزواج منها لكن عائلته رفضت هذه الزيجة بشدة مما جعله يتراجع عن قراره ويبتعد، إلا أن حبه لها جعله يعود مرة أخرى ليطلب منها الزواج ولكن بشكل سري وهو ما رفضته كوكب الشرق. الرجل الخامس، وهو أول رجل يخفق قلب "سومة" له وهو طبيب الأسنان والملحن "أحمد صبري النجريدي" الذي أيقظ مشاعر الأنوثة بداخلها ودفعها لارتداء الفساتين والتخلص من العقال الذي كان يشبهها بالرجال، وعندما تأكد من مشاعرها نحوه، طلب الزواج منها، لكن والدها رفض طلبه، وهنا شعر "النجريدي" بالإهانة فانسحب من حياتها. الرجل السادس، وهو الملحن "محمود الشريف"، الذي نشأت بينهما قصة حب كبيرة في منتصف الأربعينيات، وانتهت بالزواج لكنه لم يستمر سوى أسابيع قليلة؛ حيث طلبت "سومة" الطلاق منه بعدما فوجئت بأنه لا يزال محتفظًا بزوجته الأولى. الرجل السابع، هو الكاتب الصحفي "مصطفى أمين"، الذي ظن البعض أن علاقتها به توقفت عند حد الصداقة القوية، إلى أن أكدت الدكتور "رتيبة الحفني" زواجهما بعقد عرفي، لمدة 11 عاما. الرجل الثامن، وهو الدكتور حسن الحفناوي، الذي كان يصغرها بنحو 17 عامًا‏، والذي تزوجت منه بشكل مفاجئ ربما لرغبتها في الاحتفاظ به كطبيب خاص طول الوقت، واستمر زواجها منه حتى وفاتها.

مقالات متعلقة