حركة فتح توقد شعلة انطلاقتها الـ52 غدا ‎

احتفالات حركة فتح

تحتفل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، غدا الأحد الأول من يناير، بمرور 52 عاماً على تأسيسها عام 1965، وهي مناسبة تحييها بهذا اليوم من كل عام. وتعد الحركة من أولى حركات النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأسس الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مع عدد من رفاقه، وأبرزهم (خليل الوزير، وصلاح خلف، وخالد الحسن، وفاروق القدومي)، حركة فتح في أكتوبر عام 1959، لكنها لم تظهر للعلن إلا في عام 1965. ودشنت حركة فتح، ما يعرف بـ"الكفاح المسلح"، من خلال أول عملياتها العسكرية، بتاريخ 31 ديسبمر 1964، حيث فجرّ عناصر يتبعون للحركة نفق "عَيْلَبون" داخل إسرائيل، ما أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين. وأعلنت الحركة عن انطلاقتها في الأول من يناير من العام 1965، في تاريخ وصفته بـ"أنه يوم الثورة الفلسطينية المعاصرة". وصدر البيان السياسي الأول لحركة فتح في ٢٨ يناير ١٩٦٥، وقالت فيه إن أجندتها السياسية والعسكرية لا تتعارض مع الأجندات الرسمية الفلسطينية والعربية. وبعد هزيمة الجيوش العربية عام 1967، واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، واجهت حركة فتح صعوبة كبيرة في استمرار العمل المسلح من داخل الأراضي المحتلة، وبدأت بتأسيس قواعدها على خطوط التماس المواجهة للضفة الغربية، بموافقة الأردن، وأقامت معسكرات تدريب ومقر قيادة في قرية الكرامة في منطقة غور الأردن. وفي العام 1968 تصدت قوات حركة فتح (بدعم من مدفعية القوات الأردنية) للقوات الإسرائيلية ودخلت معها في معركة شرسة عرفت باسم معركة "الكرامة"، انتهت بإجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب. وشكلت "معركة الكرامة"، قفزة كبيرة بالنسبة لحركة فتح، إذ أعلن عن "انتصار المقاومة ومحو عار هزيمة 1967". وأدى ذلك إلى توافد حشود من المتطوعين الفلسطينيين للانضمام إلى حركة فتح، وأصبحت الحركة الأكبر بين التنظيمات الفلسطينية، كما شجع ذلك بعض التنظيمات الفلسطينية على القدوم إلى الأردن. وفي 3 فبراير 1969 انتخب زعيم الحركة ياسر عرفات، رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وأصبح بذلك القائد الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تضم عدة تنظيمات فلسطينية، واستمر بتولي هذا المنصب حتى وفاته عام 2004. وبعد توليه المنصب، أرسى عرفات تطبيق سياسة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، وفي هذا الإطار قامت الحركة بسلسلة من الأعمال المسلحة ضد أهداف إسرائيلية تهدف إلى "إنهاء دولة إسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية علمانية، يعيش فيها جميع أهل فلسطين بمختلف دياناتهم وطوائفهم متساوين في الحقوق والواجبات". ولم يدم تواجد حركة فتح في الأردن طويلاً، إذ بدأت في سبتمبر/أيلول 1970، تتصاعد المواجهات بين التنظيمات الفلسطينية والسلطات الأردنية. وبدأ الجيش الأردني عملياته ضد التنظيمات الفلسطينية بقصف مكثف على القواعد العسكرية الفلسطينية، خصوصاً في منطقة إربد (شمال). وسرعان ما تصاعد القصف والمواجهة لتشمل معظم الأراضي الأردنية، وهو ما يعرف باسم أحداث "أيلول الأسود". وفي عام 1971 غادرت "حركة فتح" برئاسة عرفات الأردن، إلى لبنان، لتبحث لها عن موطئ قدم آخر. وهناك تم تأسيس مقر قيادة لها في بيروت الغربية، و"قواعد مقاومة" في الجنوب اللبناني، المحاذي لشمال إسرائيل. وبدأ رجال حركة فتح بالفعل بشن عمليات مسلحة ضد إسرائيل، لكن سرعان ما اندلعت حرب أهلية لبنانية طاحنة، وجدت المنظمة نفسها متورطة فيها كطرف من حين لآخر. واستطاعت حركة فتح وبفضل زعيمها ياسر عرفات نقل القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية عام 1974، من خلال خطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال حينها من على منصة الأمم المتحدة، "لقد جئتكم بغصن الزيتون في يدي، وبندقية الثائر في يدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي". وكان تواجد حركة فتح وفصائل "المقاومة الفلسطينية" في جنوب لبنان بمثابة الشوكة في حلق إسرائيل، وفق وصف مؤرخين، ولهذا سارعت إسرائيل بإرسال قواتها لاجتياح جنوب لبنان، وتم خلالها قصف كثير من مراكز "المقاومة" الفلسطينية. وبطلب من لبنان، تدخلت الأمم المتحدة وأرسلت قوات "اليونيفيل"، للانتشار جنوب نهر الليطاني، وبعد ذلك أكملت إسرائيل انسحابها من لبنان، لكن الحرب والعمليات العسكرية استمرت في تلك المنطقة لتصل إلى الذروة، باجتياح إسرائيل شبه الشامل للبنان 1982. وأُجبرت القيادة الفلسطينية بزعامة عرفات على التفاوض للخروج نهائياً من لبنان بعد الاجتياح، حيث أبرم اتفاق تخرج بموجبه "المقاومة" الفلسطينية تحت الحماية الدولية من لبنان، مع ضمان أمن العائلات الفلسطينية. وغادر عرفات بيروت بسفينة فرنسية مع كثير من جنوده، كما غادر على سفن أخرى آلاف المقاتلين الذين تم توزيعهم في شتى البلدان العربية. وقد اتجه عرفات إلى تونس التي كانت قد أعلنت موافقتها على استضافة القيادة الفلسطينية. وبعد الخروج من لبنان، ركز عرفات جهوده على العمل السياسي، فكانت ذروة هذا العمل السياسي إعلان الاستقلال الفلسطيني سنة 1988 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة التونسية. وفي بداية تسعينات القرن الماضي، انخرطت إسرائيل ومنظمة التحرير، في مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو، كمرحلة انتقالية، تتمتع فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ بحكم فلسطيني ذاتي يستمر ٥ سنوات، ومنه الانتقال إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ووفقاً لاتفاق أوسلو اعترفت إسرائيل، بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وبالمقابل اعترف ياسر عرفات، بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رسمياً بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين. وفي إطار اتفاقيات أوسلو للسلام تم إقامة السلطة الفلسطينية الحالية. وفي 1 يوليو 1994، عاد ياسر عرفات مع أفراد القيادة الفلسطينية، إلى الأراضي التي أعلنت عليها السلطة، وهي (أجزاء من الضفة وقطاع غزة) وقد التزم عرفات خلال ذلك، بإيقاف الأعمال المسلحة ضد إسرائيل ونبذ ما تُطلق عليه إسرائيل "الإرهاب". ولم يلبث عرفات، أن انتخب رسميا كرئيس للسلطة الفلسطينية، في انتخابات كانت مراقبة من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر. ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول 2000، اتهمت إسرائيل عرفات بالتحريض على أعمال العنف وتشكيل خلايا مسلحة، وذلك عقب استئناف حركة فتح عملياتها العسكرية ضد أهداف إسرائيل، بواسطة جناحها المسلح "كتائب شهداء الأقصى". وفي عام 2002 قامت إسرائيل بمنع عرفات من مغادرة رام الله، لذلك لم يحضر مؤتمر القمة العربية في بيروت في مارس/آذار من هذا العام، خشية ألا يسمح له بالعودة إذا غادر الأراضي الفلسطينية. وفي 29 من الشهر ذاته، حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره في المقاطعة (مقر رئاسة السلطة الفلسطينية) مع 480 من مرافقيه ومساعديه ورجال الشرطة الفلسطينية، وظلت الدبابات الإسرائيلية تحاصر المبنى، حتى تدهور حالته الصحية، والتي أدّت إلى وفاته في وقت لاحق. وتوفي عرفات في ١١ نوفمبر 2004، عن عمر يناهز 75 عاماً، في مستشفى "كلامار"، العسكري في العاصمة الفرنسية، باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره من قبل جيش الاحتلال في مقره بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، واتهم الفلسطينيون، إسرائيل بتسميم عرفات بواسطة مادة إشعاعية، وشكّلت الجهات المختصة في منظمة التحرير لجنة تحقيق بهذا الخصوص، لم تظهر نتائجها بعد. وقررت حركة فتح عبر لجنتها المركزية ومجلسها الثوري؛ ترشيح "محمود عباس" رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ليكون مرشحاً لها في انتخابات الرئاسة الفلسطينية. ونظمت انتخابات الرئاسة الفلسطينية (لم تشارك فيها حركة حماس آنذاك) في التاسع من يناير ٢٠٠٥؛ تحت إشراف العديد من المراقبين الدوليين والمحليين، وكانت النتيجة حصول محمود عباس على ما نسبته 62.52% من إجمالي عدد الأصوات؛ وبذلك يكون قد فاز بالأغلبية. وفي ١٥ من الشهر ذاته، أدّى عباس اليمين القانونية أمام أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني؛ ليصبح رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية. وخسرت حركة فتح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية التي جرت مطلع عام 2006، وتمكنت حركة حماس من الفوز بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني. وكلّف الرئيس عباس، القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، بتشكيل الحكومة، لكن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات. وتنسج حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس، علاقات جيدة مع الدول العربية والإسلامية. وعقدت حركة فتح في 29 من شهر نوفمبر/تشرين ثاني الماضي مؤتمرها السابع في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، وجددت، ثقتها في الرئيس عباس البالغ من العمر (82 عاما)، بانتخابه قائدا عاما للحركة. كما اختتمت أعمال مؤتمرها، بانتخاب لجنة مركزية ومجلس ثوري، وإقرار برنامج سياسي يرتكز على "التمسك بالسلام كخيار استراتيجي". وتوافق محللون فلسطينيون، على فكرة أن نتائج المؤتمر السابع لحركة "فتح"، نجحت في إقصاء القيادي المفصول محمد دحلان، وأتباعه عن الأطر التنظيمية، وعززت نفوذ قائد الحركة العام، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. ومن أبرز التحديات التي تواجه الحركة، في الفترة الحالية، بحسب خبراء، انسداد الأفق السياسي، في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية "متطرفة"، ترفض فعليا، فكرة حل الدولتين، وتعمل ليل نهار على تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس. كما تواجه الحركة بعض المتاعب في مواجهة محمد دحلان، القيادي المفصول من الحركة. وقد أدى رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لإعادة "دحلان" لصفوف الحركة، إلى توتر علاقاته مع مصر والإمارات.

مقالات متعلقة