خالد علي يجيب عن 9 أسئلة تخص التطور القانوني لقضية تيران وصنافير

خالد علي

أجاب المرشح الرئاسي الأسبق وعضو لجنة الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، خالد علي، عن بعض الأسئلة التي تجوب في ذهن البعض، عن التطور القضائي والدستوري، لقضية "تيران وصنافير".

 

وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد رفضت، صباح اليوم السبت، استئناف المحامي علي أيوب على حكم أول درجة الصادر من المحكمة، والذي يقضي بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري، بشأن اتفاقية إعادة "ترسيم الحدود" مع المملكة العربية السعودية، وما تضمنته من آثار عن تبعية جزيريتي "تيران وصنافير".

 

وأقام المحاميان خالد علي وعلي أيوب وعدد من المحامين دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية إلى مجلس النواب بعد موافقة مجلس الوزراء، والتي أسفرت عن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير مع ما يترتب عليها من اثار.

 

وإلى نص ما كتبه خالد علي

 

لتوضيح التطور القانوني والدستورى لقضية تيران هنحاول نجاوب على عدد من الأسئلة:

 

(١) س: إيه اللى حصل الأيام الماضية؟

ج: اللى حصل إن النظام كان عنده فى البداية سيناريو واحد للرد على القضية ينطلق من تمسكه بدفع واحد إن هذا النزاع عمل من أعمال السيادة ليس من حق القضاء الفصل فيه، وامتنعوا عن تقديم أى مستندات أمام محكمة أول درجة، وحاولوا يبانوا إنهم بيحترموا القضاء، وهينتظروا الحكم، واللى كانوا متأكدين إنه هيكون لصالحهم ، وبعدها يعرضوا الاتفاقية على البرلمان، لكن المفاجئة إن الحكم صدر ببطلان الإتفاقية. وبناء على هذا الحكم بدأ النظام يغير طريقة تعامله مع القضية، ووضع عدة سيناريوهات لمحاولة تحويل الدفة لصالحه:

(أ) لجأ عبر أحد المواطنين للطعن على الحكم أمام محكمة غير مختصة وهى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، واستصدرت حكم منها ببطلان حكم القضاء الإدارى لأنه تناول عمل من أعمال السيادة، وهو الحكم الذى أيدته اليوم -كما هو متوقع- محكمة إستئناف القاهرة للأمور المستعجلة.

والهدف من هذه القضية تعطيل تنفيذ حكم الادارية العليا حال صدوره ببطلان الاتفاقية حيث سيلجأ النظام فيما بعد إلى المحكمة الدستورية بدعوى تنازع اختصاص بأن محكمتين مختلفتين تمسكت كل منهم بنظر القضية، وأصدرت حكم مختلف عن الأخر، لتصبح المحكمة الدستورية هى المختصة بتحديد المحكمة صاحبة الحق فى نظر القضية ومن ثم تحديد الحكم الواجب تنفيذه.

 

(ب) لجأ النظام لتقديم إشكال فى التنفيذ أمام القضاء الإدارى لوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، وإحنا ردينا على حكم الأمور المستعجلة وإشكال الحكومة بتقديم إشكال عكسى نطالب فيه بالإستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، وفعلاً صدر حكمين جدد لصالحنا الأول يرفض إشكال الحكومة، ويصف حكم الأمور المستعجلة بأنه حكم باطل، والثانى قضى بإلزام الدولة بالإستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية وحصلنا على صيغة تنفيذية وأعلنا الدولة بها.

(ج) قام النظام بتقديم طلبين للمحكمة الدستورية كمنازعتين لوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية وعلى زعم من القول بأن حكم بطلان الاتفاقية يتعارض مع مبادىء أرستها المحكمة الدستورية العليا، وهذه الدعاوى مازالت بمفوضى المحكمة الدستورية لإعداد تقرير بالرأي بشأنها

(د) قام النظام بالطعن أمام الإدارية العليا وطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم وفى الموضوع بإلغائه، والمحكمة تجاهلت طلب وقف التنفيذ، ونظرت الموضوع وقدمت الحكومة أمام هذه المحكمة عدة مستندات قمنا بالرد عليها جميعها وأثبتنا اصطناعها وقدمنا مستندات تجزم بمصرية الجزر، وعندما أودعت هيئة المفوضين بالإدارية العليا تقريرها كانت المفاجأة التى سقطت على النظام كالصاعقة حيث أوصى التقرير ببطلان الاتفاقية ورفض طعن الحكومة، وبعد المرافعة وتقديمنا مستندات جديدة تثبت مصرية الجزر، قررت المحكمة حجز القضية للحكم جلسة ١٦ يناير ٢٠١٧

 

 

(ه) بدأ النظام يستشعر أن مستنداتنا أقوى من مستنداته وأن الإدارية العليا قد تحكم ببطلان الاتفاقية ويصبح هذا الحكم نهائي ، فاهتزت أركان النظام وبعد أن كانوا يحاولوا الظهور بطريقة النظام الذى يحترم القضاء وينتظر أحكامه، اضطروا للسلوك الأهوج الذى يظهرهم على حقيقتهم كنظام لا يحترم الدستور ولا القانون ولا حجية الأحكام القضائية ، فعقد مجلس الوزراء اجتماع ووافق على الاتفاقية الصادر حكم ببطلانها وأعلنوا أنهم سيرسلوها لمجلس النواب، وجاءت هذه الخطوة لسببين: السبب الأول ستر فضيحتهم بالتنازل عن أرض مصرية عبر إشعال صراع إجرائى وهمى بين السلطتين التشريعية والقضائية لتعبئة الرأى العام بسؤال جدلى حول السلطة صاحبة الاختصاص بمراقبة تلك الاتفاقية هل القضاء أو مجلس النواب.

 

السبب الثانى : محاولة تعطيل حكم الإدارية العليا، فَلَو عرضت الاتفاقية على مجلس النواب ووافق عليها وصدق عليها الرئيس أضحت جزء من قوانين الدولة وهو ما يمكنهم من طلب إعادة الدعوى للمرافعة وتعطيل صدور الحكم، وهنا لا يكون أمامنا غير الطعن بعدم دستورية هذه الاتفاقية وإحالة القضية برمتها للمحكمة الدستورية.

 

 

(٢) س: هل الإدارية العليا ستحكم بالقضية أم ستعيدها للمرافعة من جديد؟

ج: إذا قدم طلب إعادة للمرافعة بعد موافقة البرلمان على الاتفاقية ونشرها يصبح الأمر خاضع للسلطة التقديرية للقاضى فإما يستجيب للطلب ويعيد القضية للمرافعة ليستمع لمرافعات جديدة حول هذا التطور، أو يرفض طلب إعادة الدعوى للمرافعة لعدم وجود جديد حيث أن الادارية العليا لا تحاكم الاتفاقية لكنها تحاكم الحكم الصادر ببطلان الاتفاقية وهل صدر صحيح أم لا تطبيقا على الإطار الدستورى والقانونى وقت صدور الحكم، بما يفيد أن المحكمة تلتفت عن كافة الإجراءات الجديدة باعتبارها إجراءات منعدمة لورودها على اتفاقية باطلة بحكم واجب النقاذ ولم يتم إلغاؤه، وأن النظام اتخذ تلك الإجراءات لتسويف الوقت ومحاولة تعطيل الادارية العليا عن الحكم بالقضية، ومن ثم تصدر الادارية العليا حكمها.

واعتقد أن الحالة الأخيرة هى التى تتفق مع الدستور وأظن أن المحكمة ستلتفت عن طلب الإعادة للمرافعة.

 

(٣) س: من وجهة نظرك هل من حق البرلمان نظر الاتفاقية الآن؟

ج: بالطبع كان من حق البرلمان نظر الاتفاقية قبل صدور الحكم ، أما الآن وبعد صدور حكم القضاء الادارى ببطلان الاتفاقية، وصدور حكم إشكالات التنفيذ برفض طلب الحكومة وقف التنفيذ، وبالاستمرار فى التنفيذ، ووجود طعون لدى الدستورية وطعن أمام الادارية العليا ومحجوز للحكم يوم ١٦ يناير ٢٠١٧ كان من اللازم دستورياً عدم عرض الاتفاقية على البرلمان وانتظار صدور حكم المحكمة الادارية العليا خاصة أن الأحكام السالف بيانها واجبة النفاذ، ومن ثم لا يجوز لمجلس الوزراء الموافقة على اتفاقية قضى ببطلانها وهذه الموافقة لن تمنح الاتفاقية قبلة الحياة بل هو إجراء مخالف للدستور والقانون.

 

 

(٤) س: بس الإجراءات دى استند فيها النظام لحكم الأمور المستعجلة؟

ج: لا طبعاً هذا الكلام غير صحيح، فحكم الأمور المستعجلة غير واجب النفاذ إلا بعد تأييده من محكمة الاستئناف، وموافقة مجلس الوزراء على الاتفاقية والإعلان عن إرسالها لمجلس النواب صدر يوم ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦، وحكم الاستئناف فى الأمور المستعجلة صدر يوم ٣١ ديسمبر ٢٠١٦ هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فالمادة ١٩٠ من الدستور جعلت مجلس الدوله وحده هو الذى يوقف الأحكام الصادرة منه ولا يجوز لمحكمة الأمور المستعجلة تناول أحكام مجلس الدولة، فضلا عن تطور دستورى حدث قريباً فى نزاع مماثل كان يشهد اشتباكاً بين أحكام القضاء الادارى وأحكام الأمور المستعجلة (حيث أصدر هيئة مفوضى الدستورية تقريراً رفضت فيه منازعة التنفيذ المقامة من البنك المركزى على أحكام رفض التحفظ على الأموال من القضاء الادارى فى حين أوقفت الأمور المستعجلة هذه الأحكام وانحاز التقرير لصحيح الدستور وأكد على عدم أحقية محكمة الأمور المستعجلة بوقف أو إلغاء أحكام القضاء الإدارى)، وبالتأكيد هذا التقرير دفع النظام للإحساس بأن سيناريو محكمة الأمور المستعجلة سيفشل مما دفعها للسعى بالسيناريو البديل بتقديم الاتفاقية للبرلمان.

 

(٥) س: انتوا عملتوا إيه النهاردة؟

ج: اعتبرنا تصرف مجلس الوزراء تصرف باطل ومخالف. للقانون وطعنا عليه أمام القضاء ورفعنا قضية ضده فما بنى على باطل هو باطل والمحكمة حددت لنا جلسة ٧ فبراير لنظر هذه القضية، وكمان هناخد أى إجراء قانونى لمحاصرة تصرفات النظام وكشف زيف ادعاءاته وإجراءاته والتأكيد على مصرية الجزر.

 

 

(٦) س: بصراحة احنا توهنا منك قول لنا موقفنا القانوني إيجابى أم سلبى، وإيه أهم قضية فى كل هذه القضايا؟

ج: كل القضايا مهمة ولكن فى سياقها ووقتها، وأهم قضية فى هذا النزاع الآن هى المنظورة أمام المحكمة الإدارية العليا ، والتى سيصدر فيها الحكم يوم ١٦ يناير ٢٠١٧ لو لا قدر الله خسرناها هيبقى موقفنا القانونى صعب ولن يتبقى لنا إلا طلب الاستفتاء عنها باعتبار الاتفاقية تتضمن تنازل عن حقوق السيادة، لكن لو كسبناها وبإذن الله دا اللى هيحصل أو أتمنى إنه يحصل هيبقى موقفنا القانون والدستورى قوى ودا هيساعدنا فى حسم كل القضايا لصالحنا.

 

(٧) س: القانون والقضاء ملهموش قيمة فى النزاع دا والنظام بيعمل اللى هوه عايزه ليه بقى نروح المحاكم؟

ج: فى الحقيقة الدنيا مش بالسهولة دى، طبعاً موازين القوة المادية فى إيد النظام لكن هذه الموازين تختل لو هى مخالفة الدستور والقانون، وعشان كدا بيتم الضغط على المحاكم والتلاعب بالقوانين عشان قرارات النظام تظهر أمام الناس أنها دستورية وقانونية، وخلّينا نكون أكثر صراحة مع نفسنا موقف المعارضين لهذه الاتفاقية أضحى أكثر قوة بعد صدور حكم البطلان، والعكس صحيح بالنسبة لموقف النظام منها.

 

 

(٨) س: بس كدا البرلمان ممكن يوافق ، ننتظر الحكم أم نفعل شىء، وماذا نفعل؟

ج: المسار القانونى والقضائى شكل من أشكال المقاومة وليس هو الشكل الوحيد هناك المسار السياسى والمجتمعي لفضح جريمة التنازل عن أرض مصرية وعدم احترام الدستور والقانون، والسعى لوقف هذه الجريمة والحفاظ على أرضنا وحقوقنا، واستخدام كافة الوسائل السياسية لذلك، ففى مواجهة نظام مستبد كهذا حتى ينجح المسار القانونى والقضائى يجب أن يصاحبه ظهير سياسى ومجتمعى قوى وفعال فى الشارع وإلا الجزر هتضيع. يعنى من حق الناس اللى عايزة تتحرك حسب رغبتها سواء فرادى أو جماعات، مثلاً قابلوا أعضاء مجلس النواب بدوايركم واطلبوا منهم رفض عرض الاتفاقية ورفض التنازل عن الجزر، اكتبوا عن مصرية الجزر والمحكمة أكدت دا، وافضحوا مخططات بيعها، اعقدوا حلقات نقاش على المقاهى والشوارع والحوارى، نظموا احتجاجات بكافة الطرق للتعبير عن رفض هذه الاجراءات.

 

(٩) س: لسه حاجة تانية؟

ج: أيوة كل سنة وكل شعب مصر بخير وعافية، وكل سنة وإحنا قادرين نقاوم الاستبداد والطغيان والظلم، أوعى تصدق اللى يقولك مفيش فايدة، طبعاً فيه فايدة كل ما اتمسكنا بحقوقنا، وكل مازاد عدد المقاومين هيفضل دايما فى أمل، أى نظام مستبد فى العالم كل غايته إن يفقد شعبه ثقته فى نفسه، ويقزم إحساسه بقدرته على التغيير، ويحرمه من انه يناقش حقوقه ومستقبله، واحنا مستقبل بلادنا وودلانا فى استمرار حركتنا ومقاومتنا ورفضنا للصمت على الظلم والاستبداد .

 

مقالات متعلقة