الطلاق قرار صعب يحتاج إلى التفكير كثيرا في تبعاته ونتائجه التي تؤثر سلبا على شريك الحياة فضلا عن الأطفال الذي يحتاجون أن يعيشوا في أسرة حقيقية بين آباء متفاهمين.
وقالت الدكتورة دعاء راجح: "للأسف الشديد يقدم الكثيرون على قرار الطلاق في لحظات الانفعال، دون تفكير متروي في تبعات وآثار هذا الطلاق على الزوجين والأطفال".
ونصحت راجح الأزواج عبر تدوينة لها على فيسبوك: "في لحظات الانفعال أجلوا قرار الطلاق لحد ما تستردوا قدرتكم على التفكير، لأن في لحظات الغضب بتخرج كيماويات في جسمك بتطغى على أي تفكير عقلاني منطقي"، لافتة إلى أن "قرار الطلاق محتاج إلى تفكير طويل والأفضل أن يكون تفكير مشترك بينكم أنتم الإثنين لما سيكون عليه الوضع بعد كده".
وطالبت الاستشارية الأسرية بضرورة "التفكير في كل واحد فيكم وكيف سينهى المعاناة، وأهم نقطة ألا تقدم على الزواج للمرة الثانية إلا لما تكون أنهيت تماما آلام المرة الأولى نفسيا، واستعدت توازنك النفسي".
وأشارت راجح إلى أن الطلاق "هزة كبيرة بتفقدك ثقتك في نفسك وقدرتك على اتخاذ القرار الصحيح وحكاية داوها بالتي كانت هي الداء، وأنك تجيب ست تانية تحل مكان الأولى تفكير فيه خطورة كبيرة وممكن تندم عليه بعد كده".
وتساءلت: "إلى من ستلجأ ليدعمك ويساندك نفسيا؟ هل عندك مشاريع نجاح ممكن تتعمل في الفترة دي وهل هتقدر تبدأ بداية جديدة تشغل عقلك؟ هل هتقدروا تفكروا بالعقل ولا تلجأوا لحد عاقل"، مطالبة بألا يكون هذا الشخص من الأهل والأقارب "حد محايد علشان يحكم بينكم بالعدل".
وأضافت راجح: "بالنسبة للأولاد والمسئولية النفسية والمادية هيبقى الوضع إزاي وهتتشاركوا في هذا الأمر إزاي"، لافتة إلى أن "الكثير من الرجال يحب أولاده لكنه لا يعلم كيف يتصرف معهم بعد الطلاق، وبيحس بالفشل في التواصل معاهم لوحده وخاصة لو أطفال صغار، ودا بيخليه يبعد عنهم ويحاول يقفل الصفحة تماما، ويتخلى عنهم تماما لأنها بتفكره بالفشل في حياته الزوجية والفشل في علاقته بيهم".
ونصحت الاستشارية التربوية الآباء، قائلة: "حاول تتعلم إزاي تثري أوقات اللقاء الي بينكم بحيث لا تفقد حبهم واحتياجهم ليك، حاول تفهم احتياجاتهم منك على حسب المرحلة السنية بتاعتهم مش احتياجات مادية بس لكن كمان احتياج نفسي، حاول تبعدهم عن دائرة الصراع بينك وبين والدتهم فهم مالهمش ذنب في أنهم يتحملوا نتيجة فشلكم أنتم الإتنين مع بعض".
ووجهت راجح جديثها للأم: "كلام للأم أوعي تكرهيهم في والدهم وبعدين تقولي أنه مش بيعبرهم، ماهو الكره الي انتي بتغرسيه فيهم بيطلع في تعاملهم معاه وبيزود الفجوة بينه وبين أولاده لدرجة تخليه يبعد ويقفل صفحتهم خالص من حياته، ولا كأنه خلف أصلا والرجال بتقدر على كده".
ولفتت راجح إلى أن "الأبوة مكتسبة والحب الأبوي بينمو بحب الأولاد ليه وتعلقهم بيه وليس فطرة زي المرأة"، مطالبة المرأة "حاولي دايما علاقتهم بوالدهم تنفصل تماما عن علاقتك انتي بيه فهم ليسوا ملكا لك، وسيظل هذا الرجل أبوهم بالرغم أنه مش زوجك، كل ما استمرت علاقة الأولاد بأبيهم دا بيديهم إحساس بالأمان أكتر وبيشجعه أنه يتحمل مسئوليتهم أكتر".
ونصحت الاستشارية الأسرية الآباء: "فكر فى احتياجاتهم المادية وقرر مهما كانت سوء علاقتك بوالدتهم فليس لهم أي ذنب أنك تحرمهم حتى من الإحساس المادي للأمان لو مش قادر تديهم الإحساس النفسي"، مطالبة الآباء: "حاولوا تخلوا العلاقة بينكم علاقة مشاركة وتعاون لمصلحة الأولاد مش علاقة عداء وحرب كل واحد فيكم عايز يكسبها بكسب الأولاد".
وأضافت: "مهم كمان لما تيجوا تتجوزوا للمرة الثانية أنكم تختاروا من يتقبل ماضيكم بكل مسئولياته وأحماله؛ يعنى تختار واحدة ممكن تكون أم تانية لأولادك، وتختارى واحد ممكن يكون أب تاني لأولادك.. فكروا الأولاد هيكونوا فين في الوضع دا، وكل ما الأمور دي اتعالجت بهدوء وبالعقل؛ كل ما هيبقى تأثير الطلاق عليكم أقل وعلى الأولاد".
وأوضحت راجح أن ما يؤثر على نفسية الأطفال "هو الصراع والعداء والاتهامات المتبادلة، وحالة الحرب الي بيعلنها الطرفين على بعض كل دا بيحسسهم بانعدام الأمان، وأنهم اتحطوا في حلبة صراع أو ساحة معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ومش عارفين مين الصح ومين الغلط، ومش فاهمين هو ليه الحرب دى مستعرة.. أصلا هم حاسين بنيران متراشقة من الجهتين وممكن تصيبهم هم كمان، ولا بيبقوا عارفين ولا فاهمين هو ليه كده وممكن يعملهم صدمة شديدة".
واختتمت راجح تدوينتها: "كل ما كان الطلاق متعقل كل ما أثره عليهم بيقل كتير، والطلاق مش قرار سهل دا قرار مصيري أصعب كمان من قرار الزواج نفسه، فأتمنى أن نفكر فيه سويا بالعقل وبالراحة علشان يتم بأقل خساير ممكنة ليكم ولأولادكم".