قدم معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب (INSS) للرئيس الإسرائيلي "رؤوفين ريفلين" الاثنين 2 يناير تقرير "تقدير الاستخبارات" الذي يتضمن مؤشر التهديدات التي تواجه إسرائيل عام 2017.
ويدور الحديث بحسب صحيفة "معاريف" عن تحليل المحيط الاستراتيجي، والتهديدات والفرص وسلسلة من التوصيات المقدمة لدائرة صناع القرار.
وعلى رأس التهديدات التي شملها تقرير المعهد الذي يترأسه اللواء احتياط "عاموس يدلين" جاء تنظيم حزب الله اللبناني، وبحسب معدي التقرير :”يواصل حزب الله الوقوف على رأس أخطر التهديدات المحتملة. بصواريخ متعددة المدى أكثر فتكًا من الماضي، صواريخ دقيقة، طائرات هجومية وانتحارية بدون طيار، صواريخ بحرية متطورة، دفاع جوي من أفضل الصناعات الروسية، ووحدات برية مدربة على احتلال بلدات إسرائيلية".
وتأتي إيران في المركز الثاني في جدول التهديدات المحدقة بإسرائيل :”فرغم الاتفاق النووي الذي يمنح إسرائيل متسعًا من الوقت على المدى القصير، تواصل إيران تعزيز قدراتها التقليدية وسوف تواجه إسرائيل دولة خطيرة للغاية على المدى المتوسط والطويل، مع شرعية دولية لبرنامج نووي واسع وغير محدود. على خلفية الحرب في سوريا، ترسخ إيران والجماعات الموالية لها وجودها على الساحة القريبة من إسرائيل".
التهديد الثالث من حيث الخطورة على إسرائيل يتمثل في حركة المقاومة الإسلامية حماس بقطاع غزة. بحسب التقرير يدور الحديث عن "احتمالية هي أعلى لتفجر الأوضاع. صحيح أن التنظيم جرى ردعه لكنه يواصل بناء قوته، حتى إذا كان الطرفان غير معنيين بذلك، فإن مواجهة يمكن أن تندلع بسبب تصعيد خارج عن السيطرة لحادثة محلية، أو أزمة اقتصادية- اجتماعية عميقة في القطاع تنفجر في وجه إسرائيل".
ويشير التقرير الإسرائيلي إلى "تطور إيجابي" خلال العام الأخير، ممثلا في تلاشي تهديدات جيوش الدول العربية المحيطة بإسرائيل :”ظل التهديد العسكري المباشر التقليدي على إسرائيل منخفضا بشكل كبير- وتلاشى تماما التهديد التقليدي للجيوش العربية الخاصة بدول الجوار، لكن المليشيات الشبه عسكرية بتمويل إيراني تسير قوتها في اتجاه تصاعدي".
علاوة على ذلك، أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بأمن إسرائيل، وتجسد الاتصالات بين إسرائيل وواشنطن بخصوص المساعدات العسكرية للعشر سنوات القادمة الالتزام الأساسي الأمريكي بأمن إسرائيلي، حتى وإن تخللتها بعض التوترات بين الحكومات.
وكتب معدوا التقرير أن الاتفاق النووي الإيراني أجل التهديد النووي على إسرائيل لفترة تتراوح بين 10 إلى 15 عاما. وإذا لم يحدث تحولا في السياسة الإسرائيلية، يتوقع أن تشهد إسرائيل عقدا من التباطؤ في مجال التهديد النووي. وعلى المدى القصير ورد في التقرير أن الاتفاق النووي لم يضر إسرائيل، باستثناء ترميم المكانة السياسية لإيران.
في هذا الصدد، أشير إلى أنه رغم القيود المفروضة على إيران في إطار الاتفاق، فيتوقع أن تعود بعد 10-15 عاما لإقامة البنية النووية بشكل مكثف، مع شرعية نووية يقرها الاتفاق، وتسمح لطهران خلال وقت قصير بتصنيع القنبلة النووية.
وشدد التقرير على جدوى عدم تدخل إسرائيل في الصراع الإقليمي الذي يتخذ من سوريا ملعبا له، مع حرصها على الدفاع عن مصالحها الحيوية. في المقابل اتسعت دائرة المصالح المشتركة بين إسرائيل والدول العربية السنية – البرجماتية. كذلك فإن اكتشافات الطاقة وحقول الغاز الإسرائيلية تساهم في النمو الاقتصادي لإسرائيل وتساعد في تحسن علاقاتها بالعديد من الدول.
وانتقد التقرير الجمود السياسي مع الجانب الفلسطيني، وتقديس الوضع الراهن، وعدم تقديم مبادرات سياسية من شأنها تحسين وضع ومكانة إسرائيل دوليا.
ورأى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب أن تراجع مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كان له انعكاسات سلبية على إسرائيل.
تدهور مكانة إسرائيل دوليا
كذلك، سلط التقرير الضوء على تدهور مكانة إسرائيل دوليا بسبب حملات المقاطعة المنتشرة ضدها في أوروبا مثل BDS، والسياسات التي تنتهجها على الساحة الفلسطينية، الأمر الذي يسهل من نشاط الجماعات المعادية لإسرائيل التي تعمل على سلبها "الشرعية الأخلاقية" والسياسية ومحاولة فرض المقاطعة عليها في مجالات مختلفة.
واعتبر أن ثمة نقاط سلبية أخرى تهدد إسرائيل، تتمثل أحدها في “الجمود السياسي المتواصل، والأزمة الاقتصادية، وأزمة القيادة الفلسطينية، واليأس المتصاعد على الساحة الفلسطينية والتحريض”، مشيرا إلى أن هذه العوامل تغذي تنفيذ الفلسطينيين هجمات "الذئاب المنفردة" واحتمالات تفجر الأوضاع. وخلص التقرير في هذه المسألة أن استمرار التوجهات الحالية، المعروفة خطئا بـ”الوضع الراهن”، يقلص مساحة الاختيارات أمام إسرائيل، ويهدد مستقبلها كدولة يهودية ديمقراطية.
الباحثون في المعهد يشيرون أيضا إلى تدهور التضامن الاجتماعي، واتساع الفجوات الاجتماعية في إسرائيل، معتبرين أن “الهجمات على شرعية قادة الجيش الإسرائيلي وقيمه وانجرار الجيش لمواجهات سياسية كسر الأرقام القياسية السلبية”.
توصيات
يشير معدو التقرير الاستراتيجي إلى ضرورة استغلال إسرائيل "التوقيت الاستراتيجي" المتعلق بالظروف الإقليمية لطرح مبادرة سياسية شاملة مع الجانب الفلسطيني.
وأوصى التقرير القيادة الإسرائيلية بإظهار جاهزية عسكرية لمواجهات واسعة النطاق مع حزب الله وحماس، مع تطبيق الدروس المستفادة من المواجهات السابقة، وبذل جهود لتقليص مخاطر اندلاع تلك المواجهات :”احتمال التصعيد الرئيس مع حزب الله يكمن في عمليات إسرائيل لوقف شحنات السلاح المتطور للتنظيم، وفي سعي إيران وحزب الله لإيجاد موطئ قدم بهضبة الجولان والهجوم على إسرائيل من تلك الجبهة".
وبخصوص حزب الله :”إسرائيل مطالبة بإجراء دراسة متواصلة لسياستها في هذا الإطار، بهدف الاستمرار في تقليص نقل السلاح النوعي للتنظيم ومخاطر التصعيد الكامنة به. كذلك على إسرائيل الاستمرار في تحسين وتطوير المعلومات الاستخبارية التي بحوزتها حول الأنظمة العسكرية الرئيسية لحزب الله، لتمكينها من استهدافها بفاعلية وسرعة حال اندلاع المواجهة.. يتعين على إسرائيل لتنسيق خططها مع العلاقات المستجدة بين حزب الله والحكومة اللبنانية، ةوبناء عليه تحديد تعاملها مع دولة لبنان وبناها التحتية في الحرب”.
بالنسبة لحزب الله، جاء في التقرير :”يجب استنفاد كل ادوات القوة الوطنية لإبعاد المواجهة القادمة، بما في ذلك السياسة الاقتصادية وإقامة البنى التحتية لتحسين أوضاع السكان (بقطاع غزة). وحال اندلاع مواجهة يتطلب تحديد الوضع السياسي المطلوب، كبوصلة لأهداف الحرب، والحرص في ضوئه على تقليص وقت المعركة من خلال استغلال قوة النيران والاستخبارات، والمناورة والدفاع، مع تقليص الثمن الذي يمكن لإسرائيل دفعه في الأرواح والممتلكات والوعي والبعد السياسي. يتطلب رد فعل فاعل لمنظومة الأنفاق وقنابل الهاون استكمالا للحفاظ على الإنجازات في مجال مواجهة الصواريخ”.
التوصية الأخيرة التي تضمنها التقرير تعزيز العلاقات الاستراتيجية وترسيخ الثقة مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب :”سوف تبقى الولايات المتحدة الشريك الرئيس لإسرائيل في مواجهة تحدياتها الأمنية والسياسية”. وختم التقرير بتحذير إسرائيل من الافتتان بسحر القوى الأخرى كروسيا والصين.
الخبر من المصدر..