وفاة المستشار وائل شلبي الأمين السابق لمجلس الدولة، المتهم بإحدى قضايا الرشوة الكبرى داخل محبسه، فتحت تساؤلات عديدة عن العلاقة بين الدولة والسلطة القضائية، ومدى تأثيرها على هذه العلاقة الذي وصفها سياسيون بـ" الملتبسة" عقب حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية " تيران وصنافير".
سياسيون وقضاة اختلفوا في رؤيتهم للأمر، فهناك من يرى أن هناك صراعاً ظهر عقب الحكم ببطلان اتفاقية" تيران وصنافير" وهو مايُعد مُخالفاً لرغبة الدولة وأنها محاولة للسيطرة على القضاء، فيما يرى آخرون أنه لا أزمة بين السلطتين، وليس هناك مجال لفقدان القضاء استقلاليته.
في هذا الإطار قال المستشار محمد حامد الجمل ، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن مجلس الدولة هو المنوط به الفصل في المنازعات بين الدولة والأفراد؛ لذلك فهو صاحب قراره مستقلاً ولا يخضع لأحد، مُستبعداً وجود أزمة بين الدولة والسلطة القضائية نتيجة لحكم بطلان اتفاقية" تيران وصنافير".
وأضاف الجمل، لـ" مصر العربية" أن ليس لديه معلومات بشأن حادث وفاة المستشار وائل شلبي، ولكنه يرى أن الموضوع لن يكون له تأثير على القضاة ولن يُمكن السلطة التنفيذية من التدخل في شئونهم، كما أنه ليس مبرراً لتمرير البرلمان لمقترح قانون السلطة القضائية الذي يعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعيين روؤسائها.
وأشار رئيس مجلس الدولة الأسبق، إلى أن القضاء مستقل ولن يستطيع أحد نزع هذا الأمر منه، موضحاً أنه سيستمر على ذلك حتى لو أُقر هذا القانون.
تيران وصنافير السبب
وعلى العكس منه يرى المستشار عادل فرغلي، رئيس قسم التشريع الأسبق بمجلس الدولة، إن حادث وفاة المستشار وائل شلبي الأمين السابق لمجلس الدولة، سواء كان انتحارا أم قتلا، فسيكون تأثيره سيئًا جداً على وضع القضاة بمصر؛ لأنه سيُطلِق يد السلطة التنفيذية في التعامل مع السلطة القضائية وخاصة مجلس الدولة.
وأضاف فرغلي، لـ" مصر الدولة" أن مجلس الدولة هو المنوط به الفصل في المنازعات بين الدولة والأفراد، مشيرًا إلى أنَّ هذا الحادث وحكم المستشار يحيى الدكروري ببطلان اتفاقية "تيران وصنافير"، سيؤثر على مشروع القانون الذي ينظره البرلمان حاليًا الخاص بتعيين رؤساء الهيئات القضائية، وهو ما سيجعل التعينات تتم وفق رؤية الدولة وسيتم تخطي الأقدمية، وهو ما يكون "وصمة عار" لمن تتخطاهم التعيينات.
واستنكر رئيس مجلس الدولة الأسبق، الحديث عن انتحار المستشار شلبي، قائلا: "هو مقبوض عليه حالياً فمتى انتحر؟"، مُشيراً إلى احتمالية وجود شركاء له أرادوا التخلص منه.
صراع محتدم
ومن جانبه قال الدكتور حازم حسني،أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن قضايا الفساد التي تظهر فجأة في مؤسسة القضاء، تدخل ضمن الصراع الحالي بين السلطة القضائية والتنفيذية، خاصة بعد حكم مجلس الدولة ببطلان اتفاقية جزيرتي" تيران وصنافير" التي أبرمتها الحكومة مع السعودية. وأضاف حسني، لـ" مصر العربية" أن الصراع الحالي بين السلطتين يدخل ضمنه قانون الهيئات القضائية الذي يريد البرلمان اقراره، مُشيراً إلى أن تمرير هذا القانون سيجعل للرئيس الحق في تعيين من يرغب كرؤساء للهيئات القضائية وهو ما سيجعل السلطة القضائية تحت سيطرة الرئيس.
وأوضح، أن شكل الصراع ونتيجته يتوقف على القضاة ، فإذا وقفوا مثلما فعلوا أيام مبارك لن يمر هذا القانون وسيشكلوا شوكة في " حلق النظام"، أما إذا استكانوا وساروا في" مواكب التطبيل" سيمر القانون وغيره من اجراءات نزع استقلالية القضاء.
الفساد بكل مؤسسات الدولة
واستبعد الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الدستوري، تأثير قضايا الرشوة التي ظهرت مؤخراً بمؤسسة القضاء على استقلاليته؛ لأن كل مؤسسات الدولة بها فساد، والأمر ليس مُقتصراً على الجهات القضائية فقط، مع الاعتراف بأن وقعها يكون سىء عندما تتعلق بالقضاءـ على حد قوله.
كما أشار كبيش، إلى أن هذا الأمر لا يتعلق بمشروع القانون الذي يكفل للرئيس تعيين روؤساء الهيئات القضائية الذي يناقش حالياً بالبرلمان، ولن يكون سبباً في تمريره، كما يُردد البعض ، مُطالباً في نفس الوقت بعدم تمرير هذا القانون لأنه سيكون سيئاً. وأضاف، أنه ليس صحيحاً وجود أزمة بين الدولة والقضاء على خلفية حكم بطلان اتفاقية جزيرتي" تيران وصنافير" التي أبرمتها الحكومة، مُشيراً إلى أن هذا الحكم دليل على استقلالية القضاء.
و تُوفي اليوم الإثنين المستشار وائل شلبي، الأمين العام لمجلس الدولة، المحبوس 4 أيام على ذمة التحقيقات في قضية "رشوة الملايين"، بعد انتحاره في مقر احتجازه.