في بوادر قد تدعو للتفاؤل كشف البنك المركزي، الأحد، عن أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفعت بنسبة 33.2% في شهر نوفمبر الماضي، وهو الشهر الذي قام فيه البنك بتحرير سعر صرف الجنيه.
المركزي أوضح أن تحويلات المصريين في الخارج سجلت 1.7 مليار دولار في نوفمبر الماضي بزيادة 423 مليون دولار عن أكتوبر، مشيرا إلى أن التحويلات في شهر أكتوبر شهدت ارتفاعا أيضا بنسبة 35.7% لتصل إلى 1.3 مليار دولار مقابل 937.3 مليون دولار في سبتمبر.
بيان المركزي جاء بعد يومين من إعلانه عن تراجع حاد في تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من العام الماضي 2016، حيث أكد البنك أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تراجعت بمعدل 22.3% خلال هذه الفترة.
وكشف أن صافي التحويلات الواردة انخفضت بمعدل 21.3% لتسجل نحو 3.39 مليار دولار مقابل نحو 4.32 مليار دولار، فيما انخفض صافي التحويلات الخاصة لتقتصر على نحو 3.36 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2016-2017 مقابل 4.29 مليار دولار.
السبب وراء الارتفاع في التحويلات خلال نوفمبر وأكتوبر ليس سرا، فمنذ تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي تحسنت الوارد الدولارية التي تتحصل عليها البنوك من تحويلات المصريين في الخارج، حيث لم يعد هناك فارق يذكر بين سعري الدولار في البنوك والسوق السوداء التي كان يلجأ لها الكثيرين، ولكن ما الذي يعنيه هذا التحسن؟!.
الدكتور ضياء الناروز الخبير الاقتصادي، ونائب مدير مركز صالح كامل أكد أن من أهم الآثار التي ترتبت علي قرار البنك المركزي بتعويم العملة المحلية في نوفمبر 2016، هو ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج؛ خاصة أن تحويلات العاملين بالخارج أحد أهم مصادر الصرف الأجنبي في مصر جنباً إلى جنب مع السياحة وقناة السويس.
وقال "الناروز" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" إن الزيادة في تحويلات العاملين بالخارج سيكون لها آثارها علي سعر العملة المحلية وعلى مستوى الأسعار؛ لكن ذلك يتوقف علي حجم الزيادة، وفي ظل هذه الزيادة في حجم تحويلات العاملين بالخارج والتي بلغت 422,8 مليون دولار يكون اثر هذه الزيادة محدود، ولا يعوض الهبوط الذي حدث في دخل قناة السويس أو السياحة.
في الوقت ذاته كشف البنك المركزي، عن أن متحصلات رسوم المرور بقناة السويس تراجعت بمعدل 4.8 %، خلال الربع الأول من العام المالي الحالي "يوليو، أغسطس، سبتمبر 2016"، مسجلة نحو 1.3 مليار دولار مقابل نحو 1.4 مليار دولار.
وعن الإيرادات السياحية قال المركزي أنها تراجعت بمعدل 56.1% خلال "يوليو أغسطس وسبتمبر 2016"، فقد اقتصرت إيرادات مصر من السياحة على 758.2 مليون دولار مقابل 1.7 مليار دولار.
وتراجعت الإيرادات بسبب انخفاض عدد الليالي السياحية بمعدل 61.3% لتسجل 9.2 مليون ليلة مقابل 23.7 مليون ليلة، بحسب بيان صدر عن البنك المركزي.
وبالنظر إلى الأرقام الصادرة عن البنك المركزي فقد ارتفعت التحويلات، وتراجعت إيرادات السياحة وقناة السويس، ولكن نسبة الهبوط غلبت على الصعود، وهو الأمر الذي يحد من إيجابيات صعود التحويلات.
ويرى الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي أن صعود التحويلات مقترن بارتفاع أسعار الفائدة بـ٣٠٠ نقطة أساس واهتمام قطاع كبير من المصريين في الخارج بربط أوعية ادخارية بالعملة المحلية للاستفادة من أسعار فائدة تجاوزت ٢٠٪.
وقال "نافع" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن هذا الارتفاع أيضاً أمر يمكن قراءته في ضوء اطمئنان جانب من المصريين في الخارج إلى قرار التعويم والذي يضمن ألا تفقد التحويلات عبر البنوك جزء كبير من الفرصة البديلة لو أن التحويل تم عبر قنوات غير رسمية.
وحول ما إذا كان هذا الارتفاع سيسهم في سد العجز في المعروض من العملة الصعبة، أكد نافع، أن التحويلات بالكاد قد اقتربت من معدلاتها القديمة قبل تولّى هشام رامز وقراراته المهددة للتحويلات والإيداعات بصفة عامة لكنها من المفترض أن تتجاوز تلك القيمة بمعدل نمو مناسب للزيادة الدورية في الأجور وهو ما لم يحدث.
وأشار إلى أن استقرار الإيرادات الدولارية المتنوعة هو الضمانة الوحيدة لاحتواء الآثار الصعبة للتعويم وفى مقدمتها التضخم المخيف.