مفجعٌ الوضع الإنساني لمن تبقى داخل الأراضي السورية في ظل عجز المجتمع الدولي عن تقديم المساعدات للمحاصرين أو النازحين من منطقة لأخرى في وقت يتعرض فيه اتفاق وقف إطلاق النار لانتهاكات متعمدة وممنهجة من قبل الميليشيات الإيرانية والشيعية والنظام السوري خاصة في مناطق وادي بردى والغوطة وريف إدلب.
هل تصمد الهدنة؟ وماذا بعد إن صمدت؟ وهل تثمر المفاوضات السياسية بين تركيا وروسيا وإيران عن شيء؟ وكيف حال النازحين من أهالي حلب؟ كلها نقاط تطرق إليها فراس الحاج الناشط الحقوقي السوري في حواره لـ"مصر العربية".
وفيما يلي نص الحوار..
كيف هي أحوال النازحين من أهالي حلب الذين انتقلوا لريف حلب الغربي؟
المناطق التي استقبلتهم غير مهيأة لاستقبال نازحين لذلك لجأوا لمخيمات في أراض زراعية لا يوجد بها خدمات سواء ماء وكهرباء وغيرها فهم يفترشون الأراضي الزراعية.
في هذا الطقس البارد يعاني النازحون أشد المعاناة في ظل عدم إيصال المساعدات لهم، وكل هذا يحدث لصالح التغيير الديموغرافي في سوريا الذي تنفذه الميليشيات الشيعية.
وكيف رأيت اتفاق وقف إطلاق النار؟
ترحيب المعارضة باتفاق وقف إطلاق النار أظهر إنسانية جمهور الثورة السورية ورغبة المعارضة في وقف شلالات الدم السورية.
اتفاق وقف إطلاق النار إن صمد سيكون أول خطوات الحل السياسي للأزمة السورية وإن كان يتعرض لانتهاكات مستمرة من ميليشيا حزب الله اللبنانية الشيعية والطيران الروسي والقوات الإيرانية خاصة في ريف إدلب ووادي بردى ومناطق أخرى، وهو ما دعا فصائل المعارضة لإعطاء مهلة قبل إعلانها الانسحاب من الهدنة.
وأكمل، من المفترض أن تؤدي الهدنة إلى وقف القتل وسفك دماء السوريين وأن يتبعها مفاوضات وفق قرارات مجلس الأمن خاصة الفصل السابع الذي يقضي بإدخال المساعدات والإفراج عن المعتقلين حتى الوصول لحكومة انتقالية.
وقبل أي شيء يجب وقف عمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي التي تنفذها الميليشيات الشيعية من أجل جدية المباحثات والوصول لحل على أسس ومعايير.
كم عدد الميليشيات الشيعية التي تخصها بالذكر في سوريا؟
في سوريا يوجد أكثر من 60 فصيلا شيعيا أجنبيا يأتمرون بشكل مباشر من جانب إيران والحرس الثوري وتقدر قواتهم بما يربو على 60 إلى 90 ألف مقاتل وغالبيتهم منتشرون في دمشق وحلب وحمص.
وإخراج العرب والدول العربية من القضية السورية هو ما سنح لإيران بنشر قواتها وميليشياتها والتمدد في سوريا والسماح للروس بفعل ما يشاؤون في سوريا.
أنباء تتواتر أن روسيا وإيران تتمسكان بقوة في مفاوضاتهما مع تركيا ببقاء بشار الأسد على رأس السلطة ولو لبرهة يعقبها انتخابات جديدة .. هل تقبلون بذلك؟
نحن لا نقبل برحيل بشار فقط ولكن منظومته المتورطة في جرائم حرب بالكامل ولا بد أن تلقى العدالة وتحاسب على كل جرائمها بجانب إقالة وتفكيك الأجهزة الأمنية الملطخ أيديها بالدماء السورية.
أقصى تنازل من الممكن أن نقدمه أن نقبل بخروج آمن لبشار الأسد للحفاظ على ما تبقى من سوريا وإخراج المعتقلين، ولكن لا يمكن لعقل أن يتقبل بقاء الأسد في سدة السلطة وهو مجرم حرب يجب أن ينال عقابه، فقد قتل مئات الآلاف من أبناء شعبه وهجر ثلثيه خارج البلاد وأصبحوا مشردين في كل دول العالم ومن يتواجد داخل الوطن لا يجد قوت يومه.
غياب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عن المفاوضات المقرر عقدها في كازاخستان هل يفقدها الجدية؟
لا أعتقد أن واشنطن غائبة عن المشهد والمفاوضات فما يحدث ناتج عن تناغم بينها وبين خصومها في سوريا ولا شيء يحدث دون علمها أو دون أن يكون لها دور معين فيه.
وأما عن اتفاق وقف إطلاق النار فمن توصل له الدول الفاعلة على الأرض بحكم أن لها قوات ووجود عسكري كبير على الأرض.
ولكن الغائب الوحيد عن المفاوضات وما يحدث هم العرب والاتحاد الأوروبي ونحن كسوريين لا يعنينا ويضيرنا إلا غياب العرب، ونؤمن أن وجود طرف عربي في هذه المفاوضات أمر ضروري جدا.
ولكن السعودية تراجعت بعض الشيء في ملف سوريا، واعترضت إيران على وجودها في مباحثات كازاخستان..
وجود السعودية أو غيرها مطلوب جدا في المفاوضات، فالطرف العربي هو الضمانة للشعب السوري، ولكن المملكة العربية السعودية تم إشغالها عمدا بما يحدث في اليمن وتصعيب عليها الأمور هناك، وللأسف الخلافات العربية العربية أثرت على الملف السوري بالسلب بشكل كبير وغيبت الطرف الفاعل عنه.
عدم المصارحة بين الدول العربية حول الملف السوري لم يجعلها تخرج من المشهد وحسب ولكن المعارضات التي تدعمها هذه الدول خفت وميضها على الساحة السورية.
"التخلي عن حلب مقابل السماح لقوات درع الفرات التمدد أكثر في سوريا" .. هكذا فسر البعض صمت تركيا على سقوط حلب .. فهل تلقون عليها اللوم؟
لكل دولة مصالح في سوريا لا شك في ذلك ولكن على الصعيد الإنساني قدمت تركيا للشعب السوري مالا لم تقدمه دولة أخرى واستقبلت ملايين اللاجئين الذين بالطبع يؤثرون بشدة على اقتصاد أي دولة.
والشمال السوري يمثل خطرا حقيقيا لتركيا حيث سعي الأكراد للانفصال واقتطاع دويلة لهم بشكل يهدد الأمن القومي التركي فتدخلت في سوريا من باب الحفاظ على أمنها ومصالحها.
والعالم بأسره وقف يتفرج على إبادة حلب وكان بإمكان العالم أن يفعل شيئا بدلا من اتهام تركيا وعلى سبيل المثال مجلس الأمن اجتمع ثلاث مرات لوقف القتل ولم يقدم على شيء ووقف يشاهد حتى سقطت حلب.
ربما تكون المعادلة التي ذكرتها صحيحة ولكنها إن صحت ستكون في رأيي مقايضة لبدء الحل السياسي للأزمة السورية.
هناك معلومات أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت بندا في ميزانيتها لعام 2017 يسمح بمد المقاتلين في سوريا بأسلحة مضادة للطيران .. هل تسند للثوار أم الأكراد؟
لا أعتقد أن أمريكا ستقوم بهذه المغامرة، فسبب في سقوط المدن طيلة الخمس سنوات الماضية هي الطائرات الحربية ولولاها لانتصرت الثورة وطوال هذه السنوات لم تقدم أمريكا للمعارضة هذه الأسلحة.
وآخر مرة تردد هذا الحديث حينما كان الثوار في حلب وسقطت حلب ولم تزود المعارضة بهذه الأسلحة.
ربما يمد بها الأكراد الذي يسعون جاهدين للانفصال عن طريق مشروع " روج أفا" وكعادتهم لا يتعلمون الدرس يتم استخدامهم كأداة ويخرجون خاسرين ويعيدون الكرة مرات عديدة.
كم عدد المناطق المحاصرة الآن في سوريا؟
65 منطقة محاصرة، وما يقارب من 400 ألف بحاجة لمساعدة عاجلة داخل الأراضي السورية خاصة في في ريف دمشق وريف حمص وريف إدلب بجانب أهالي حلب المنتقلين لريف حلب الغربي.
الأوضاع المعيشية سيئة للغاية للمقيمين داخل سوريا و 85 في المائة من السوريين باتوا تحت خط الفقر وفق العديد من التقارير الدولية.
نستطيع القول إن صراع 6 سنوات في سوريا خلف كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.