لليوم الخامس على التوالي يواصل رأس النظام السوري بشار الأسد وحلفاؤه من الميلشيات الشيعية قصف مناطق سيطرة المعارضة السورية في ريف إدلب شمال غربي سوريا، مخلفًا قتلى وجرحى.
الأسد طيلة الأيام الأربعة السابقة منذ إعلان اتفاق روسيا وتركيا بوقف إطلاق النار في سوريا، لم يوقف قصفه الوحشي، ولم تتوقف طائراته عن إمطار وادي بردى والقرى المحيطة به، وكذلك ما تبقى من مدن الشمال بالقنابل العنقودية المحرمة.
خرق الأسد للهدنة يضع تفاهمات أنقرة وموسكو بكازاخستان في موقف محرج، خاصة أن روسيا الضامن الأول للمفاوضات، ما دعا المعارضة السورية لتجميد محادثاتها مع روسيا وتركيا.
وواصل النظام السوري والمليشيات المساندة له خرق الهدنة، حيث شنت طائراته صباح اليوم غارات بالقنابل العنقودية على قرى وبلدات في ريف إدلب شمال غربي سوريا، واستمر النظام في قصف منطقة وادي بردى بريف دمشق.
وذكر ناشطون أن طائرات النظام الحربية شنت غارتين جويتين على مواقع للمعارضة المسلحة في محيط جسر الشغور، كما قصفت قواته المتمركزة بريف حماة الشمالي براجمات الصواريخ أحياء المدنيين وسط المدينة الواقعة في ريف إدلب الغربي ما تسبب بمقتل مدني وإصابة عدد آخر بجروح.
واستهدفت غارات الطيران أيضًا بلدة خان شيخون، بينما استهدفت قذائف مدفعية أيضًا بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي.
وفي وادي بردى في ريف دمشق الغربي، واصل النظام قصفه للمنطقة. وقالت مصادر إن مدنييْن في منطقة وادي بردى -خزان المياه الرئيسي لدمشق- قتلا برصاص قناصة تابعين لـ قوات النظام السوري ومليشيا حزب الله.
واستهدف الطيران الحربي والمروحي التابع للنظام خط المياه الرئيسي "نبع بردى" المغذي لنبع عين الفيجة، مما أدى إلى دمار كبير وتفجيره بشكل كامل.
وأصدرت الهيئات المدنية بمنطقة وادي بردى بيانًا طالبت فيه بنشر مراقبين دوليين لرصد الخروقات التي تتعرض لها المنطقة بالرغم من اتفاق وقف النار، وأكّدت استعدادها لتسهيل وصول فرق دولية لمعاينة وضع نبع عين الفيجة وتحديد المسؤول عن استهدافه.
وبثّ ناشطون مقطعًا مصورًا -قالوا إنه مسرب من أفراد تابعين للنظام السوري- يُظهر حشودا عسكرية في محيط وادي بردى استقدمها النظام تمهيدا لاقتحام بلدة عين الفيجة التي تحاصرها هذه القوات بدعم من مليشيا حزب الله.
جميل عمار المحلل السياسي السوري قال إن الهدنة هي خديعة روسية خدعت بها المعارضة وتركيا و النظام وإيران، مضيفًا أنَّ الروس يستولون على الأرض بلا عناء بذريعة أن هنالك هدنة.
وأوضح لـ"مصر العربية" أنَّ الروس يرغبون بالتفرُّد بسوريا، قائلاً: " نحن أمام انتداب روسي جديد، سوريا هي أفغانستان جديدة.
وعن دور المعارضة الآن، أشار عمار إلى أنه إذا لم تستيقظ المعارضة وتخرج من الهدنة فنحن في طريقنا إلى انتداب روسي، فالحل هو استمرار القتال.
السياسي السوري أحمد المسالمة قال إنّ الأسد وإيران لم يوقفوا القصف أبدًا، و إنما كانوا عاديين واعتياديين بعملهم الهمجي والعسكري المستمر الذي لم يتوقف بهدنة أو باتفاق وقف إطلاق النار أو بأي مناسبة، فهم يقصفون لأنهم يعلمون أن العالم والعرب والمجتمع الدولي سينكر ويشجب فقط ولن يبدل شيء على الأرض.
وأوضح لـ"مصر العربية" أن المعارضة دائما ما تكون عجولة باتخاذ قراراتها بمحاولة منها لإظهار نفسها متفوقة وند قوي.
وتابع: "الذي استفدنا كسوريين من اتفاق وقف إطلاق النار الأخير هو اعتراف الجلاد والمحتل الروسي بالجيش الحر بشكل علني وأنه قوض وحصر التمرد الإيراني وأبعده كثيرا وأظهر الأسد أنه لا يملك قرار نفسه بسوريا وأنَّ روسيا هي كل شيء الآن، فالأسد وإيران يصران على القصف لإثبات وجود لهم ليس إلا.
وأكمل: "الروس تسيدوا المشهد والآن يقومون بنشر شرطة عسكرية بحلب وطلبوا من الإيرانيين وقوات النظام عدم التواجد والابتعاد وعدم المداهمات للمنازل، قائلاً: "تقويض الدور الإيراني وإبعاد الأسد يجعل من روسيا بالمقدمة وإحراج روسيا للأسد بالضغط عليه وإحراج إيران بإبعادها جعل من الأسد وإيران متفقين على إحراج روسيا، وستشهد الأيام القادمة تقارب إيراني سوري كبير على حساب روسيا وهذا ما ستحاربه روسيا بشكل جدي.
وتابع: وبما أن روسيا أحد الأطراف الضامنة لإيقاف إطلاق النار فتصرف الأسد والإيرانيين أحرج روسيا كثيرًا، بالمقابل التزمت فصائل الجيش الحر بالاتفاق مع أنَّ الجميع لم يحضر، فكانت خروقات الأسد وإيران كضربات قاضية وكشفت لزيف الاتفاق ومدى عدم التنسيق بين جيوش الدول على أرض سوريا وأكدوا أنهم يعملون لمصالحهم ليس لمصالح سوريا.
واستطرد المسالمة كلامه، أن المعارضة تستغل هذه الظروف وتضغط على روسيا عبر تركيا المفوض المراقب للمعارضة بتعليق المفاوضات والمباحثات وتعليق اتفاق وقف إطلاق النار جراء عدم الوفاء والخروقات من إيران والأسد وروسيا أيضًا، والأيام القادمة تحمل الكثير من الأحداث وهي مليئة بالمفاجآت.
أما على صعيد الأهالي السوريين بالداخل فهم رحبوا كثيرا باتفاق وقف إطلاق النار وبدأت الأحلام بعيش آمن وهادئ خالي من القصف والنوم بقرارة عين، لكن الأسد دائما يفسد كل شيء حتى الأحلام.
عبد الرحمن القيطاز الناشط الإعلامي السوري قال، إن النظام السوري يحاول منذ أيام اقتحام وادي بردى لفرض سيطرته عليه، ورغم قصفه ومجازره المتواصلة وحشد أنصاره إلا أن محاولاته فشلت، فالجيش الحر في تلك المناطق متماسك بشكل كبير.
وأوضح لـ"مصر العربية" أن مفاوضات أنقرة وموسكو مهددة بسبب اعتداء الأسد وخرقه للهدنة، قائلا: "غالبية فصائل وادي بردى توحدت مع الجيش الحر، وبالتالي هذا يصعب الأمور على الأسد.
وعن الوضع الإنساني في بردى أكد القيطاز أن سكان الوادي يعانون أوضاعاً إنسانية كارثية، من تهجير قسري ولجوء، ونقص في المواد الغذائية، وغيرها من الأزمات، وأن حصار المنطقة سيدخل أهلها في كارثة إنسانية.
قصف الأسد لوادي بردى