تعتمد مصر على استيراد أكثر من 80% من احتياجاتها من الخارج، سواء كانت سلعًا نهائية أو مستلزمات إنتاج، لذلك يرتبط سعر جميع السلع بالسعر اليومي للدولار، ومع تعويم الجنيه ارتفعت الأسعار بنسب وصلت إلى 100% في بعض السلع، وذلك في ظل ثبات الأجور، وهو دفع الطبقة الفقيرة والمتوسطة تبحث عن حلول بديلة لهذه المعضلة.
أسواق السلع المستعملة، كان حلا لكثير من الأسر المصرية، فقد اتجه الكثير من المواطنين إلى شراء المستعمل كحل لتجاوز الأزمة، فيما تنتشر أسوق المستعمل في أماكن عديدة في مصر، على رأسها وكالة البلح والأسواق الشعبية التي تقام أيام الإثنين والثلاثاء والخميس والجمعة من كل أسبوع في مناطق وأحياء مختلفة.
وفي ظاهرة جديدة انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة مجموعات "جروبات" لبيع المستعمل عبر "فيسبوك"، حيث فلم تترك منتجا إلا وأعلنت عنه سواء في الملابس أو الأجهزة الكهربائية أو مستلزمات المنازل والمطابخ أو السيارات والديكورات وغيرها ويتم بيعها تليفونيا أو من خلال توصيل المنتجات إلى المنازل.
ومع ارتفاع سعر الأدوية خلال الفترة الأخيرة ونية الحكومة زيادة الأسعار مرة أخرى، دعا الكثيرون إلى فكرة "صيدليات المستعمل" عبر عدم هدر أي صنف لم ينته منه صاحبه وتجميعه وإعادة استخدامه لغير القادرين بأسعار مخفضة.
وانتشرت عدة جروبات على مواقع التواصل الاجتماعي لبيع الأدوية المستعملة، وفي بدايتها كانت محدودة جدا وقاصرة على بعض الأنواع المستوردة قبل ان تتوسع لكافة الأدوية.
ووافقت الحكومة، في اجتماعها، الخميس الماضي على زيادة أسعار الأدوية، وقال وزير الصحة في تصريحات صحفية إن الزيادة التي تمت الموافقة عليها لن تتعدى ١٥٪ من حجم الأدوية المحلية، و٢٠٪ من حجم الأدوية المستوردة، وأن الزيادة تنقسم إلى 3 شرائح.
كما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بتوفير الأدوية المستوردة التي ليس لها بدائل محلية، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في تعزيز المعروض من الأدوية بالأسواق، وضمان توفر مختلف أنواع الأدوية بأسعار مناسبة مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك.
خبراء اقتصاديون اعتبروا أن ارتفاع الأسعار يجب أن يكون دافعا لإنعاش السوق المحلى، والاستفادة من هذه الأزمة من خلال إحداث طفرة وإحياء صناعات كاملة متكاملة.
الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، قال إن "عمر افندي وبنزيون وشيكوريل وصيدناوى"، بها خزين متراكم من المنتجات، مقترحا استثمار هذا المخزون، من خلال بيعه وعمل أوكازيون حقيقي بتخفيضات ميسرة لموظفين الحكومة ويتم تحصيلها بالقسط من الموظفين العاملين بقطاع الدولة.
وأوضح النحاس خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن استثمار هذا المخزون في الوقت الحالي فرصة لا تعوض، في الوقت الحالي، معتبرا ذلك بمثابة إعادة إحياء لمحلات القطاع العام.
وأكد النحاس أن المستعمل ما هو إلا "بالات" وغير مضمون من الأساس، ولا يجب أن تلجأ إليه لتعوض ارتفاع أسعار المستورد الناتج عن ارتفاع سعر الدولار، موضحا أن العالم أجمع كان يرتدى من منتجات مصر فلا يجب أن نصل إلى مرحلة أن "نشحت" المستعمل، بل من الممكن أن نستفيد من هذه الأزمة من خلال إحداث طفرة وإحياء صناعة كاملة متكاملة.
في المقابل اعتبرت الدكتورة عايدة زايد، الخبيرة الاقتصادية، سوق المستعمل أحد البدائل المتوفرة والتي يقبل عليها الكثيرين حاليا، ولكنه ليس البديل الرئيسي، مؤكدة أن المنتج المصري يجب أن يكون البديل الأفضل، كما يجب على الشركات المصرية المنتجة في جميع المجالات أن تهتم بمنتجاتها وتغيير الصورة، في أذهان المصريين عن أن المنتج المحلى رديء.
وقالت "زايد" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن ارتفاع أسعار المستورد يجب أن يكون دافع لإنعاش السوق المحلى، موضحه أن الطبقة المتوسطة حاليا بدأت في تغيير نمط الحياة اليومي، من خلال التقليل في حجم النفقات في كل شيء سواء في الأغذية أو الملابس، وأصبح الاهتمام بالضروريات أكثر.
جدير بالذكر أنه منذ أن أعلن البنك المركزي في 3 نوفمبر من العام الماضى ، تعويم الجنيه المصري وترك سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب، مما دفع سعر الدولار للارتفاع فوق مستوى 19 جنيها، مما دفع الأسعار للاشتعال.