بينما يتأهب الرئيس الجمهوري المنتخب، دونالد ترامب، لاستلام مهام الرئاسة الأمريكية، في 20 يناير الجاري، تعهدت قيادات في الأقلية المسلمة بالدفاع عن المسلمين، ورفض أي محاولة من الإدارة المقبلة لتقييد حقوقهم السياسية والدينية، مشددين في أحاديث مع الأناضول، على أن الولايات المتحدة الأمريكية هي وطنهم، ولن يغادروه.
وخلال حملته الانتخابية، أطلق ترامب (70 عاما) تصريحات مناهضة للمسلمين، فضلا عن أن الكثير من الأسماء المرشحة لتولي مناصب في إدارته، معروفة بمواقفها السلبية تجاه المسلمين؛ ما أثار مخاوف الكثير من المسلمين.
وضمن جهود تشكيل جبهة في مواجهة سياسات ترامب المحتملة، عقدت منظمات المجتمع المدني الإسلامي مؤتمرا في مدينة شيكاغو الأمريكية، أواخر الشهر الماضي، بمشاركة منظمات منها، مجلس المنظمات الإسلامية في أمريكا، الجالية المسلمة في قارة أمريكا الشمالية.
وتحت عنوان "المسؤولية الإسلامية والواجبات المدنية لمسلمي أمريكا"، شارك في الدورة الـ15 لمؤتمر شيكاغو، آلاف المسلمين، فضلا عن مشاركة تركيا عبر منظمات رسمية ومدنية.
إسلاموفوبيا رئاسية
الأمين العام لمجلس المنظمات الإسلامية في أمريكا، أسامة جمال، قال إن "الإسلاموفوبيا (العداء للإسلام) تصاعدت بشكل كبير في العالم، وبلغت مستويات مزعجة في الولايات المتحدة الأمريكية".
جمال، إنه "يمكن تفهم خطاب الكراهية والتعصب من قبل بعض المجموعات الصغيرة ضد المسلمين، ولكن أن تكون الإسلاموفوبيا على جدول أعمال الرئاسة، فإن ذلك يصدم المسلمين وغير المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية".
وشدد جمال على أن "المسلمين لهم إسهامات في الولايات المتحدة، وهي بلدهم وبيتهم، ولن يذهبوا إلى أي مكان آخر، وأكثر ما في الأمر أنهم سيجدون بعض الصعوبات في تعريف الشعب الأمريكي بهم".
وبشأن فوز ترامب بانتخابات الرئاسة على حساب منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، قال إن "الشعب أعطى رأيه وانتخب المرشح الجمهوري، وهناك قيما في البلد تحفظ حقوق جميع المجموعات وحريتهم الدينية، فهي بلد المهاجرين، ولا يمكن التفريق بين مجموعة وأخرى، وإن كان الرئيس الجديد راغبا في جعل أمريكا بلدا عظيمة فعليه أن يركز على القيم الأساسية للبلد".
قبل أن يستدرك قائلا: "في حال تخلى الرئيس عن هذه القيم، فلن تعد الولايات المتحدة دولة عظيمة، وليس سرا أن المجتعات الإسلامية خاب أملها بانتخاب ترامب، وغالبية الناخبين الأمريكيين غير سعيدين من هذه النتيجة، وخيبة الأمل ليست من ترامب، بل من الأجندة التي وضعها ودعمها عدد مهم من الأمريكيين".
وعامة، يتهم سياسيون حاليون وسابقون، وفنانون ورياضيون وكتاب، وغيرهم، ترامب بأنه عنصري معادٍ للأقليات، لاسيما المسلمين، والأجانب والمهاجرين والنساء وأتباع الديانات الأخرى، بل ويشجع على الكراهية، على حد قولهم.
مخاوف الأقليات
"الإسلاموفوبيا تحولت من حدث هامشي إلى ظاهرة في تيار عام مقبول اجتماعيا وسياسيا"، بحسب قراءة رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، نهاد عوض للمشهد الراهن.
عوض اعتبر أن "ترامب استغل خوف الشعب (الأمريكي) من المسلمين وعدم امتلاكهم معلومات كافية عنهم، وهو ما يلقي على مسلمي الولايات المتحدة مسؤولية في التواصل مع بقية أفراد الشعب الأمريكي، وشرح الدين الإسلامي لهم بالشكل الصحيح".
وعن التهديدات المحتملة للمسلمين، أجاب بأن "هذه الأساليب لن تفلح في إخافة المسلمين، فهذا بيتنا، وسنبقى هنا من أجل الدفاع عن المسلمين، فالولايات المتحدة هي بلد الحقوق والقانون.. انتخاب ترامب رئيسا لم يصب المسلمين فقط بالخوف مما قد يحدث لهم، فالأقليات الصغيرة أيضا لديها مخاوفها، ولن تكون الأقليات أسيرة لهذه المخاوف، بل ستراقب السياسة التي سيتبعها ترامب".
عوض تابع أنه "إذا فكر ترامب في وضع جميع المسلمين تحت المراقبة، فسيرفعون دعوى قضائية، فهذه المراقبة تخل بالدستور وتتعارض مع القيم الأمريكية".
لكنه استدرك بقوله "لن نطلق أحكاما مسبقة، فربما يكون هناك فارق بين الخطابات الانتخابية (التي أطلقها ترامب) وبين التطبيق (حين يتولى الرئاسة)، لذلك سنراقب الإجراءات حاليا".
بدوره، قال الكاتب والأكاديمي، جمال بدوي، إن "الإسلاموفوبيا تزايدت بشكل كبير وسريع، ما دفع رؤساء وممثلي الجمعيات المدنية الإسلامية إلى الحوار فيما بينهم بشأن الخطوات التي يمكن اتباعها لاحقا، وهي خطوة مهمة".
بدوي شدد على "أهمية التعليم بالنسبة للمسلمين، فلا يجوز بأي شكل من الأشكال الرد بطريقة غير مناسبة.. عليهم التفكير بشكل جيد قبل الإقدام على أي حركة، وتحويل أي موقف إلى أمر إيجابي بالنسبة لهم".