"صحيح أنه كلما مضى من عمري يوم شعرت بأن الاختيارات بدأت تضيق، إلا أني مستمتعة بوحدتي وعزلتي وحريتي غير المنقوصة ولن أجلب بنفسي كومة من المتاعب اسمها رجل".. بقدرته على الحكي سرد الروائي مكاوي سعيد تلك الأفكار على لسان بطلة روايته "أن تحبك جيهان".
أمد مكاوي سعيد المكتبة العربية برواية "أن تحبك جيهان" بعد رواية "فئران السفينة"، ورواية "تغريدة البجعة"، لتنال على اهتمام نقدي وجماهيري واسع، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب.
حاورت "مصر العربية" مكاوي سعيد عن روايته، وتفاصيلها، وعن أعماله القادمة، ورأيه في الوضع الثقافي المصري العربي وسط الظروف الراهنة التي نعاني منها.
وإلى نص الحوار..
انطلاقًا من مباركتنا بوصول "أن تحبك جيهان" للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد.. كيف جاء الترشح للجائزة؟
الترشح ﻷي جائزة يكون من الكاتب أو الناشر باستثناء البوكر تكون من الناشر فقط، الدار المصرية اللبنانية رشحتني لجائزة الشيخ زايد، والحمد لله وصلت للقائمة الطويلة.
وما هي توقعاتك للجائزة؟
أنا ﻻ أتوقع أي شيء ﻷن الأمر بيد الله، وﻻ يفرق معي الأمر، الذي يفرق معي هو أن روايتي وصلت للقائمة الطويلة، وأنا المصري الوحيد، وهذا شرف للرواية المصرية، أن تكون موجودة وتنافس بجائزة مهمة مثل جائزة الشيخ زايد.
وما هي الكواليس التي صاحبتك أثناء كتابة الرواية؟
الفرق بين "أن تحبك جيهان" وبين أخر رواية لي "تغريدة البجعة" 9 أعوام، هناك أربع أعوام لم أكن أكتب شيئا، و"أن تحبك جيهان" كانت فكرة صغيرة، ثم تطورت، كتبتها في 3 أعوام ونصف.
"تغريدة البجعة" تحكي عن أحوالنا من السبعينيات حتى 2006، و"أن تحبك جيهان" من 2006 حتى موقعة الجمل في الثورة.
والرواية تدور فى أجواء ما يحدث بالوطن فى سنواته الأخيرة من خلال شخوصها النابضة بالحياة، ومن خلال الإبحار بداخل العوالم المختلفة الثرية بين «ريم مطر» و «جيهان العرابي» اللتين يتشكل منهما عالم الرواية المتدفق، ليس لكونهما امرأتين وحسب، بل باعتبارهما مثالين لتقلبات واختلافات النفس الإنسانية في تجلياتها المتباينة، ونافذتين كاشفتين لأحوال مجتمعهما، وتشابكاتهما مع آخرين بالمحيط الذي تعيشان فيه.
كيف ترى الانتقادات التي وجهت للرواية بسبب طولها حيث وصلت إلى700 صفحة؟
أنا ﻻ أخضع لمزاج قارئ، و عندما توقفت الأحداث انهيت الرواية، وعلى الرغم من كونها 700 صفحة، لكنها في خلال 7 أشهر، صدر منها 5 طبعات بما يعادل 15 ألف نسخة، والرواية ترصد فترة مهمة جدًا من خلال 3 أبطال تستعرض قطاع كبير من حياة الأبطال.
إلى أي مدى تمثل لك الجوائز الأدبية أهمية؟
أنا مع أي جائزة.. الأدباء الذين يكتبون يحاولون البحث عن مكافأة، ﻻبدّ أن يكون لديهم أمل في المكسب، وهو ما تفعله الجائزة، فالجوائز مكافأة للإبداع.
من هم الأدباء الذين أثروا في شخصية مكاوي سعيد الأدبية؟
نجيب محفوظ، يحيى حقي، يوسف إدريس، عبد الحليم عبد الله، إبراهيم أصلان، البساطي، جمال الغيطاني.
ما بين الكتابة في الشعر والقصة القصيرة والرواية.. إلى أي فن أدبي يميل قلمك؟لقد توقفت عن كتابة الشعر، وأحب القصة القصيرة والكتابة للأطفال، ولكني ممتن للرواية ﻷنها هي التي وضعتني في هذه المكانة.
لكل كاتب هدف من كتاباته ما هو هدف الكتابة لديك؟إمتاع القارئ الذي يخص جزءا من أمواله لشراء كتابي، لابد أن يحصل على قدر من المتعة والمعرفة، في المقام الأول القارئ والمقام الثاني إمتاع نفسي، والمقام الثالث أني أخرج من اﻷزمات النفسية بالكتابة.
هل هناك أوقات تحن للتجارة والمحاسبة على حساب الأدب؟تركت التجارة تمامًا، ﻷن الأرقام وتفاصيلها تُبعدني عن الكتابة، وتوجهت تمامًا للكتابة.
هل هناك فرق في حرية الكتابة خلال عصر مبارك واﻹخوان والسيسي؟
كلما تعقدت الأمور، كل ما كان هذا دافع لتقديم أفكار مبدعة بجانب السلامة الشخصية للمبدع، وهذا يشكل تحديا، الكتابة في ظل الأزمات هي الكتابة العميقة، أخطر شيء على الكتابة هي الرقيب الداخلي والخوف من ردود الفعل على الكتابة.
ولكل زمن حاكم ولكل حاكم خطوط حمراء، والأمر لم يختلف من وقت السادات عن فترة حكم الإخوان عن مبارك عن الزمن الحالي، ولكن مع التحدي أن يقدم المؤلف الكتابة من غير ضرر.
ما هو تقييمك لوضع الثقافة في مصر؟منذ 5 أعوام عدد القراء والمكتبات زادوا، وهذا أمر جيد في حركة الإبداع والنشر، ولكن مع ارتفاع سعر الكتب بسبب الدوﻻر، فهذا يشكل أزمة حقيقة وخاصة أن الكتاب ليس مكونا أساسيا مثل الطعام والشراب، فمتوقع أننا سنعاني مشاكل كبيرة، وسيكون هناك استغناء عن الكتب بسبب مكونات الحياة الأساسية، وسينتشر المزور.
هل ترى أن الثقافة مستغله بالشكل الأمثل للقيام بدورها في مواجهة الإرهاب؟
هناك كتاب ومثقفون في حواراتهم نجد أن أفكارهم مثل داعش، كذلك المثقف الذي يطلق عبارات من نوعية "إيه وداه هناك"، وكأن لديهم انقسام في الشخصية، مع أنه المفروض أن يكونوا على قلب واحد، مثل وقت التمرد على حكم مرسي، وقفوا ضده بالفن وبالرقص والبالية وليس بالعنف.
هل ترى أنّ الدولة ترعى الأدب والثقافة بالقدر المطلوب؟
ﻻ طبعًا، ترعاها في إطار شكل معين يتم دعمه بشرط أن يكون متسقا مع السياسات، وهذا ما يتواجد في أغلب الدول العربية، حيث يعتبرون أن الثقافة هي العتبة الأقل التي يمكن الاستغناء عنها.
وعلى الدولة أن تقوم بدور واضح لخدمة الثقافة كأن تُدعم الأحبار والورق ومستلزمات الإنتاج التي تصنع الكتاب.
وما هي مقترحاتك لارتقاء الثقافة المصرية؟
هناك أمور لابد ان يقوم بها المثقفون أنفسهم كأن يكونوا على قلب رجل واحد وأن يهمشوا مصالحهم من أجل هدف أسمى وهو خدمة الثقافة، وأن ﻻ يعيش المثقف في برج عالٍ ﻻبد أن يلتحم مع الشارع.
كيف ترى تجارب الكتاب الشباب؟
كنا زمان بنكتب شيء اسمه الخواطر، وبنقدمها لأصحابنا، معظم الكتاب الشباب في الوقت الحالي يفعلون ذلك، ولكن على الفيس بوك، وعلى الرغم أن منتجهم بائس، ولكنه ينتشر بحكم مواقع التواصل الاجتماعي فيظن أنه نجح، ولكن بعد 5 سنين سيدرك أنه مقدم شيء تافه، وأن السوشيال ميديا خدعتهم أكثر ما خدمتهم.
وما هي نصيحتك للكتاب الشباب؟
في ورش أقدمها لتحسين أداء الكتاب الصغار، وأنا بعمل الورش مجانًا، يقدروا يقدموا على هذه الورش لتحسين أدائهم، ﻷنه للأسف في ناس منهم تكتب للوجاهة الاجتماعية وغير مهتمين لتحسين أدائهم، ولابد أن يعكفوا على نصهم ويطلعوا على النماذج الأدبية التي سبقتهم.
ما هو تعليقك على الأزمة التي أحاطت حبس الروائي أحمد ناجي؟الفكر يقابله الفكر، ويُحاكم بفكر مضاد، وأنا ضد ما حدث مع أحمد ناجي، وقال ابن رشد أن "الأفكار كالطيور إذا ما حلقت ﻻ يتصدى لها أحد" هو ما حدث في أزمة ناجي فالجورنال نخبوي وموجه لطبقة معينة، وعدد قرائه ﻻ يتجاوز 1000 قارئ، ولكن بعد حبسه وصل العمل إلى ملايين الأشخاص.
ما هي توقعاتك لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2017؟
لو ارتفعت أسعار الأجنحة بجانب ارتفاع أسعار الكتب، وسط ما يعانيه القارئ المصري من مشاكل مالية، سيؤدي إلى ضربة للمعرض، وأتوقع أن المعرض لن يكون جيدا بسبب قدرة المواطن إنه يشتري الكتب.
وما هو رأيك في اختيار المغرب ضيف شرف لدورة 2017 وصلاح عبد الصبور شخصية المعرض؟
المغرب بلد صديق وعزيز واختياره جيد، وصلاح عبد الصبور يستحق ذلك منذ فترة كبيرة، وخاصة أنه كان معنيا بالمعرض وتولى رئاسته، وواجه وقتها أصعب مشكلة وهي وجود الجناح الإسرائيلي في المعرض ﻷول مرة، إلى جانب كونه شاعر كبير.
ما هي مشاريعك القادمة؟
أعمل على كتاب اسمه "القاهرة" منذ 3 سنين، وهو كتاب يروي عن تاريخ القاهرة، يروي عن أحداث مهمة بشكل طريف عن أماكن مختلفة مثل الدقي والمنيل.
شاهد الفيديو...