دماء تصبغ الأرض، وجسد يقاوم ضربات السكين، بينما ينادي شخص "حرامي، حرامي" مشهد اعتبره كثير من المواطنين لغز تخوف البعض من أن يكون القاتل مسلما وأن يصبح الأمر قضية فتنة خاصة عقب ما وقع في الكنيسة البطرسية من حادث تفجير قبل نهاية العام، بينما راح البعض يؤكد أن الأمر يتلخص في ملتحٍ قتل مالك محل رويال "محمصة" تبيع الخمور.
في صباح اليوم الأربعاء الموافق 4 يناير 2017 أعلنت مديرية أمن الإسكندرية إلقاء القبض على "عادل س" المتهم بقتل يوسف لمعي ذبحًا، وذلك حسب ما ظهر في تسجيلات الكاميرا الخاصة بمحله والمحل المجاور له، في الوقت الذي توجهنا فيه إلى لقاء "طوني" نجل يوسف لمعي في منزله الكائن بشارع خالد بن الوليد، إلا أننا لم نتمكن من لقائه لتواجده في النيابة لاستكمال التحقيقات عقب القبض على الجاني.
"عاوزة الخلاصة.. الحدوتة مالهاش دعوة بالطائفية والكلام ده دي من زمان من أيام العمارة" بهذه الكلمات بدأ حسن صاحب "فرش" لبيع الفاكهة في شارع خالد بن الوليد، معلنًا خبر القبض على القاتل صباح اليوم وأنه كان أحد الشهود الذين تعرفوا عليه من خلال صورته في الفيديو.
يقول حسن" المباحث جم هنا عرضوا عليا الصورة قلتلهم هو عادل عسلية" لتتواصل قوة المباحث مع قوة الأمن المتواجدة أمام منزل والدة "عسلية" في دربالة وألقوا القبض عليه بملابسه وبحوزته "السكين" أداة الجريمة، وحسب قول حسن أن المباحث أحضرت القاتل إلى الشارع وتم التعرف عليه من قبل حسن وغيره، مشيرًا إلى أنه لم ينكر ارتكابه الجريمة واحتفاظه بالأداة.
لم يكن قتل لمعي هو الحادث الوحيد الذي ارتكبه المتهم في ذلك اليوم، فقبل ذلك بوقت قصير قام بطعن شخص في منطقة فيكتوريا ليأتي بعدها لشارع خالد بن الوليد ينتظر خفوت الحركة في الشارع فيخطو بخطوات حريصة موجهًا السكين لرقبة يوسف أثناء جلوسه أمام المحل ويفر هاربًا بينما ينادي أحد أفراد عائلته "حرامي" محاولًا لفت انتباه أصحاب المحال الموجودة في الشارع للحاق به، وعقب الوصول إليه قام بتهديدهم بالسكين مطالبًا إياهم بالابتعاد عنه فقال حسن "كان في حالة مش طبيعية"، مشيرًا إلى أنه قام بإيقاف ميكروباص عنوة وركوبه متحركا في اتجاه وسط البلد معلقًا "الغريب أنه ماركبش حاجة توديه عند بيت أهله في دربالة"
فيما أوضح حسن أن السبب الحقيقي وراء الحادث لم يكن فتنة طائفية كما يحاول البعض تصويره، مشيرًا إلى أن الأمر يرجع لعمل قديم بين الجاني والمجني عليه، وأنهم منذ عدة سنوات ربطتهم شبه شراكة عمل حيث دخل يوسف مجال بناء العقارات وعمل معه القاتل أثناء بناء أحد العقارات في منطقة "دربالة" معلقًا "لكن حصل مشكلة ودخل فيها عادل السجن وهو طالع علشان ينتقم"-ذلك حسب روايته - مضيفًا "وعم محمد يعرف عن الموضوع ده كتير أول ما شافه قال ده عادل عسلية بتاع دربالة".
وأشار إلى مقهى "الصباحي" الواقعة على ناصية أحد الشوارع القريبة، موضحًا أن عامل المقهى أكد أن القاتل حضر إلى المقهى ليلة الجريمة وطلب 3 قهوة "سادة، زيادة، مظبوط" على فترات متباعدة"، مضيفا "هو كان ملتحي وطلق مراته علشان ما فاتها صلاة"، وعن سبب إطلاق اسم "عسلية" عليه قال "لأنه بيقف يبيع عسلية ببانيكة"
وتوجهنا إلى مقهى الصباحي لمعرفة تفاصيل أكثر من عامل المقهى، إلا أنه لم يكن موجود وأخبرنا أحد العاملين بالمقهى أن زميله يتواجد في النيابة حاليا للإدلاء بشهادته، موضحا أنه يعمل في الفترة المسائية في المقهى وهو الوحيد الذي يقدر على رواية التفاصيل التي شاهدها.
وعلى مقهى "سكرة" في الجهة المقابلة لـ"فرش" حسن، يجلس عم محمد على مقعد متحرك حيث أكد أن ما يعلمه عن الأمر أن عادل عسلية في الأصل كان بلطجي في منطقة دربالة وأن يوسف لمعي استعان به منذ عدة سنوات لحماية عقار كان يشارك فيه أحد المقاولين الذي نصب على يوسف، وانتهى الأمر بسجن عادل عسلية ثم محاولته الانتقام عقب خروجه، مؤكدا أن الأمر بعيد كل البعد عن الطائفية معلقا "لو على الخمرة في مصنع في شارع جانبي بيعمل خمرة كان ممكن يضربه"
وعلى بعد أمتار من المقهى تقع "محمصة العسال" في الجهة المقابلة لـ"محمصة" رويال، المملوكة ليوسف لمعي، حيث ينفي بيشوي ما يردده البعض من وجود خلاف عمل أو شراكة قديمة بين الجاني والمجني عليه، مشيرا إلى أن ما يدور يمس مالك شركة عقارات، مؤكدا أن الواقعة تتلخص في أنه تربص بيوسف لمعي لأنه يبيع خمور في محله مدللا على ذلك بذبحه بهذه الطريقة.
فيما قال خيري محمد صديق أنه صديق ليوسف لمعي منذ 40 عاما وكان يجلس معه يوميا أمام المحل، موضحا أن لمعي كان يذهب إلى منزله يوميا في تمام التاسعة أو التاسعة ونصف مساء وأن يوم الحادث تأخر لذلك الوقت لأنه كان يشتري احتياجات خطوبة نجله والتي كان من المفترض أن تقام في العيد.
وأكد محمد أن صديقه يشتهر بالأخلاق الطيبة وحب جميع جيرانه له سواء مسلمين أو مسيحيين، وأنه لم يؤذ أحد قط، فيما قال مورد سجائر لم يذكر اسمه أنه يتعامل مع يوسف لمعي منذ 5 سنوات وأنه يمتاز بالأخلاق الطيبة، مشيرا إلى أنه قابل القاتل قبل ذلك في منطقة فيكتوريا حيث يقف لبيع العسلية وحين علمه أنه يورد السجائر أخبره أن عمله حرام، فرد عليه أن الله هو من يحاسب وأنه حاول العمل في أكثر من مجال ولم يوفقه الله إلا في العمل مع هذه الشركة.
ونفى خيري وجود شبه إرهاب حول الحادث فقال "المحلات اللي موجودة جنبه كلها مسيحيين لو هو إرهاب كان رمى قنبلة ولا رشاش وضرب بيها كله"
وأشار إلى أنه التقى به بعد ذلك بأسبوع واحد فقال له "أنت لسه بيشتغل في السجاير؟"، مؤكدا أنه شخص متعصب وأن الطريقة التي قتل بها تدل على ذلك.
وفي منطقة فيكتوريا حيث يقع محل "سلسبيل" للعصائر يقول أحد العاملين في المحل أن عادل كان يقف في الجهة المقابلة للمحل تحت شجرة ويضع بضاعته من "العسلية" على "بانيكة" خشبية ويضعها في نهاية اليوم داخل جراج في الشارع الملاصق للمحل، وأنه لم يختلق أي مشاكل مع أحد سوى حادث اعتداء على سائق يدعى "أيوب" في ذات اليوم الذي ارتكب فيه جريمته.
وأمام الجراج يقف عطية سايس الجراج، يؤكد أن عادل كان يضع بضاعته في الجراج، وكان يؤدي كافة الفروض في المسجد عدا العشاء كان يصليها في الجراج، مشيرا إلى أنه يوم ارتكاب الحادث وقع شجار بينه وبين سائق ميكروباص مسيحي حيث تحدث السائق مع آخر عن أمور سياسية فقام السائق بـ"سب الدين للإخوان" مما أثار عادل فعاد في ذلك اليوم ليطعن السائق بسكينة، مؤكدا أن السائق بصحة جيدة الآن، معلقا "هو الراجل ده أكيد مش طبيعي ده طلق مراته من 3 شهور"
من جانبه قال اللواء شريف عبد الحميد مدير المباحث الجنائية بالإسكندرية أن الجاني تكفيري وذهب إلى المجني عليه قبل الحادث بأكثر من يوم وحذره من بيع الخمور، مشيرا إلى أنه متزن جدا ولم يحرضه أحد على القتل، وأنه كان يترصد يوسف من فترة، مؤكدا أن المتهم لم يفرق بين مسلم ومسيحي.