هاجم الشيخ أحمد تركي مدير عام مراكز التدريب بوزارة الأوقاف، منتقدي كلمة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى ملتقى حوار شباب بورما الذي عقد في القاهرة وتحدث فيها الإمام الأكبر عن بعض الجوانب الإنسانية للبوذية، حيث وصف تركى المنتقدين بأنهم أهل شقاق ونفاق، وأنهم سوقوا زورا وبهتانا أن الطيب يعترف ببوذا ودينه الوضعى.
وأشار تركي فى تصريحات له اليوم، إلى أنه تابع عن كثب فعاليات هذه الملتقى الذي لم يسبق مصر ولا الأزهر إليها أي دولة أو مؤسسة علي مستوي العالم الإسلامي، كما استمع لكلمة شيخ الأزهر في مؤتمر ميانمار، مؤكدا أن ليس فيها أي مخالفة أو شيء يخالف العقيدة .
وقال مدير مراكز التدريب : "لو أخذت الكلمة في سياقها لن تجد فيها أي شيء سوي مصلحة المسلمين في ميانمار، أما إذا تعاملت مع كلمة شيخ الأزهر بأسلوب أهل النفاق والشقاق وهو أسلوب اجتزاء بعض الجمل من سياقها لتغيير معني الكلام عن مساره، قد تجد مسوغا للتشنيع على الإمام الأكبر بما لا يقصده زوراً وبهتاناً"
وأوضح أن ما ورد في كلمة الدكتور الطيب في ظاهره مدح للبوذية في بعض جوانبها الإنسانية، هذا أسلوب ورد في السنة المطهرة، عندما امتدح رسول الله صلي الله عليه وسلم قريشاً وكانوا (عبدة للأصنام) في حلف الفضول، وقال : والله لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به من حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت.
وتساءل : فهل هذا يعني أن رسول الله قد امتدح أهل الوثنية وعبدة الأصنام؟ !!!، بالطبع لا بل امتدح بعض المواقف الإنسانية عند قريش - عبدة الأصنام - رغم اختلاف العقيدة ورغم كفرهم بالله ورسوله.
ولفت تركي إلى أن البوذية دين وضعي باطل، ولكن عندهم جانب روحي وإنساني رغم كفرهم، وشيخ الأزهر في هذا الموقف مصلح بين طرفين، فمن الحكمة استمالة القوم ببعض المشتركات الإنسانية، علي خطى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ومسلكه مع قريش.
واختتم الشيخ أحمد تركي تصريحاته قائلا : "لا يعتقد عاقل أن شيخ الأزهر يمدح عقيدة البوذية ويعترف بها .. بالطبع لا يروج هذا الادعاء إلا أهل الشقاق والنفاق ومن يصطادون في الماء العكر لتعكير صفو المسلمين كما عكروا تدينهم ودينهم"، مطالبا الجميع بحسن الظن وتعلم الحكمة من أهلها.
وكان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، قد دعا الشباب البورمي بكل أعراقه وأديانه من المشاركين فى مؤتمر نحو حوار إنساني حضاري من أجل ميانمار (بورما) إلى أن يبدؤوا غرس شجرة السَّلام التي تظلل مواطني «راخَيْن» بل مواطني بورما بأجمعهم، وأن يبدأوا في نشر ثقافة المواطنة، حتى يقْضوا على مفهوم «الأقليات» وما يجره هذا المفهوم من إقصاء وتهميش، ينتهي دائمًا بسفك الدماء وتشريد الأبرياء.
وقال شيخ الازهر فى كلمته بالمؤتمر، :إن حكمة البوذية والهندوسية والمسيحية والإسلام، التي تزخر بها أرضكم، تناديكم صباح مساء: لا تقتلوا، ولا تسرقوا، ولا تكذبوا، والزموا العفَّة، لا تشربوا المُسكرات، وقد تعلَّمنا في كلية أصول الدين في الأزهر الشريف، ونحن نَدْرُس حكماء الشرق أن البوذية تعاليم إنسانية وأخلاقية في المقام الأول، وأن بوذا هذا الحكيم الصامت، هو من أكبر الشخصيات في تاريخ الإنسانية، وكان من أبرز صفاته الهدوءُ والعقلانية وشِدَّة الحنان والعطف والمَودَّة، وأن كِبَار مؤرخي الأديان في العالَم يصفون تعاليمه بأنها «تعاليم الرحمة غير المتناهية»، وأن صاحبها كان وديعًا مُسالمًا غير متكِّبر ولا متشامخ، بل سهلًا لَـيِّـنًا قريبًا من الناس، وكانت وصاياه تدور على المحبَّة والإحسان للآخرين.
واضاف : علينا أن ندرك أن هذه الصورة الشائهة التي تنقلها أجهزة الإعلام: قتلًا واضطهادًا ومطاردة، لم تعد تليق بشعب له تاريخ حضاري عريق كشعب بورما، وأن هذه التفرقة بين المواطنين لن تزيد الأمر إلًّا تعقيدًا، بل إعاقة لكل طموحات التقدُّم والتنمية في هذا البلد.
وطالب الطيب شعب ميانمار بنزع فتيل الحقد والكراهية، مؤكدا أنه لا سبيل إلى ذلك إلَّا بالتطبيق الحاسم لمبدأ المواطنة الكاملة والمساواة التامة بين أبناء الشعب الواحد بغض النظر عن الدين أو العِرق.
وأشار إلى أن مجلس حكماء المسلمين على استعداد دائم لتقديم كل أوجه التعاون والدعم من أجل ترسيخ هذه المبادئ، وتقديم تجربة بيت العائلةِ المصري، الذي يضم المسلمين والمسيحيين من شعب مصر، والذي نجح في فترة قصيرة أن يرسخ مفهوم المواطنة الكاملة والعيش المشترك.
وخاطب الإمام الأكبر شباب بورما قاءلا: أيها الشباب لا أكتمكم أننا في مجلس الحكماء قد شُغلنا طويلًا بقضية السلام في ميانمار، وارتأينا بعد تفكير عميق ودراسة مستفيضة أن أقرب الطرق إلى التفاهم والحوار حول القضية هو هذه العقول الشابة من مواطني بورما، لأنهم الأقدر على تجاوز هذه الأزمة التي لو تُركت فإنها ستأتي على الأخضر واليابس لا محالة. ولأنهم الأرحب فكرًا والأنقى سريرة والأيقظ ضميرًا والأكثر حماسًا وتطلعًا للسلام.
أعرب عن أمله أن يكون هذا المؤتمر خطوة أولى للقاءات قادمة على طريق صنع سلام عادل ودائم من أجل ميانمار.