من خلف الأسوار .. مدينة مكسيكية سيئة السمعة تتخوف من جدار ترامب

الحود الامريكية المكسيكية

بأغلبية ساحقة يعارض المكسيكيون الجدار الذي وعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ببنائه على امتداد حدودهم الشمالية.  

غير أن الناس في مدينة سيوداد خواريز المكسيكية - التي توسعت الولايات المتحدة في إقامة سور على الحدود معها فيما بين عامي 2007 و2010 - لهم رأي مختلف فيما يمكن أن يعنيه الجدار لهم. فهم يرون أن السور خفف من حدة مشاكل وخلق مشاكل جديدة في المدينة والمناطق القريبة منها.  

يقول البعض إن السور القائم جعل الحياة أفضل في خواريز فقد حول أنظار مهربي المخدرات ومهربي البشر على السواء إلى مناطق أبعد يسهل فيها عبور الحدود.  

بينما يقول آخرون إن السور كان سببا في ظهور نوع جديد من الجريمة في المدينة وشجع تجار المخدرات الذين يجدون صعوبة في تهريب مخدراتهم عبر الحدود إلى تحويل جانب من نشاطهم إلى توسيع السوق المحلية.  

ويتفق أرماندو كابادا الذي انتخب مؤخرا رئيسا لبلدية المدينة مع أصحاب الرأيين. فهو يقول إن السور والكاميرات وأجهزة الرصد وتشديد القيود على المعابر الحدودية أدى إلى توقف عبور المهاجرين المكسيكيين دون وثائق إلى مدينة إل باسو في تكساس التي تقع على الجانب الآخر من الحدود المحصنة على مرأى من مكتبه الذي تغطي جدرانه الألواح الخشبية.  

ويقول كابادا إن السلبيات فاقت الإيجابيات وإنه في أعقاب بناء السور قامت في خواريز حرب شعواء بين العصابات جعلت منها عاصمة جرائم القتل في العالم في الوقت الذي بقيت فيه إل باسو أكثر المدن الأمريكية من نوعها أمانا.  

ويضيف كابادا أنه بعد تشديد الرقابة على الحدود "كان على مهربي المخدرات أن يبذلوا جهدا أكبر لنقل مخدراتهم إلى الولايات المتحدة وانتهى الحال بكمية كبيرة منها إلى البقاء هنا".  

وغيرت الزيادة في معروض المخدرات المحلي الكثير في مجتمع المدينة وازداد الإدمان ومظاهر الإجرام.  

ومن الصعب استبعاد أسباب الفوضى التي اجتاحت مدينة خواريز عام 2008 عندما خاضت عصابات سينالوا وخواريز حربا للسيطرة على طرق التهريب غير أن الاعتقاد شائع بين قيادات قطاع الأعمال والمسؤولين الأمنيين والساسة الذين استطلعت رويترز آراءهم أن تشديد القيود ساهم في انزلاق المدينة إلى ما شهدته من جرائم قتل.  

وقد شهدت المدينة التي يسكنها 1.4 مليون نسمة قفزة في جرائم القتل من 336 حالة في عام 2007 عندما بدأ العمل في السور إلى 3057 حالة في عام 2010 عندما انتهى العمل فيه تقريبا.  

وفي مدينة إل باسو المقابلة قتل شخصان في عام 2010 انخفاضا من ثمانية عام 2006.  

وفي العام الماضي انخفضت جرائم القتل في خواريز إلى ما دون مستواها عام 2007 وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها لكن كابادا ومسؤولين أمنيين قالوا إن شدة الطلب على المواد المخدرة في خواريز أطلقت شرارة معركة محلية على النفوذ وارتفاعا جديدا في مستوى العنف.  

وتبين الإحصاءات الصحية الحكومية إن مستوى تعاطي المخدرات في خواريز يعد من بين الأعلى في المكسيك.  

فوضى أقل

وفي مايو الماضي أجرت شركة بيسلايس اند أسوشييتس استطلاعا لحساب مؤسسات إعلامية من بينها كرونكايت نيوز شمل 1500 شخص في 14 مدينة حدودية في المكسيك والولايات المتحدة.  

وأظهر الاستطلاع أن 72 في المئة من المشاركين في الجانب الأمريكي و86 في المئة في الجانب المكسيكي قالوا إنهم يعارضون بناء جدار.  

يقول استبان سابدرا العامل في مصنع ويعيش في حي أنابرا وهو من أحياء الطبقة العاملة على المشارف الغربية لمدينة خواريز إنه من القلة المكسيكية التي تريد إقامة جدار أشد أمنا.  

ويقف بيت سابدرا على مسافة قريبة من سور منخفض من الأسلاك الشائكة الصدئة مقام منذ الثمانينات ويفصل بين خواريز وإل باسو تعمل إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية الآن على إبداله بإقامة سور من أعمدة الصلب بارتفاع يقترب من خمسة أمتار يمتد مسافة كيلومترين.  

ويرحب سابدرا بالسور الجديد ويأمل أن يردع مهربي البشر والمخدرات الذين يكثرون الآن في الحي ويروعون السكان.  

ويقول خبراء إن بناء سور حول إل باسو كان من العوامل التي أدت إلى انخفاض شديد في أعداد من يقبض عليهم حرس الحدود الأمريكي في هذا القطاع إذ انخفض العدد العام الماضي إلى 14495 من 122256 في عام 2006. ومن أسباب هذا الانخفاض تحول المهاجرين المتسللين إلى دروب أخرى على الحدود وسائل حمايتها أقل.  

وقال مكتب واشنطن لجماعة أمريكا اللاتينية الحقوقية إن حركة المهاجرين في هذا القطاع تراجعت بشدة لعوامل من أهمها تشديد الوجود الأمني بما في ذلك بناء السور وزيادة عدد ضباط الحدود إلى مثليه تقريبا.  

بيوت ومنتجعات مهملة

يحمل خورخي أرنالدو نافا لوبيز المدعي العام بمدينة سيوداد خواريز سور إل باسو مسؤولية المساهمة في الزيادة الحادة لمعدلات الجريمة على امتداد شريط خصب من الأراضي عبر الصحراء يعرف باسم فال دو خواريز. وتشتد حدة الارتفاع في معدلات الجريمة بصفة خاصة حيث ينتهي السور بالقرب من بلدية جوادالوب.  

وقال نافا إن السور تسبب في "نزوح باتجاه القرى على مشارف سيوداد خواريز".  

وقد اعتادت الطبقة الوسطى في المدينة قضاء العطلات الأسبوعية في فال دي خواريز. أما الآن فقد أصبح الكثير من منتجعات المنطقة والبيوت التي كانت تفتح لقضاء العطلات فيها ومزارع القطن مهجورة بعد أن هجرتها الشرطة التي فاقها المجرمون عددا وعدة وانتشر فيها العنف.  

ويقول مسؤولون ومهاجرون إن المكسيكيين والقادمين من أمريكا الوسطى يدفعون لأفراد العصابات مئات الدولارات للخوض عبر منطقة ضحله من النهر وتجربة حظهم في تفادي حرس الحدود للوصول إلى مدينتي تورنيلو وفابنز على الجانب الآخر.

مقالات متعلقة