وفقا للقاعدة التي تقول إنه كلما زاد الاحتياطي النقدي لأي دولة، كلما أعطى مؤشرا إيجابيًا عن استقرار الاقتصاد وتزايد فرص الاستثمار؛ انبثق شعاع أمل عند الكثير من المتابعين عقب إعلان البنك المركزي المصري، ارتفاع الاحتياطى الأجنبى لمصر، ليسجل24.265 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر 2016، مقارنة بـ23 مليار دولار، فى نهاية شهر نوفمبر 2016، بارتفاع قدره نحو 1.2 مليار دولار.
إلا أن ردود الأفعال بين خبراء الاقتصاد جاءت غير متفائلة حول الزيادة حيث اعتبر البعض أنها لا تستدعي التفاؤل المتزايد، خاصة أن تلك النسبة تعد ضئيلة بجانب الوضع الحالي الذي يمر به الاقتصاد، وخاصة مع الديون المطالب سدادها الشهر الحالي، فضلا عن أنها ليس نتاج صادرات أو إنتاج مصري.
والبنك المركزى مطالب خلال يناير الجارى بسداد قسط من ديون دول نادى باريس في حدود 700 مليون دولار، وقرض تركي بقيمة مليار دولار، بحسب ما أعلنه محافظ البنك المركزي مؤخرا.
فيما اعتبر آخرون أن زيادة الاحتياطي النقدي بداية نحو انخفاض سعر الدولار أو على الأقل استقرار سعره بدلا من الزيادات المتواصلة والتي تؤثر على كافة الأسعار.
وحصلت مصر خلال شهري نوفمبر وديسمبر على شريحة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 2.75 مليار دولار، بالإضافة إلى 2.7 مليار دولار من الصين من خلال اتفاق لمبادلة العملة بين البلدين، و2 مليار دولار من السندات الدولية التي طرحتها الحكومة في بورصة أيرلندا طرحا خاصا.
وبالمقارنة مع الزيادة الحالية وهي 1.2 مليار دولار تعني أن البنك المركزي قام باستغلال جزء من هذه التدفقات لسداد ديون أو شراء سلع أساسية.
وتتمثل الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، في توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية.
غير مجدية
الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، قال إن تلك الزيادة ليست دليلا فعليا على نمو الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن تلك الطفرة تعد مؤشرا على محاولة الدولة ترشيد استيرادها من الخارج.
وأشار "الدمرداش" إلى أن تلك الزيادة ليس لها أى قيمة إذا لم تستمر مدة زمنية طويلة، موضحا أن فوائدها يظهر أثرها إذا توالت الزيادة على مدار عدة أشهر متتالية.
وحول تأثير ارتفاع أرصدة الاحتياطي على أسعار السلع الأساسية، نفى "الدمرداش" في تصريحات لـ"مصر العربية" قدرة تلك الزيادة على خفض الأسعار، لافتا إلى أن انخفاض الأسعار يعد المتحكم الأول والرئيسي فيها هو القيمة الفعلية للجنيه المصري أمام سعر الدولار، مشددا على أن الأسعار بشكل عام لن يتم تخفيضها بتاتا إلا بعد انخفاض سعر الدولار ووصول قيمته بحد أدنى 14 جنيها.
وتطرق الخبير الاقتصادي، في حديثه، إلى مساهمة ارتفاع الرصيد الأجنبي، في المحاولة السريعة لسداد الديون الخارجية، حيث أكد أن تلك الزيادة ليس لها أى ذكر بجانب المبالغ الضخمة للديون التى ترهق كاهل مصر.
قروض ومنح
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، إن الدولة تسير في الاتجاه الاقتصادي الخاطئ، ولن يحدث حالة نمو بالاقتصاد طالما وضعت الدولة القروض نصب أعينها وجعلتها هدفا ساميا تلجأ إليه وتعتمد عليه في حل جميع أزماتها البسيطة والمستعصية.
واستدرك "فاروق" في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن الاقتصاد لم تظهر أي أعراض انتعاش عليه في الفترة الحالية، مشددا أنه لا يوجد ما يستدعى الانبهار بالزيادة الطفيفة في نسبة الرصيد الأجنبي، على حد قوله.
6 أسباب
الدكتور فخري الفقي، نائب رئيس صندوق النقد الدولي السابق، كشف أن تلك الطفرة تعود أسبابها إلى 6 محاور أساسية، تأتي في مقدمتها الاقتراض الخارجي، المتمثل في قرض صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الذي حصلت مصر منه على مبلغ تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار، يتم الحصول عليهم على 3 دفعات بواقع مليار دولار سنويا، والذي حصلت مصر على دفعتين منه، حتى الآن، وكذلك التعاقد مع بنك التنمية الإفريقي على قرض تصل قيمته إلى مليار ونصف الميار دولار، وحصلت مصر علي آخر دفعة منه شهر ديسمبر 2016.
وأضاف "الفقي" في تصريحات لـ"مصر العربية" أن دخل قناة السويس يعد من أبرز العوامل التى أحدثت تلك الطفرة في نسبة أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، وخاصة أن قناة السويس تعد مملوكة ملكية تامة للدولة، مشيرا إلى أن دخل قناة السويس بلغ إجماله في الفترة الأخيرة إلى 450 مليون دولار، ما يساهم في توفير العملة الصعبة التي يعتمد عليها البنك المركزي ويعتبرها ركيزة أساسية للاحتياطي العام له.
واعتبره "الفقي" قطاع السياحة، العامل الثالث الذي يساهم بشكل كبير في توفير العملة الصعبة ورفع أرصدة الإحتياطى الأجنبى، موضحا أن السياحة المصرية بدأت في عودتها للازدهار مرة أخري، فضلا عن تحويلات المستثمرين والمصريين من الخارج، والتي اعتبرها "الفقي" من العوامل الثانوية التى ساهمت إلى حد كبير فى مساندة الاقتصاد.
وارتفعت قيمة الدين الخارجي بنحو 7.8% خلال الأشهر الثلاثة من العام المالي الجاري، الذي بدأ في يوليو الماضي، وبلغت 60.15 مليار دولار، كما قفزت أعباء خدمة الدين (قيمة أقساطه والفوائد عليه) بنحو 184.8% خلال نفس الفترة.