فيديو| ملتقى حوار شباب ميانمار.. هل ينجح الأزهر في حقن دماء مسلمي بورما؟

الدكتور أحمد الطيب خلال فعاليات ملتقى حوار شباب بورما

على مدار يومين نظم الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، ملتقى جمع كوكبة من شباب دولة ميانمار، من جميع الدِّيانات (البوذية والإسلام والمسيحية والهندوسية)، بحضور عددٍ من السُّفراء والأدباء والمفكِّرين والإعلاميين، للتباحث مع الشباب حول سُبُل العيشِ المشترك، والوقوف على أسباب الخِلاف في ميانمار، ومحاولة وضع حلولٍ جذريَّة لإنهائه وترسيخ أُسُسِ المواطنة والعيش المشترك بين المواطنين.

 

جرى التحضير  لهذا الملتقى منذ فترة  كبيرة، من خلال لقاءات عدة بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وسفير ميانمار فى القاهرة، أسفرت عن تكوين رؤية للقيام بأمر ما من أجل حقن الدماء في ميانمار، بعدها  تشاور مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر فى الموضوع، واقترحوا مبادرة استقبال وفد من شباب ميانمار وبعض المسئولين فى وزارة الخارجية وشئون الأديان فى القاهرة بهدف عقد جلسة حوار مفتوحة مع الجميع يتكلمون فيها بصراحة دون أى قيود أو ضغوط من أجل الوصول إلى لهذه الأزمة-  حسب تصريح خاص للسفير  عبد الرحمن مؤسى مستشار  شيخ الأزهر.

 

السفير عبد الرحمن موسى أكد لـ"مصر العربية"، أن جولات الحوار هذه بداية يعقبها عدة إجراءات سوف يتخذها الأزهر لحماية وحفظ الأرواح فى ميانمار، سيعلن عن الأزهر عقب انتهاء جلسات الحوار، مؤكدا أن الأزهر لا يقترح أي حلول، وإنما الحلول ستصدر من الوفود المشاركة وهم سيبلغوننا بعد ذلك ماذا نفعل وما هى الخطوات الأمثل بالنسبة إليهم لكي يقوم الأزهر بالتحرك.

 

 

وبحسب بعض التقارير الحقوقية، فإن حكومة ميانمار لا تعترف بمسلمي الروهينجا، ولا تمنحهم الجنسية، وترى أنهم مجاهرين غير شرعيين قادمين من بنجلاديش، و يجب أن يعودوا لمواطنهم الأزهر، لذا تقوم الحكومة بعمليات إبادة عسكرية ضدهم في ولاية راخين، هذا فضلا عن حظر الزواج بثانية وإرهاقهم عند قيامهم بإجراءات توثيق عقود الزواج.

 

وبدأت فعاليات المؤتمر يوم الثلاثاء الماضي، بكلمة للدكتور أحمد الطيب أشاد فيها ببعض الجوانب الإنسانية للديانة البوذية، بعدها استمع الإمام الأكبر وأعضاء مجلس حكماء المسلمين لمداخلات رؤساء الوفود البوذية والمسلمة والهندوسية والمسيحية في جلسة افتتاحية حضرها عدد من السفراء والمسؤولين والعلماء والمفكرين، أعقبها جلسة مغلقة ضمت أعضاء مجلس حكماء المسلمين والوفد الميانماري المشارك مع شيخ الأزهر.

 

 

طرح الحاضرون خلال هذه الجلسة أهم المشكلات التي يواجهها بعض سكان ميانمار والتي تمثل من وجهة نظرهم أسبابًا رئيسة أسهمت في تأجيج الأزمة، والتي يأتي في مقدمتها مشاكل تتعلق بالتعايش والاندماج والتعليم والثقافة والوضع الاقتصادي، بعدها استمع أعضاء المجلس إلى بعض المقترحات التي قد تساهم من وجهة نظر المشاركين في وضع حد للأزمة في البلاد.

 

عقب الجلسة المغلقة والاستماع لممثلي شعب ميانمار تم عقد ورش عمل متخصصة حول رؤيتهم في تحقيق التعايش السلمي وإنهاء الأزمة وبحث كيفية تحقيق السلام العادل بين الجميع؛ تأسيا بالدول المتعددة الأعراق والديانات التي يعيش فيها الجميع بسلام.

 

بدوره أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أنَّ المؤتمر سيكون بداية قوية وحقيقية لإنهاء صراع طويل في هذه البلاد.

 

وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية"، على هامش المؤتمر، أن الأزهر يسعى لإزالة أسباب الصراع فى بورما، مشددًا على ضرورة الوصول إلى حل والخروج من المشكلة دون التعرض المباشر لأسباب المشكلة التى سنتعرض لها في الجلسات المغلقة.

 

وأشار شومان إلى أن الأحاديث العامة التي تبين أهمية أن يعيش الناس فى سلام يعرفها الجميع، ولكن الأزهر يريد إزالة أسباب هذا الصراع والوقوف على مطالب كل طرف وتقريب وجهات النظر والتواصل مع المسئولين، ونتوقع ألا تنتهي المشاكل في هذه اللقاءات، ولكن نريد البداية في طريق نسير فيه حتى نصل إلى السلام المنشود هناك".

 

 

وثمَّن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، الدور الذي قام به الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين برئاسة الدكتور أحمد الطيب، لدعوة كافة طوائف الشعب الميانماري إلى الجلوس على مائدة الحوار من أجل إيجاد حلولٍ للمشاكل التي تؤرق هذه الدولة.

 

وقال شوقي علام لـ"مصر العربية": "إن هذا الملتقى جاء فى وقته من أجل الإسهام في إيجاد حلول لهذه القضية الشائكة التى أرقت هذه الدولة، لافتًا إلى أن هذه الدعوة من الإمام الأكبر تصب فى الاتجاه الذى تسير في مصر والأزهر من أجل تحقيق الاستقرار والسلام في العالم كله".

 

 وأضاف: "نتمنى التوفيق للوفود المشاركة من أجل إيجاد ثقافة سلام حقيقية تقي البلاد من شر هذه الفتنة"، موضحا أن النفس الإنسانية غالية ولا يمكن أن يفعل بها هكذا، ولذلك فإن كل الجهود التى تبذل من أجل حقن الدماء هي جهود مقدرة ومطلوبة شرعا.

 

 وعن الحلول الممكنة لحل أزمة بورما، أشار مفتي الجمهورية إلى أن أجندة الحوار طرحت عليها كل الإجراءات التى يمكن أن تؤدي إلى إيجاد طريق أو بصيص من النور من أجل حل هذه المشكلة.

 

 

عقب انتهاء فعاليات المؤتمر، أصدر مجلس حكماء المسلمين بيانا أكد فيه أن هذا الملتقى خطوة ناجحة في طريق حل الأزمة في ميانمار.

 

وأكد المجلس أن الأزمة في ميانمار معقدة بشكل يستوجب جهودا مكثفة وبحثًا دقيقًا موضوعيًا عن جذور المشكلة مع ضرورة الوقف العاجل لكل مظاهر العنف وإراقة الدماء حتى يتسنى المضي في الخطوات المؤدية إلى تحقيق السلام المنشود في البلاد.

 

ولفت إلى أنه تم التوافق بين جميع الأطراف على ذهاب وفد مجلس الحكماء إلى ميانمار وعقد جولة أخرى من جولات الحوار المستمر بين كافة الأطراف حتى يتحقق السلام التام.

 

وشدد البيان على أن الأزهر ومجلس الحكماء يدرسان كافة السبل لدعم التنمية الثقافية في ميانمار ومنها تخصيص عدد من المنح للطلاب المسلمين للدراسة في جامعة الأزهر، وتوفير عدد من الدورات الثقافية لغير المسلمين لدراسة اللغة العربية، وذلك للارتقاء بالمستوى الثقافي والعلمي بإقليم "راخين"، مما سيسهم في إيجاد بيئة ملائمة تحقق العيش المشترك.

 

الهجوم على الطيب

 

على النقيض قابل قطاع كبير من المصريين، كلمة شيخ الأزهر باستهجان كبير، بسبب إشادته بالبوذية، متناسين الجهود التي بذلها الإمام الأكبر لجمع شباب ميانمار في القاهرة، والهدف الرئيسي للملتقى، مؤكدين أن البوذية ليست ديانة ليمدحها الإمام الأكبر، وقاموا بنشر الصور التي تصور المجازر ضد المسلمين في بورما.

 

هذه الانتقادات رد عليها عدد من الأزهريين، حيث قال الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية الوافدين بالأزهر، إن الذين يتصيدون للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وهو يثني على بعض الجوانب الانسانية في شخصية بوذا لا ينظرون إلى الجوانب الايجابية التي قد تنتج عن المؤتمر ويستفيد منها المسلمون في بورما بأن تحقن الدماء.

 

وذكر أن هؤلاء ينظرون تحت أقدامهم ويتصيدون كلمات ما أحسنوا فهمها ولا مقاصدها لأنهم يغلقون عقولهم وقلوبهم ويظنون أنهم يحسنون صنعا"، وتساءل: "هل كان هؤلاء يودون من الإمام الأكبر فى مؤتمر صلح ولم شمل أن يتحدث عن بوذا بأنه هو كافر مارق ضال مضل؟.. وأن يقول لا تباعه في المؤتمر  : يا كفرة  يا أولاد ال ..... حتى يسارعوا لدخول الإسلام بهذا المنطق ... أم ماذا  ؟!.  هل هذا هو ما كان يمكن أن يفرح هؤلاء الذين يتصيدون وأن يثنوا على الإمام  بهذا القول ؟ "

 

 وتابع : "والله لا أدري أين تعلم هؤلاء جوهر الدين ولو علموا حقا أن رسولنا -صلى الله عليه وسلم-  كان يعظ الكفار بأجمل الأقوال ويثني على بعض من محاسنهم  كثنائه على حلف الفضول الذي اقاموه في عهود الكفر ما نطقوا ضد شيخ الأزهر في هذا المؤتمر  إلا بما هو خير. . كفى تنطعا واتقوا الله في دينكم أزهر كم وتعلموا قبل أن تتكلموا يرحمكم الله".

 

وافقه الرأي الشيخ أحمد تركي مدير عام مراكز التدريب بوزارة الأوقاف، الذى وصف المنتقدين بأنهم أهل شقاق ونفاق.

 

وأشار  إلى أنه تابع عن كثب فعاليات هذه الملتقى الذي لم يسبق مصر ولا الأزهر إليها أي دولة أو مؤسسة علي مستوي العالم الإسلامي، كما استمع لكلمة شيخ الأزهر في مؤتمر ميانمار، مؤكدا أن ليس فيها أي مخالفة أو شيء يخالف العقيدة .

 

وقال مدير مراكز التدريب : "لو أخذت الكلمة في سياقها لن تجد فيها أي شيء سوي مصلحة المسلمين في ميانمار، أما إذا تعاملت مع كلمة شيخ الأزهر بأسلوب أهل النفاق والشقاق وهو أسلوب اجتزاء بعض الجمل من سياقها لتغيير معني الكلام عن مساره، قد تجد مسوغا للتشنيع على الإمام الأكبر بما لا يقصده زوراً وبهتاناً"

 

وأوضح أن ما ورد في كلمة الدكتور الطيب في ظاهره مدح للبوذية في بعض جوانبها الإنسانية، هذا أسلوب ورد في السنة المطهرة، عندما امتدح رسول الله صلي الله عليه وسلم قريشاً وكانوا (عبدة للأصنام) في حلف الفضول، وقال : والله لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به من حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت.

 

 وتساءل : فهل هذا يعني أن رسول الله قد امتدح أهل الوثنية وعبدة الأصنام؟ !!!، بالطبع لا بل امتدح بعض المواقف الإنسانية عند قريش - عبدة الأصنام - رغم اختلاف العقيدة ورغم كفرهم بالله ورسوله.

 

ولفت تركي إلى أن البوذية دين وضعي باطل، ولكن عندهم جانب روحي وإنساني رغم كفرهم، وشيخ الأزهر في هذا الموقف مصلح بين طرفين، فمن الحكمة استمالة القوم ببعض المشتركات الإنسانية، علي خطى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ومسلكه مع قريش.

 

واختتم الشيخ أحمد تركي تصريحاته قائلا : "لا يعتقد عاقل أن شيخ الأزهر يمدح عقيدة البوذية ويعترف بها .. بالطبع لا يروج هذا الادعاء إلا أهل الشقاق والنفاق ومن يصطادون في الماء العكر لتعكير صفو المسلمين كما عكروا تدينهم ودينهم"، مطالبا الجميع بحسن الظن وتعلم الحكمة من أهلها.

 

وقال الدكتور تامر خضر أحد علماء الأزهر الشريف : إن ما تحدث به شيخ الأزهر ليس مدحا للبوذية كما يدعي البعض،  فالشيخ لم يمدح البوذية ولا غيرها ، بل ذكر بوذا لا البوذية ببعض الصفات التي يقرها العقل والنقل معا وهذا من باب العدل في الخصومة. من قوله تعالى( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا).

 

وأضاف : أسلوب الإمام هو تقريع لهم على أفعالهم وجرائمهم لا مدح لهم كما يقول البعض لأنه من باب (الذم بما يشبه المدح) كما قال البلاغيون... فالإمام مدح رجلا عرف عنه الرحمة والتسامح والعدل موجها اللوم لهم، كيف تعتقدون بتعاليمه وأنتم لا تقبلون الأخر وتقتلون غيركم من الأقلية المسلمة؟ كيف تقولون بوذا وتخالفون تعاليمه وأبسطها السلام الذي نادى به؟، مشيرا إلى أن شيخ الأزهر جمع هذا كله بأسلوب راق وحكمة بالغة يعجز عنه هؤلاء الجهلاء. 

 

وتابع :  الإمام صدر لهم ما جهلوه من سماحة الإسلام باستضافته لهم، والترحيب بهم مع مخالفته وعدم اعترافه بهم ولا بدينهم وهذا المؤتمر مما يحمد له ويكفيه سعيه في هذه القضية.

 

وشدد خضر على أن الإمام الأكبر لا يعترف بدينهم ولا معتقدهم كما زعم حيث قال(الدين الإنساني)وحديثه إشارة إلى كونه دين وضعي لا سماوي، وقد تحدث بروح الإسلام وسماحته التي حث عليها النبي صل الله عليه وسلم متمثلا في مكارم الاخلاق وأدب الحديث لا السب والطعن في الغير، مؤكدا أنه لا يوجد  في كلمة مخالفة لنص شرعي بل العكس كانت الكلمة جامعة ماتعة. 

 

بعض فيديوهات المؤتمر

 

 

مقالات متعلقة