أنقرة: تركيا تقف منذ البداية في المكان الصحيح حيال الأزمة السورية

المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش

فنّد نائب رئيس الوزراء، متحدث الحكومة التركية، نعمان قورتولموش، اليوم الجمعة، تصريحات نقلتها إحدى الصحف المحلية مؤخرًا على لسانه، بشأن السياسة التركية حيال الأزمة السورية الراهنة، قائلاً إنه "تم تحريفها (تصريحاته) وتأويلها بشكل خاطئ".  

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها قورتولموش لقناة روداو (كردية عراقية)، عشية زيارة يعتزم رئيس الحكومة، بن علي يلدريم، القيام بها إلى العراق.  

وقبل يومين، نقلت صحيفة "حريت" (خاصة محلية)، تصريحا ادعت أنه على لسان قورتولموش، قال فيه "سياستنا منذ البداية كانت خاطئة في سوريا"، وهو ما نفاه المسؤول التركي، اليوم.  

وأضاف في ذات السياق "كنت أقصد السياسة المتبعة حيال سوريا التي ينتهجها المجتمع الدولي بشكل عام، فهي سياسة خاطئة، ومع الأسف فإن الشعب السوري هو من دفع ويدفع الثمن، لكن تركيا تقف منذ البداية في المكان الصحيح حيال الأزمة".  

وتابع متحدث الحكومة التركية "أردنا بناء مرحلة ديمقراطية في سوريا، لكن لم نتمكن من ضمان تطوير الوسائل السياسية لتنفيذها، فإمكاناتنا لم تكن كافية، والمجتمع الدولي لم يقدم دعماً جاداً بهذا الشأن".  

وأكد قورتولموش أن "الدول المنضوية في التحالف الدولي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لم يكن لديها منظور مشترك، أو توجّه يتعلق بكيفية حل المشكلة في سوريا، وهذا كان مضمون تصريحاتي التي تم تحريفها".  

وتقود الولايات المتحدة تحالفًا عسكريًا دوليًا يضم أكثر من 60 دولة، لمحاربة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، عبر تقديم الدعم الجوي للقوات البرية.   

وأشار نائب رئيس الوزراء، إلى أن "دول التحالف لم تكن تمتلك خطة أو مشروع لكيفية حل الأزمة السورية"، مضيفاً "ليت دول المنطقة اجتمعت منذ البداية، وتمكنت من حلها دون حدوث أي تدخل من دول خارج المنطقة".  

واستطرد في السياق ذاته "ليت المجتمع الدولي كان قد اتخذ مبادرة لوقف وحشية نظام (بشار) الأسد، على الأقل في المرحلة التي أعقبت استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، إلا أن ذلك لم يحدث".  

ولفت قورتولموش إلى أن "برنامج التجهيز والتدريب" للمعارضة المعتدلة السورية فشل، ولم يتم تقديم دعم جاد لـ"الجيش السوري الحر".  

ووقعت اتفاقية "تدريب وتجهيز" بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، في 19 فبراير 2015؛ لتأهيل وإعداد عناصر من المعارضة السورية المعتدلة، لكن في أكتوبر من العام ذاته، أعلنت واشنطن وقف البرنامج بشكل مؤقت، وأعربت حينها عن أملها في استئنافه عندما "تسنح الظروف".    

وعن تصور بلاده للأوضاع في سوريا، أكد نائب رئيس الوزراء التركي، قورتولموش، أن أنقرة "تسعى لوضع منظور جديد للسلام في سوريا في الوقت الراهن، واتخاذ خطوات ناجحة".  

واستطرد "لا سيما أننا تمكنا خلال بضعة أشهر ومن خلال التعاون مع روسيا، من التوصل إلى نقطة مشتركة، وبذلنا جهوداً لإنهاء الوضع غير الإنساني في حلب أولاً".  

تجدر الإشارة أن اتفاقًا لوقف إطلاق النار في سوريا دخل حيز التنفيذ في 30 ديسمبر المنصرم، بعد موافقة النظام السوري والمعارضة، على تفاهمات روسية - تركية بهذا الشأن.   

وبخصوص التهديدات المحدقة بوقف إطلاق النار، قال قورتولموش "هناك مليشيات (لم يحددها) تحرض وتحاول التحريض في سوريا، إلا أن وقف إطلاق النار يسير بشكل جيد، فكما تعلمون تركيا في هذا الأمر ضامنة للمعارضة المعتدلة، وروسيا ضامنة للنظام السوري".  

وأعرب المسؤول التركي، عن أمله في "أن يتم التوصل إلى نتائج يرضى بها الشعب السوري خلال المفاوضات التي ستجري بين المعارضة والنظام السوري خلال الفترة المقبلة"، في إشارة لمباحثات العاصمة الكازاخية "الأستانة" بخصوص سوريا.  

ومن المنتظر أن تجري "مفاوضات الأستانة" بين النظام السوري والمعارضة، برعاية أممية - تركية -روسية، قبل نهاية يناير الجاري.  

وفي ذات السياق قال قورتولموش "من الواضح أنه لن يتم (خلال المفاوضات) القبول بنظام قتل 600 ألف من شعبه ودمّر المدن (في إشارة لنظام الأسد)، لذلك سيتم وضع خطة سلام جديدة في هذا الإطار"، دون توضيح ملامح تلك الخطة.  

وفي شأن آخر أشار قورتولموش، أن تركيا "ليست منزعجة من وجود أشقائنا الأكراد شمالي سوريا، بل منزعجون من وجود تنظيم ب ي د (الذراع السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية)".  

وأكد أن "ب ي د، يهدد وحدة الأراضي السورية، ويدعم الهجمات الإرهابية في شرق وجنوب شرق تركيا".  

ويسيطر التنظيم الإرهابي على مناطق الشمال السوري ومدينة القامشلي، منذ أواخر العام 2012، بعد انسحاب النظام منها، واحتفاظ الأخير بالمربع الأمني فقط، الذي يضم الافرع الأمنية التابعة له، إلى جانب المطار الواقع على أطراف المدينة والمسمى باسمها، إضافة إلى مدن وبلدات أخرى في محافظة الحسكة، وللعلم فإن كوباني وعفرين في محافظة حلب.   

وبخصوص زيارة رئيس الوزراء التركي غدًا للعراق، أعرب قورتولموش عن أمله في أن "تشكل الزيارة أرضية جديدة في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون بين البلدين".  

وأضاف: "نأمل أن تعود العلاقات التركية العراقية إلى سابق عهدها، ونحن على قناعة بأن وجود نظام فدرالي قائم على تقاسم عادل للدخل والسلطة بالعراق بما في ذلك الإقليم الكردي (شمال)، أمر سيكون في صالح الشعب".  

وحول الوجود العسكري التركي في معسكر "بعشيقة" شمالي العراق، أكّد قورتولموش أن قوات بلاده "لا تتواجد هناك بغرض الاحتلال وإنما تسعى لمساعدة الشعب العراقي الصديق والشقيق وإنقاذ المنطقة من تنظيم داعش الإرهابي".   

وشدّد قورتولموش على أن "هناك أطرافًا (لم يسمها) تحاول تشتيت شعوب المنطقة وكسر إرادتها من خلال إحداث الخلافات العرقية والطائفية بينها".  

وداعيا إلى حل الخلافات السياسية بين بلدان المنطقة عن طريق الحوار والتراضي.  

وفي وقت سابق اليوم، قالت رئاسة الوزراء التركية، أن  يلدريم سيجري خلال زيارته للعراق، لقاءات مع الرئيس، فؤاد معصوم، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، إلى جانب مسؤولين حزبين، وسياسيين.  

وبعد العاصمة بغداد، يجري يلدريم زيارة لمدينة أربيل، في الإقليم الكردي، يلتقي خلالها رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، ورئيس وزرائه نيجيرفان بارزاني، ليبحث معهما مسألة مكافحة الإرهاب، وقضايا اقتصادية ذات اهتمام مشترك.

مقالات متعلقة