انقلاب حماس على داعش.. يقربها لمصر ويهدد أبو مازن

محاربة حماس لداعش وراء التقارب مع مصر

سلط "آفي يسسخروف" المحلل اﻹسرائيلي في مقال نشرته صحيفة "تايم أوف إسرائيل" العبرية الضوء على أسباب التقارب الواضح للعيان حاليا بين القاهرة وحركة حماس، رغم لهجة العداء التي تصاعدت من جانب مصر ضد الحركة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في 2013.

 

وقال محلل الشؤون العربية، إن محاربة حماس لداعش، ورغبة القاهرة في أن تكون في معها ضد هذا التنظيم من أسباب هذا التقارب الذي سمح بفتح معبر رفح ودخول الكثير من البضائع للقطاع المحاصر منذ سنوات.

 

نص المقال:

 

المصريون لم يخفوا أبدا كرههم لحركة حماس، خاصة بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه في 2013،  ومنذ ذلك الحين، الجيش هدم مئات الأنفاق التي حفرتها حماس بين غزة وسيناء وشنت حربا واسعة ضد عمليات التهريب من مصر لغزة.

 

ولكن في الشرق الأوسط، كل شيء ممكن، ويبدو أن القيادة المصرية الحالية، العدو اللدود لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر حماس أحد فروعها، قررت تغيير سلوكها تجاه حماس، وهذا القرار لا ينبع من أي عاطفة مفاجئة من جانب مصر لحماس، ولكن نابعة من كراهية مصر لتنظيم الدولة اﻹسلامية المعروفة إعلاميا "بداعش".

 

هذا التغيير في الاتجاه، وهو أمر واضح بالفعل على أرض الواقع، إسرائيل تشعر بالقلق منه، فجأة فتح المصريين معبر رفح الحدودي، لدخول البضائع، وهذا الأسبوع، قال مسئولون رفيعوا المستوى من حماس إن رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية، يخطط لزيارة القاهرة في المستقبل القريب.

 

هنية الذي يعيش خارج غزة منذ عدة أشهر، غادر القطاع بإذن مصر ﻷداء فريضة الحج، اشتغل الفرصة وقام بزيارة العديد من الدول العربية والإسلامية، وغيرها، أسامة حمدان، مسؤول حركة حماس أول من تحدث عن تقارب حماس ليس فقط مع مصر، ولكن أيضا مع إيران.

 

هنية عمل أيضا على تعزيز علاقة حماس مع مختلف الدول في العالم الإسلامي.

 

مصر سمحت لمسئولين آخرين من حماس بمغادرة غزة مع هنية، من بينهم "روحي مشتهى" الناشط في حماس الذي يعتبر واحدا من أقرب المقربين من يحيى السنوار، الرجل القوي في حماس.

 

مشتهى، الذي أفرج عنه من سجون إسرائيل عام 2011 كجزء من صفقة تبادل الأسرى، يعتبر واحدا من المسؤولين الذين يحدد النغمة في حماس، لديه قدر كبير من النفوذ على الجناح العسكري.  

 

لكن ما الذي قاد إلى هذا التحول في العلاقة بين حماس والقاهرة، وهذه المصالحة التي لم يسبق لها مثيل.

 

بدأ التغيير تجاه حماس، مع قرارت الحرب ضد الجماعات السلفية في القطاع، من وجهة نظر حماس، السلفيين، بما في ذلك أولئك الذين يتعاطفون مع الدولة الإسلامية، أصبحوا يشكلون تهديدا حقيقيا رغم قلة عددهم نسبيا في غزة، حيث يتراوح عددهم بين 700-800 من إجمالي عدد السكان البالغ مليوني شخص.

 

إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الجماعات السلفية أحدث مشكلة كبيرة لحماس.

 

لكن التهديد الأكثر أهمية داخلي، حيث انضم ما لا يقل عن 40 من أعضاء حماس للجماعات السلفية المختلفة في السنوات الأخيرة، وبعضهم عبر الحدود للانضمام للدولة الاسلامية في سيناء، حيث بدأ يتسرب عدد من قادة الجناح العسكري لحماس أيضا لسيناء، بما في ذلك بعض الذين يعتبرون خبراء في مجالاتهم، مثل استخدام صواريخ مضادة للدبابات، وعبوات ناسفة كبيرة الحجم، لذلك التقارب بين مصر وحماس منطقي جدا في هذه الفترة.

 

وبدأت حماس عملية قبل شهرين اعتقل خلالها 200 من نشطاء السلفية في جميع أنحاء غزة الذين يطلقون صواريخ على إسرائيل، وغيرهم للمشاركة في الأنشطة الأيديولوجية التي تعتبرها حماس تحديا لحكمها.

 

وبما أن أول من اعتقلتهم حماس ليس لديهم صلات بداعش في سيناء، لم يكن هناك أي مشاكل، ولكن عندما اعتقلت الحركة أعضاء على صلة بداعش، اندلعت أزمة فجأة، ووصف التنظيم في سيناء حماس بأنهم "كفار".

 

في حين كان يدخل لغزة مواد ذات غرض مزدوج مثل كابلات الصلب، وغيرها من المواد التي لن تسمح إسرائيل بدخولها عبر معبر "كيرم شالوم"، إلا أنه بعد اندلاع اﻷزمة حذر قادة داعش المهربين.  

 

ورغم التوتر الشديد بين داعش وحماس، هناك جانبا واحدا على الأقل من التعاون لا يزال مستمرا، وإن كان بدرجة أقل،  وهو علاج جرحى داعش في غزة.

 

ليس للدولة اﻹسلامية أي مركز طبي في سيناء، حيث يمكنهم علاج جرحاهم، والسبيل الوحيد هو قطاع غزة.

 

إذن، ما الذي يدفع مصر لكي تذيب الجليد في علاقتها مع حماس؟

 

أولا، ينبغي أن نلاحظ أنه في الأشهر الأخيرة، شهدنا أزمة حقيقية في العلاقة بين مصر ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وفي الانتخابات الأخيرة لقيادة فتح في الجمعية العامة السابعة، مع استبعاد محمد دحلان، حليف مصر، القاهرة نأت بنفسها عن فتح، وعلى الأقل خلال قيادة عباس للمنظمة.

 

وفيما بدأت الخطوات الأولى نحو المصالحة واضحة، لا سيما فيما يتعلق بفتح معبر رفح الحدودي، فإنه أصبح واضحا في الآونة الأخيرة أن هذا هو أكثر بكثير من مجرد محاولة لتدمير وضع عباس، ويبدو أن المصريين أدركوا أن الوضع في غزة لن يتغير في أي وقت قريب، ويجب عليهم التعامل معها كما هي.

 

وبعبارة أخرى، فإن مصر ترغب في رؤية الاقتتال بين حماس وداعش سيناء بدلا من مساعدتها، والعمل على وقف العمليات ضد القوات المصرية في سيناء، بجانب وقف الدعاية ضد الرئيس السيسي التي يمكن مشاهدتها في جميع أنحاء قطاع غزة.

 

من أجل القيام بذلك، يجب على مصر تطبيع علاقاتها مع حماس، وهذا التطبيع يشمل فتح معبر رفح الحدودي بشكل أكثر انتظاما، ومنح تصاريح مغادرة ودخول لنشطاء حماس، ومساعدة المشاريع المدنية لحماس، لذلك سمحت مصر بدخول مواد البناء مثل الخرسانة.

 

ودخول السيارات والدراجات النارية من مصر إلى قطاع غزة بجانب الخرسانة، هذا هو الاتجاه الذي تعتزم مصر المضي قدما فيه مع حماس، التطبيع الرسمي للعلاقات مع مصر بإشراف الجانب الأمني.

 

مسؤولون بالقاهرة على علم جزئيا بمزايا وعيوب هذه الخطوة، حيث يمكن أن يكون هناك شك في أن فتح معبر رفح بشكل منتظم، على سبيل المثال، سوف يعزز مكانة حماس على حساب عباس، وجعل حكم غزة أكثر شرعية. من ناحية أخرى، إذا اتخذت حماس إجراءات أكثر صرامة ضد داعش، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات اﻹرهابية في سيناء.

 

ويدرك مسؤولو حماس أنه إذا سمحت مصر أعضاء رفيعي المستوى مثل هنية ومشتهى بحرية التنقل، فإن مكانة حماس العالمية سوف تنمو.  

ولعل الأهم من ذلك كله في ميزان القوى داخل حماس، أن القيادة في غزة تكون قادرة على استعادة السيطرة من القيادة الخارجية، وربما، فقط هنية والسنوار ومشتهى يصبحون قادة حماس الحقيقيين على حساب خالد مشعل ورفاقه في قطر وتركيا.

 

الرابط الأصلي

 

مقالات متعلقة