«قوائم الانتظار».. الباب الخلفي لنمو السوق السوداء للدولار

اعتمادات دولارية للمستوردين

صعوبة في فتح اعتمادات دولارية، وجهاز مصرفي يؤكد رئيسه استعداد البنوك لتلبية الاحتياجات من الاعتمادات الدولارية.. وما بين هذا وذاك يقف المستورد وقفة "الحيران"، فعلى الأرض يصطدم بقائمة طويلة من طالبي فتح الاعتمادات، ليبحث بعدها المستورد عن مصادر أخرى للحصول على العملة، لتكون "قائمة الانتظار" ذاتها هي المحرك الرئيسي للسوق السوداء بدلا من القضاء عليها.

 

طارق عامر، محافظ البنك المركزي، والذي أكد سيطرة البنوك على سوق الصرف، هو نفسه الذي أكد أن السوق السوداء لن تختفي: "إن القضاء تماما على السوق السوداء يتطلب بعضا من الوقت ولن تختفي فورًا بمجرد استخدام عصا التعويم السحرية".

 

وتابع عامر:"رغم عودة السوق السوداء فإن الاستحواذ الحقيقي على السوق أصبح من نصيب البنوك" قائلا: "البنوك ركبت السوق خلاص، ومنافسة السوق السوداء محدودة جدًّا، والفروق في سعر الدولار بين البنوك والسوق السوداء محدودة جدًّا ولا تتعدى قروشًا".

 

مستوردون ومتعاملون مع شركات الصرافة أكدوا وجود اتساع نسبي للفجوة بين سعر الدولار بالسوق الرسمي ونظيره الموازي "السوق السوداء"، حيث ارتفع الفارق بين السوقين من نحو 5 إلى 15 قرشا عقب قرار تعويم الجنيه قبل نحو شهرين، إلى ما يترواح بين 40 و 60 قرشا هذه الأيام وفي بعض الأوقات وصلت إلى ما يقرب من 100 قرش، الأمر الذي ينذر باستعادة السوق السوداء بجزء أكبر من قوتها القديمة بفعل "قؤائم الانتظار" بالبنوك للحصول على الاعتمادات.

 

وحذروا من تجاهل الجهاز المصرفي لهذه الملاحظات، تخوفا من مواصلة الأسواق الموازية لقوتها مع مرور الأيام، خاصة وأن البنوك لم تصل بعد للهيمنة الكاملة على السوق.

 

أسامة جعفر، نائب رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، قال إن الأيام الأخيرة سجلت زيادة حدة الفروق السعرية في بيع الدولار بين البنوك والسوق السوداء، حيث كانت هذه الفروق لا تتجاوز 5 قروش قبل نحو شهرين بعد قرار التعويم، إلا أنها وصلت حاليا لنحو 60 قرشا بين السعر الرسمي والموازي، موضحا ان سعر الدولار ليوم الأربعاء الماضي (4 يناير 2017) على سبيل المثال، كان يبلغ بالبنوك 18.20 للشراء و18.80 للبيع، فيما وصل بالسوق السوداء لما يتراوح بين 19.70 و 19.90 جنيها.

 

وأرجع "جعفر" في تصريحات لـ"مصر العربية" السبب وراء ذلك إلى اقتصار البنوك على توفير الدولار للاعتمادات الاستيرادية للاحتياجات الرئيسية، في حين تقل كثيرا في بيع الدولار مباشرة للجمهور، الأمر الذي يدفع ذلك القطاع العريض من طالبي الدولار للبحث عن مصادر أخرى للحصول على العملة، ما يساعد السوق السوداء على استعادة انتعاشها وقوتها وتوسيع الفارق بين أسعارها وأسعار البنوك.

 

من جانبه، قال فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية إن استمرار ظاهرة قوائم الانتظار لطالبي فتح الاعتمادات الاستيرادية لدى البنوك يعد من أهم أسباب عودة السوق السوداء للظهور مرة أخرى، موضحا أنه رغم نفي البنوك المتكرر لطوابير الانتظار، إلا أن المستوردين يواجهون صعوبة في سرعة فتح الاعتمادات الاستيرادية.

 

وأضاف الطحاوي لـ"مصر العربية" أن الفرق بين سعر الدولار في البنوك عن السعر بالسوق الموازية وصل لنحو 60 قرشا مؤخرا، مستشهدا بسعر يوم الجمعة الماضي (6 يناير 2017)، حيث بلغ سعر الدولار في البنوك 19.15 جنيها، فيما بلغ في السوق الموازية 19.70 جنيها.

 

وأبدى الطحاوي تخوفه من استمرار اتساع الفجوة بين السوقين، الامر الذي يهدد بعودة ظاهرة وجود سعرين للدولار، وهو ما يمثل مؤشر سلبي للاقتصاد المحلي ويضر بجاذبية مصر للاستثمار الاجنبي.

 

وعن شركات الصرافة، قال علي الحريري، سكرتير شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الشركات تتوافق في سعرها للدولار مع سعر البنوك، حيث تطرح الدولار بالسعر الأعلى للبنوك، فيما يجعل الفروق السعرية فيما بين البنوك والصرافة تتلاشى تقريبا.

 

ورأى الحريري في تصريح لـ"مصر العربية" أن سعر الدولار يتجه للانخفاض هذه الأيام حيث سجل الخميس الماضي (5 يناير 2017) على سبيل المثال 18.40 جنيها مقابل ما يتجاوز 19 جنيها الايام السابقة عليه، مرجعا ذلك لزيادة النسبية في المعروض من الدولار بعد زيادة احتياطي النقد الاجنبي لـ24.2 مليار دولار.

 

فيما رأى أحمد الزيني رئيس الشعبة العامة لتجار مواد البناء باتحاد العام للغرف التجارية أن عودة السوق السوداء تزداد قوة مع الوقت، وأنه لابد للأجهزة المعنية من الالتفات لهذه الظاهرة، وسرعة تداركها بتحركات تحد من نشاطها وقوتها، منها على سبيل المثال العمل على توفير الدولار لجميع الطالبين ومنهم الجمهور العادي الراغب في الشراء.

 

ولفت الزيني لـ"مصر العربية" الى أن مبالغة بعض المحليين الاقتصاديين في توقعاتهم لسعر الدولار الاشهر المقبلة، وانه سيصل لمستويات فلكية، خطأ كبير، حيث تُحفز هذه التصريحات القائمين على السوق السوداء وبعض المواطنين كذلك على اختزان الدولار بهدف بيعه مستقبلا بأسعار خيالية، وهو ما يعود سلبا على حجم المعروض منه بالأسواق ومن ثم ارتفاع سعره.

مقالات متعلقة