سجل تضخم الأسعار في مصر ارتفاعا بمعدل يعد الأعلى من نوعه في تاريخ البلاد، إذ قفزت الأسعار فوق قدرة الغالبية العظمي من المصريين، الأمر الذي من المتوقع أن يعرقل خطط الحكومة في تحريك الاقتصاد وجذب استثمارات خارجية، بسبب نسب التضخم المرتفعة.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الثلاثاء، أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين بلغ 218.1 لشهر ديسمبر 2016 مسجلا ارتفاعا قدره "3.4 بالمئة" عن شهر نوفمبر 2016. وأشار الجهاز المركزي للتعبئة العاملة واﻹحصاء، في بيان له، اليوم الثلاثاء، أن معدل التضخم السنوي سجل 24.3% لشهر ديسمبر 2016 مقارنة بشهر ديسمبر 2015، مرتفعًا من 20.2% في نوفمبر 2016، حيث سجل بذلك أعلى مستوى منذ أغسطس 2008، متخطيا بذلك نسبة 25%.
ومن جانبه أعلن البنك المركزي المصري، اليوم، أن معدل التضخم الأساسي السنوي قفز إلى 25.86% في ديسمبر الماضي من 20.733% في نوفمبر .
خالد رفعت، الخبير اﻹقتصادي ومدير مركز طيبة للدراسات واﻷبحاث، كشف أن ارتفاع نسبة التضخم إلى هذا الحد يرجع إلى عدة عوامل متعددة، يأتي في مقدمتها قرار تعويم الجنيه، واصفا هذا القرار بأنه السبب الرئيسي في تدهور اﻹفتصاد المصري بصفة عامة. ولم يكن قرار رفع الدعم جزئيا عن الطاقة بعيدا كل البعد عن قرار تعويم الجنيه المصري، إذ أكد "رفعت" أن هذا القرار نتج عنه العديد من الكوارث التحتية، وخاصة ارتفاع أسعار السوﻻر والبنزين، موضحا أن هناك اعتماد رئيسي عليهما في مختلف المجاﻻت بداية من استخدامات الفلاح في تشغيل ماكينة الري، ومرورا بارتفاع أجرة وسائل المواصلات، وانتهاءا بالمصانع التي تعتمد عليهما اعتمادا كليا. واستدرك "رفعت" في حديثه عن من أهم عوامل رفع نسب التضخم، قرار الضريبة المضافة، والذ ي ساهم بشكل كبير فى إلقاء العبء على المواطن مما أدى إلى تقليص نسب المبيعات وركود اﻷسواق. زيادة نسب الجمارك على ما يقرب من 600 سلعة، قرار وصفه الخبير الاقتصادي، بالقرار الصادم الذي خلف وراءه العديد من المصائب اﻹقتصادية، وكان عامﻻ أساسيا في ارتفاع نسب التضخم، مشيرا إلى أن الحكومة تتخذ قرارات عاجلة تظنها سحرية ولكنها في الواقع ﻻيحمد عقباها، على حد قوله. ولفت "رفعت" إلى أن حصول مصر على العديد من القروض في وقت يعد قصير للغاية، أمر ينذر بالخطورة أكثر مما يعطي أملا واستبشارا بالخير، موضحا أن عواقب تلك القروض من المتوقع أن يكون لها مردود سئ لن تتحمله اﻷجيال القادمة، وخاصة أنها تساهم في زيادة نسب خدمة الدين الذي يرهق الخزينة المالية للدول. ورأى أن الحلول اﻷولية المتاحة للدولة حاليا من أجل تقليل نسب التضخم، يأتي في مقدمتها تقليل نسب اﻻستيراد من الخارج، وتخفيض قيمة رواتب العاملين بالدولة، وهذا اﻷمر من أصعب الحلول التي ﻻيتحمل عقباها المواطن البسيط، مشيرا إلى أن أموال خزينة الدولة تصب في ثلاث مصبات رئيسية أبرزهم أجور ومرتبات العاملين بالدولة، فضلا عن دعم السلع اﻷساسية، وخدمة الدين المفروضة على الديون لسداد ديونها الخارجية. "المشاريع التي تنفذها الدولة حاليا لم تؤتي ثمارها وليس لها أي مردود حالي" بتلك الكلمات علق الخبير الإقتصادي، رشاد عبده، على عدم ظهور أى جدوى للمشاريع الحالية، واستطاعتها على تخفيض نسب التضخم، موضحا أن أغلب المشاريع التى تبنتها الدولة في الوقت الحالي ﻻتزال قيد التنفيذ وليس لها أي عائد اقتصادي حالي، وخاصة أنها تعتمد على بناء البنية التحية، مثل الطرق وإنشاء كباري وتحديث المطارات، وغيرها من المشاريع احالية. وأشار "عبده" إلى أن الحكومة ارتكبت خطأ كبيرا حينما اعتمدت على في خطتها على التنموية على تنفيذ المشروعات الخدمة دون اﻻلتفات إلى المشاريع اﻹنتاجية، موضحا أن المشروعات اﻹنتاجية تساهم بدور كبير في تنمية الإستثمار المحلي من جهة وتؤتي ثمارها المرجوة من جهة أخرى. وأوضح أن انهيار البنية التحية للإقتصاد المتمثلة في عوامل الدخل اﻷساسية للخزينة المصرية، أثرت بشكل كبير في ارتفاع نسب التضخم، والتي كان من أهمها تدهور قطاع السياحة ووقف إيرادات قناة السويس، وتراجع الإستثمار الخارجي والداخلي، ﻻفتا إلى أن تدهور التجارة العالمية ساهمت بشكل كبير على اﻹقتصاد المصري، ولكن بنسبة كبيرة عن غيرها من الدول اﻷخري.
"التضخم اﻹقتصادي الحالي تضخم محمود" هكذا وصف الخبير اﻹقتصادي الوضع الحالي، مشيرا إلى أن اﻷيام المقبلة من المتوقع أن تشهد تراجعا كبيرا وركودا في اﻷسواق، وارتفاع للأسعار لم تشهد له مثيل من قبل وخاصة في شهري "مارس وأبريل". وقال المركزي للإحصاء إن نسبة التضخم بمجموعة الأسماك والماكولات البحرية ارتفعت بنسبة 6.1% ومجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 6.9%، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 12%، ومجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة 9.4% وقسم الرعاية الصحية بنسبة 5.6%، ومجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 3.2% ومجموعة الذهب بنسبة 7.9%. وسجـل قسـم الطعام والمشروبات ارتفاعاً قدره 5.2% وذلك نتيجة لعدة تغيرات منها ارتفاع مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 10.2% بسبب زيادة أسعار مجموعة الأرز بنسبة 13.1%، والمكرونة بنسبة 6% والدقيق بنسبة 16.6%. كما ارتفعت مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 5.7% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم الطازجة والمجمدة بنسبة 6.2%، واللحوم المعلبة بنسبة 11.4%، والدواجن بنسبة 4.8%، وارتفعت مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.3% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة لبن حليب كامل الدسم بنسبة 5.9% والجبن بنسبة 6.4 % والبيض بنسبة 3.5%
وارتفعت مجموعة الخضروات بنسبة 0.3% بسـبب ارتفاع أسعار البصل بنسبة 11.6%، والخيار بنسبة 21.3%، والخضروات الجافة بنسبة 6.7%، وصعدت مجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 2.2% بسبب ارتفاع أسعار العصائر الطبيعية بنسبة 12.2%. وسجل قسم الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة ارتفاعاً قدره 2.7% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 8.4% ومجموعة السلع والخدمات الاعتيادية لصيانة المنازل بنسبة 1%، وارتفع قسم الرعاية الصحية بنسبة 5.6%بسبب ارتفاع أسعار مجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 16.5% وخدمات المستشفيات بنسبة 10.5%. وارتفع قسم النقل والمواصلات ارتفاعًا قدره 1% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة شراء المركبات بنسبة 5.2%، ومجموعة المنفق على النقل الخاص بنسبة 0.5 %، كما صعد قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً قدره 3.1% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 3.2%. وسجل قسم السلع والخدمات المتنوعة ارتفاعاً قدره 1% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الذهب بنسبة 7.9%، ومجموعة العناية الشخصية بنسبة 0.5% .