خلال عام ..الحكومة تغتصب حقوق المواطن والبرلمان يكتفي بدور المُحلل

البرلمان في عام ماذا فعل أمام الحكومة

عام مضى من عمر مجلس النواب المصري الحالي، مر خلالها بمنعطفات مختلفة، لكن يبقى أهمها وهو علاقته بالحكومة، وإلى أي مدى استطاع القيام بدوره الرقابي على السلطة التنفيذية إضافة إلى التشريع ، وما نتيجة سجاله مع الحكومة في القضايا المتعلقة بالمواطن .

 

برلمانيون أبدوا أسفهم على أداء المجلس خلال العام المنصرم، مُجمعين على أنه لم يكن على قدر تطلعات المواطن المصري، وبدأ دوره ضئيل أمام السلطة التنفيذية.  

الموازنة العامة

 

بعد إعطاء البرلمان الثقة للحكومة، وماصاحبه من حالات شد وجذب بين الأعضاء، برز السجال بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في عدة مواقف، بدأت بمشروع الموازنة العامة، الذي أثار جدلاً واسعاً بسبب عدم تضمنه الدعم المقرر بالدستور لقطاعات" الصحة والتعليم"، ورغم ذلك وافق عليه" النواب" دون تعديل.

 

جنون الدولار

 

أقر البرلمان قانوني " الخدمة المدنية والقيمة المضافة" ومرر العديد من القروض، ورغم ذلك حررت الحكومة سعر الصرف المعروف بـ" تعويم الجنيه" دون الرجوع للمجلس، ولجأت لصندوق النقد الدولي وأبرمت معه اتفاقية، ولم ترسلها للبرلمان حتى الآن، بالمخالفة للدستور، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع جنوني لسعر الدولار مقابل الجنيه المصري؛ دون وجود آليات للتحكم فيه.

 

ارتفاع الأسعار واختفاء سلع

 

رغم إعلان العديد من النواب رفضهم لسياسات الحكومة الاقتصادية، إلا أنها لم تلتفت، وحررت سعر الصرف وتبع ذلك زيادة في أسعار العديد من السلع وكذلك الوقود، كل هذا في ظل فشلها في إحكام الرقابة على الأسواق، مما ساهم في ارتفاع الأسعار بشكل عام وخاصة السلع الغذائية بشكل جنوني وكذلك اختفاء لبعض السلع من السوق مثل" السكر"، ولم يتخذ البرلمان موقفاً، حتى باصدار قانون لـ" حماية المستهلك".

 

"تيران وصنافير"

 

اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها مصر مع السعودية  والتي بموجبها بموجبها انتقلت السيادة على الجزيرتين للمملكة، أبرز أزمات الحكومة، حيث وقعتها ولم ترسلها للبرلمان حسبما ينص الدستور، ولكنها لجأت للبرلمان بعد قرار" محكمة القضاء الإداري ببطلانها"، ووجود رفض سياسي وشعبي لها.

 

قوانين جدلية

 

مرر " النواب" بعض قوانين الحكومة رغم وجود جدل ورفض واسع لها تحت قبة البرلمان، على رأسها " القيمة المضافة" ، الذي رافقه تخوفات من ارتفاع كبير في الأسعار خاصة مع ارتفاع معدل التضخم إلى 24.3% وهو أعلى معدل منذ 7 سنوات، بجانبه برز " الخدمة المدنية" الذي ثار جدل كبير بشأنه داخل البرلمان؛ لأهميته الشديدة النابعة من ارتباطه بقطاع" موظفي الدولة"، ورغم تعديل القانون قبل إقراره، إلا أن هناك رفض بين قطاع الموظفين له.

 

 

وقيّم  النائب إيهاب منصور، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أداء البرلمان في عام ، بقوله " لم يكن  قوياً أمام الحكومة"، مُدللاً على ذلك بعدم اتخاذه أي موقف ضد قراراتها سوى ما حدث مع وزير التموين.

وأضاف منصور، لـ" مصر العربية"، أنه لم تتم محاسبة حقيقية لأي مسئول، وأن أي إنجاز يتم يكون بضغط فردي من بعض النواب، مُشيراً إلى وجود اتفاق بين البرلمان والحكومة على تقديم تقرير ربع سنوي، ولم تقم بهذا، وقدمت تقرير نصف سنوي، إلا أن هناك تفاصيل كثيرة غائبة عنه.

 

وأوضح رئيس برلمانية" المصري الديمقراطي"، أن البرلمان خذل المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإقتصادي، منذ إعطائه الثقة لحكومة لا تمتلك رؤية واضحةللمشاكل التي تواجه المجتمع المصري، ولا تعرف سوى زيادة الضغط على المواطن من خلال قرارات خاطئة وغياب للمراقبة.  

 

 

وفي نفس السياق عبّر النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، عن عدم الرضى بأداء البرلمان طوال عام 2016، والتي انطلقت أولى جلساته بدور الانعقاد اﻷول 10 يناير الماضي، مؤكدا أن عدم الرضى يشمل الأداء التشريعي والرقابي.

 

 

وقال الحريري لـ"مصر العربية"، إنه خلال أيام يمر عام كامل على وجود المجلس الذي انتظره الكثيرين من أبناء الشعب المصري، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، مضيفا: "أنا كمواطن مصري قبل أن أكون نائبا غير راض عن الأداء بشكل كامل خاصة أنه لم يحقق أي شئ يذكر وذو تأثير قوي للشعب المصري".

 

 

وأكد أن القرارات والقوانين التي تمت الموافقة عليها لم تسع إطلاقا لخدمة المواطن المصري، وتم الاعتراض عليها كثيرًا لكن الأغلبية تنجح في التمرير، مشيرا إلى أن الأمر الآخر المتعلق بالرقابة على أداء الحكومة منعدم بشكل نهائي ولا وجود له.

 

 

وأوضح أن برنامج الحكومة من الأساس لم يكن يصلح للشعب المصري بعد ثورتين وبالرغم من ذلك تمت الموافقة عليه قائلا: "منح الثقة لحكومة شريف إسماعيل أكبر شيء سلبي للبرلمان في عام 2016".

 

 

ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن الأمر لم يقتصر على منح الثقة للحكومة فحسب، بل امتد للموازنة الخيالية التي تسير عليها مصر والتي ترتب عليها القرارات الاقتصادية من تعويم الجنيه وتحرير أسعار الوقود وخلافه من الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تسببت فيها الحكومة، في الوقت الذي لم يحرك البرلمان ساكنا في هذه الأمور إطلاقًا، قائلا: "طوال عام البرلمان الأول وقف نواب الشعب متفرجين على الحكومة التي منحوها الثقة بالرغم من قراراتها الاقتصادية التي أثرت بالسلب على المواطن المصري".

 

 

 

وأردف: "بخلاف هذه النقاط يوجد تردي لأوضاع الصحة والتعليم والتعذيب في السجون"، مشيرا إلى أن المجلس لم يحاسب أي وزير بسبب هذه الأوضاع، وطلبات الإحاطة والاستجوابات كان مصيرها الأدراج، موضحًا بأن القرارات والقوانين والاتفاقيات التي تم تمريرها لم تكن يوما لخدمة المواطن المصري الذي انتخب النواب.

 

 

وفي رده على تساؤلات حول إمكانية وجود شيء إيجابي وسط هذه السلبيات التي استعرضها في حديثه لـ"مصر العربية "، قال الحريري: "قد تكون نقاط مضيئة ولكنها صغيرة للغاية لا تتوازى مع كم السلبيات التي ارتكبت في حق المواطن المصري في عام 2016 من قبل البرلمان المنتخب"، موضحا أن قانون زيادة المعاشات 10% أمر إيجابي ولكن تم تمريره بـ"العافية"، حسب وصفه، وأيضا قانون زيادة التأمين الصحي للأطفال بفرض ضريبة على التدخين وقانون بناء الكنائس.

 

 

وعن الدور الرقابي للمجلس في عام 2016، أكد: "للآسف منعدم وغير موجود وللجميع أن يتخيل أن المجلس المنوط به رقابة الاتفاقيات الخاصة بالاقتراض ولم تعرض عليه اتفاقية صندوق النقد الدولي حتى الآن التي تم توقيعها في شهر أكتوبر وقامت مصر باستلام الأموال المقررة"، مشيرا إلى أن هذه الحالة أوقع توصيف للدور الرقابي للبرلمان على الحكومة.

مقالات متعلقة