أكثر من غيرها .. تتعرض منطقة وادي بردى شمال غرب دمشق لهجوم كاسح ومحاولات إبادة من قبل ميليشيا حزب الله اللبنانية وقوات النظام السوري منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا نهاية ديسمبر الماضي والذي تخترقه إيران والميليشيات الشيعية التي استقدمتها من دول الجوار.
وتتعرض وادي بردى لهجوم بالطيران وقصف مدفعي لا يتوقف كما تتهم المعارضة قوات النظام بقصف المنطقة ببراميل متفجرة تحوي مادة النابالم الحارقة.
الساسة السوريون أرجعوا هذه المحاولات إلى أهمية المنطقة الاستراتيجية والمتمثلة في في رغبة ميليشيا حزب الله في السيطرة عليها لتأمين دخولها وخروجها من سوريا و لذلك لقربها من الحدود اللبنانية، ولكونها مصدر المياه الأساسي للعاصمة دمشق التي يسيطر عليها النظام.
ويرمي المهاجمون للمنطقة لاستسلام المنطقة وربما تهجير أهلها على غرار حلب بعد نفاذ مخزون الغذاء والدواء بها، بجانب انقطاع الكهرباء والاتصالات في ظل البرودة القاسية.
تبدل موقف روسيااللافت أنه بعدما أقرت روسيا بوجود خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار وأعلنت عزمها مراقبة تنفيذ الهدنة إلا أن ميليشيا حزب الله رفضت دخول ضباط روس لوادي بردى "بحسب تقارير محلية" وبعد ذلك غيرت روسيا من موقفها تماما.
وأعلنت رئاسة الأركان الروسية أن عملية تحرير ريف دمشق توشك على الانتهاء في اليوم الذي شنت فيه قوات حزب الله والنظام السوري هجوما عنيفا على المنطقة وهو ما يعني أنها لا تعتبر معركة وادي بردى انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا في وقت سابق أنه "هش للغاية"
قطع إمدادات المياه
وأدى القصف المستمر للمنطقة لقطع إمدادات المياه من نبعي بردى وعين الفيجة، اللذين يخدمان نحو 70% من دمشق والمناطق المحيطة بها، وتتهم الحكومة السورية مسلحي المعارضة بتلويث المياه بالديزل، بينما أكدت الأمم المتحدة استهداف البنية التحتية لنقل المياه بشكل متعمد.
وكللت مساعي توقيع هدنة في المنطقة تقضي بالسماح بدخول مهندسين لإصلاح النبع وإعادة ضخ المياه بالفشل نتيجة لمنعهم من جانب القوات المهاجمة للمنطقة التي ترغب في حسم المعركة عسكريا بدعوى وجود عناصر لـجبهة النصرة "فتح الشام حاليا".
أهميتها الاستراتيجية
ويقول فراس الحاج الحقوقي السوري إن أهمية منطقة وادي بردى في موقعها الجغرافي الاستراتيجي فهي تقع على طريق الحدود اللبنانية فتعد موقعا عسكريا مهما لذلك تحرص ميليشيا حزب الله اللبنانية على السيطرة على هذه المنطقة لتأمين انسحابها أو دخولها لسوريا أي وقت.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن الميليشيا تريد تكرار السيناريو الذي نفذته في مدن "مضايا" و"الزبداني" القريبتين من الحدود أيضًا فتريد إكمال المخطط بالسيطرة على وادي بردى.
إدخال العدة والعتاد
وذكر الحاج أن "حزب الله" تريد ضمان إدخال وإخراج قوافلها تحت أي ظروف وأيضا نقل المعدات العسكرية.
بجانب ذلك أوضح الحقوقي السوري أن أهمية المنطقة الأخرى أنها الشريان المائي لمدينة دمشق التي يعيش بها 6 مليون نسمة وتموت عطشا لـ18 يوما بعد توقف تدفق المياه جراء القصف على المنطقة.
الحسم العسكريوعن سبب استمرار النظام وحلفائه في قصف المدينة رغم حاجتهم لإصلاح تدفق المياه، رد الحاج بأن كل ما يشغل النظام هو النصر العسكري وإن لم يبق في سوريا أي شخص.
وأشار إلى أن الميليشيات الشيعية التابعة لإيران عرقلت اتفاقا بين الروس والأهالي يقضي بإصلاح المحطات لتدفق المياه فهي تتعامل على أنها المتحكمة في سوريا ومصيرها، مشددا على أن أهالي المنطقة لم يرضوا يوما بقطع المياه عن أهالي دمشق.
مركز تزويد دمشق
بسام الملك السياسي السوري المعارض اتفق مع سلفه في أن أهمية وادي بردى الاستراتيجية تكمن في أنها مركز أساسي لتزويد دمشق بالمياه.
وأوضح في حديثه لـ"مصر العربية" أن الأهالي لم يشرعوا في قطع المياه عن دمشق إلا كوسيلة ضغط لوقف إبادة أهالي حلب فكان تحركهم إنسانيا حتى تعرضت خطوط الإمداد للأذى جراء قصف النظام والميليشيات المعاونة له.
عرضة للتهجيروكشف أن وادي بردى يقطن فيها 120 ألف شخص وهم عرضة للتهجير على يد الميليشيات الشيعية مثلما حدث في مدينة حلب.
ونفى الملك أي وجود لجبهة النصرة في المنطقة مؤكدا أنه يعلم العائلات هناك بالأسماء، وأن من يقاومون تقدم قوات النظام والإيرانيين هم أبناء المنطقة وليس الفصائل.
وتأسف المعارض السوري لما سماه "رضوخ" فلاديمير بوتين" للميليشيات الإيرانية التي تخترق اتفاق وقف إطلاق النار جهارا دون أن تحرك روسيا ساكنا، كما قبلت بدخول بعض الميليشيات الشيعية مدينة حلب بعد سقوطها رغم تعهد موسكو المسبق بألا يحدث ذلك.
ويرى بسام الملك أن انتهاك الهدنة في منطقة وادي بردى ومناطق أخرى ستفشل مفاوضات الأستانة.