قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشير المصري، إن المصالحة الفلسطينية في حاجة إلى "إرادة وطنية ونوايا حسنة لا حوارات جديدة".
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، أوضح المصري "لا يوجد أي تطور جديد في ملف المصالحة مع حركة (التحرير الوطني الفلسطيني) فتح"، داعيا "الأخوة في فتح"، إلى "تحرير إرادتهم السياسية من القبضة الأمريكية والإسرائيلية".
ومنذ منتصف يونيو 2007، يسود الانقسام السياسي والجغرافي أراضي السلطة الفلسطينية، في أعقاب سيطرة "حماس" على قطاع غزة، وسط خلافات بين "حماس" و"فتح"، أكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية.
وأضاف المصري أن المصالحة الفلسطينية هي "خيار استراتيجي لدى حماس، وقد بذلت الحركة ولا تزال كل ما في وسعها لإنهاء الانقسام".
المصري مضى قائلا: "لسنا بحاجة إلى حوارات جديدة، بقدر حاجتنا إلى إرادة وطنية ونوايا حسنة وأجندة فلسطينية تصل بنا إلى وضع الآليات الكفيلة بتطبيق اتفاقات المصالحة (التي جرى التوصل إليها سابقا) على أرض الواقع".
وعن غياب الدور المصري عن رعاية ملف المصالحة الفلسطينية، قال إن هذا "الغياب سببه الأزمة الداخلية التي تعيشها القاهرة"، مضيفا أن "حماس تلقت دعوات عربية ودولية غير رسمية بشأن التشاور حول ملف المصالحة الفلسطينية".
القيادي في "حماس" أضاف أنه "كان هناك لقاء جمع قيادات حركتي فتح وحماس في العاصمة النمساوية فيينا (لم يذكر التاريخ)، ومن المرتقب أن يكون هناك لقاء في روسيا للتشاور.. لا نريد استنساخ اتفاقات المصالحة السابقة.. اتفقنا على كافة الأمور، ويبقى فقط تحرير الإرادة السياسية لدى الأخوة في حركة فتح من القبضة الأمريكية والإسرائيلية".
وفي ختام اجتماعاتها بالعاصمة اللبنانية بيروت، أمس، أعلنت اللجنة التحضرية للمجلس الوطني الفلسطيني (بمثابة برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) أن المجتمعين اتفقوا على تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة الداخلية، ابتداء من تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضطلع بممارسة مسؤولياتها في جميع أراضي السلطة الفلسطينية".
اللجنة، التي شاركت في اجتماعاتها الفصائل الفلسطينية؛ بما فيها "حماس" و"فتح"، دعت، في بيان، الرئيس الفلسطيني، زعيم حركة "فتح"، محمود عباس، إلى "الشروع في مشاورات مع القوى السياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وطيلة السنوات الماضية، لم تُكلّل جهود إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي بالنجاح، رغم تعدد جولات المصالحة بين حركتي و"حماس" و"فتح".
** لقاء مرتقب في القاهرة
حول علاقة حركته مع مصر، المجاورة لقطاع غزة، والمرتبطة معه بمعبر رفح البري، قال القيادي في "حماس" إن "حالة الارتباك التي سادت العلاقة بينهما منذ 2013 بعد عزل الرئيس المصري، محمد مرسي، طارئة واستثنائية.. وفي هذه المرحلة، تشهد العلاقات مع القاهرة تطورا وترميما إيجابيا".
المصري كشف عن "اتصالات ولقاءات أُجريت في الآونة الأخيرة بين قادة الحركة ومسؤولين مصريين، ونرتقب لقاءات جديدة رفيعة المستوى خلال الأيام المقبلة مع مصر".
ورجح أن يترأس "إسماعيل هنية (نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس") وفد الحركة في لقاء رفيع المستوى مع قيادات مصرية أثناء عودته من قطر خلال الأيام المقبلة".
وغادر هنية غزة في 5 سبتمبر الماضي، ويقيم حاليا في العاصمة القطرية الدوحة.
وعن اللقاء المتوقع أوضح المصري أنه "سيتم خلاله مناقشة المصالح المشتركة، والعلاقات الثنائية بين مصر غزة، والدور المصري المنشود المتعلق بالقطاع، فضلا عن مناقشة دور مصر في رعاية ملفات متعددة، كملف المصالحة، والتهدئة بين فصائل المقاومة والجانب الإسرائيلي، وكذلك ملف رعاية صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، وتخفيف الحصار المفروض على القطاع" منذ عشرة أعوام.
ومنذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، صيف 2014، تعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، لكنها توقفت عن رعاية تلك الملفات بعد تعرضها لأزمات داخلية.
** اتهامات غير دقيقة
وعقب الإطاحة بمرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، عام 2013، شهدت العلاقة بين "حماس" والقاهرة توترا ملحوظا، ثم زار وفد من الحركة مصر، في مارس 2016، حيث بحث مع مسؤولين مصريين العلاقة بين الطرفين.
وعن تحسن العلاقة بين حركته ومصر حاليا، قال القيادي في "حماس" إن هذا "التحسن يعود إلى وضوح رؤية حماس عند الجانب المصري، فقد عرفت مصر أن ما كيل لحماس من اتهامات لم تكن دقيقة، وأنها لم تتدخل في الشأن الداخلي المصري، ولم يكن لها دور سياسي أو عسكري في مصر".
المصري شدد على أن "حماس كانت ولا تزال تبتغي لمصر الأمن والاستقرار، وترجمت ذلك فعلا، فقد قامت بمسؤولياتها المناطة بها من خلال حفظ الحدود المصرية - الفلسطينية، باعتبار أنها أمن قومي فلسطيني ومصري في آن واحد".
** منطقة تجارية مشتركة
لكن القيادي في "حماس" نفى صحة ما يتردد إعلاميا عن تلقي حركته موافقة مصرية بشأن إقامة منطقة تجارية مشتركة بين مصر وغزة، مضيفا أن "ملف المنطقة التجارية سيكون قيد النقاش خلال اللقاء المرتقب".
ومشددا على أهمية تلك المنطقة المأمولة، اعتبر المصري أن "وجود منطقة تجارية بين مصر وغزة هو أمر كفيل بتخفيف حدّة الحصار، الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، للعام العاشر على التوالي، وإمداد غزة بكافة مقوّمات الحياة".
المصري تابع: "ثمة مبادرات إيجابية في هذا الاتجاه، سواء كانت تحسن نسبي شهده معبر رفح، أو حركة تجارية نسبية عبره، من الممكن أن يتطور باتجاه أوسع لتطوير الحركة التجارية بين غزة ومصر".
ووفق وسائل إعلام مصرية وأخرى في غزة يوجد توجّه جديد لدى مصر، يقضي بتصدير البضائع إلى القطاع رسميا، عبر معبر رفح.
لكن السلطات المصرية والفلسطينية في غزة لم تؤكد أو تنفي الأمر.
** "لا تحالف" مع دحلان
في ملف آخر، نفى القيادي في "حماس" ما يتردد إعلاميا عن وجود تحالف بين حركته والقيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، قائلا: "أؤكد أنه ليس هناك تحالف بين حماس ودحلان، أو حتى حماس وعباس (الذي يسود العداء بينه وبين دحلان)".
المصري أردف: "حماس تتعاون مع كل الشركاء لتحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، بعيدا عن سياسة التحالفات، وبعيدا عن أن تكون طرفا في المعادلة المتناحرة في فتح، كما أننا نؤمن بضرورة وحدة الموقف الداخلي لفتح.. وحماس لا تتغذى على الخلاف الداخلي، ولا تستغله".
كما استنكر ما يتردد عن أن الحركة "تُسهّل مهام دحلان في غزة"(مسقط رأسه)، مشدداً على أن "حماس"، التي تحكم غزة (حيث يعيش قرابة مليوني نسمة)، "تسهّل الإجراءات لكل فلسطيني، سواء كان من تيار عباس أو تيار دحلان، باعتبار أنهم فلسطينيون، ويعملون في الإطار الوطني.. نحن منفتحون على كافة الأطراف".
** لقاء موسكو غير رسمي
وبشأن علاقة "حماس" مع موسكو، الداعمة للنظام السوري، بقيادة بشار الأسد، قال القيادي في الحركة إن "علاقتنا مع روسيا قائمة، ووفود حركتنا زارت روسيا مرات عدة".
موضحا موقف "حماس"، مضى قائلا: "نحن في مرحلة تحرر، وبحاجة إلى الالتقاء مع كل الأطراف لتعزيز الصمود والإسناد لقضيتنا العادلة، كما أننا معنيون بتطوير علاقاتنا مع كل المحيط العربي والإسلامي والدولي".
وعن الدعوة، التي تلقتها حركته لزيارة العاصمة الروسية موسكو، قال المصري إنها "دعوة غير رسمية، وهي متعلقة بملف المصالحة الفلسطينية".
المصري رجح أن "يدفع لقاء موسكو بعجلة المصالحة إلى الأمام"، معبرا عن آماله في "الخروج من هذا اللقاء بشيء إيجابي يصب في صالح الوحدة الوطنية".
وكانت حركتا "فتح" و"حماس" أعلنتا أنهما تلقتا دعوة في 4 يناير الجاري، من معهد أبحاث روسي، لمناقشة الملف الفلسطيني.
**علاقات قائمة مع إيران
أما عن علاقة "حماس" مع إيران، فقال القيادي في الحركة إن "علاقتنا مع إيران ليست منقطعة، ولا تزال قائمة، وإن تأثرت نسبيا.. نحن نعمل على ترميم علاقتنا مع دول العالم الإسلامي والدولي".
المصري شدد على أن "حماس لا تزال تتلقى دعما وإسنادا، سواء على مستوى الأنظمة العربية والإسلامية أو شعوبها".
وكانت "حماس" ترتبط بعلاقات قوية مع النظام الإيراني، لكن اندلاع الثورة السورية عام 2011، ورفض "حماس" تأييد نظام بشار الأسد، أدى إلى توتير العلاقات بين الحركة وطهران، التي تدعم الأسد عسكريا وسياسيا.
** تركيا في الصدارة
القيادي في "حماس" تطرق إلى العلاقات مع أنقرة، حيث أشاد بدور تركيا المؤازر للشعب الفلسطيني، ومواقفها السياسية الداعمة للقضية.
المصري تابع بقوله إن "تركيا دائما في صدارة الحدث من خلال المواقف السياسية المسئولة التي تتبناها تعزيزا لقضيتنا، أو دورها الداعم عبر مؤسساتها الإغاثية، فلها دور مشهود على البعدين السياسي والإغاثي للفلسطينيين".
** انتخابات "حماس"
على الصعيد الداخلي لـ"حماس"، رفض القيادي في الحركة الحديث عن الانتخابات الداخلية.
المصري اكتفى بالقول إن "إجراء انتخابات حماس يفتح المجال لكل أبناء الحركة وفق المعايير أن يدخلوا في المعادلة الانتخابية، لا (فيتو) على أحد وفق محددات الانتخابات".
فيما شدد على تمسك خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، بموقفه القاضي بعدم الترشح لرئاسة الحركة، خلال دورة الانتخابات المقبلة.
وكان مشعل أعلن، في 24 سبتمبر الماضي، أنه لن يترشح لانتخابات رئاسة المكتب السياسي للحركة المقررة في أبريل المقبل.