فتحت الهجمات التي نفذها فرع تنظيم "الدولة اﻹسلامية" المسلح، المعروف إعلاميا بـ "داعش"، خلال اليومين الماضيين، في مدينة العريش، باب الحديث حول وجود حاضنة للتنظيم سواء في سيناء أو خارجها، مع الوضع في الاعتبار حوادث عنف وتفجيرات في القاهرة، كان آخرها تفجير الكنيسة البطرسية، الشهر الماضي.
مضى ما يزيد عن عامين على إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس، مبايعة تنظيم "داعش"، وسط توسع في عمليات استهداف قوات الجيش والشرطة المكلفة بمواجهة الإرهاب بسيناء.
واتفق خبراء ومتخصصون، على وجود خلل في المواجهة اﻷمنية للإرهاب وسط قصور في جمع المعلومات، وعدم الاعتماد على استراتيجية موسعة تعتمد على عدة محاور، على أن يكون الحل اﻷمني جزء وليس كل منظومة المواجهة.
واعتبروا أن الاعتماد على الحل اﻷمني فقط والتوسع إلى تعديل أو حتى سن تشريعات جديدة لن يقدم جديدا على مستوى مواجهة اﻹرهاب، مع غياب المواجهة الفكرية الدينية لأفكار التطرف والتشدد.
ونفذ التنظيم هجومين يوم اﻷحد الماضي، على حاجزين أمنيين للشرطة المصرية بمدينة العريش، قبل أن ينفذ مساء أمس هجوما على قول أمني في المدينة ذاتها، التي كانت تعتبر "المدينة المحصنة".
حاضنة بسيناء
أحمد بان، الباحث في الحركات اﻹسلامية، قال إن الهجمات اﻷخيرة في العريش، تثبت وجود حاضنة للتنظيم المسلح، خاصة مع مشاركة عناصر مصرية من سيناء فيها.
وأضاف بان لـ "مصر العربية"، أن العمليات اﻷخيرة تقلل من مسألة السيطرة على اﻷوضاع في سيناء، خاصة وأن الهجمات جاءت متلاحقة.
وتابع أن العمليات في العاصمة المصرية، ليس معناه وجود حاضنة خارج سيناء، ولكنه مؤشر على استمرار قدرة التنظيم على استقطاب وتجنيد عناصر جديدة.
وحول رفض اﻹفراج عن الشباب من السجون باعتبارهم تحولوا فكريا وباتوا أميل لاستخدام العنف، أوضح أن هذا الطرح خطأ، وعلى العكس لا بد من اﻹفراج عنهم، وإعادة النظر في التوسع بدائرة الاشتباه، مستطردا: "الضغط والقمع يولدان العنف وليس العكس".
وأكد الباحث في الحركات اﻹسلامية، على أن المواجهات اﻷمنية وحدها لن تكفي لمواجهة اﻹرهاب، ولكن هناك ضرورة لتنويع سبل المواجهة وعلى رأسها الفكرية.
تجنيد الشباب
من جانبه، قال الخبير اﻷمني، محمود قطري، إن الاستراتيجية الخاطئة في مواجهة اﻹرهاب، يعزز وجود حاضنة ليست شعبية لتنظيم "داعش"، وإنما هناك شباب تحت وطأة القمع يسهل عليه الانضمام للتنظيم اﻹرهابي.
وأضاف قطري لـ "مصر العربية"، أنه بالتأكيد يوجد خلايا نائمة للتنظيم في مصر، ولكنها لا تعمل، محذرا من خطورة توافد المسلحين إلى مصر عبر بوابة ليبيا، بعد خسائر التنظيم في العراق وسوريا.
وتابع أن اﻷجهزة اﻷمنية تتعامل بروتين شديد، مع تكرار نفس اﻷخطاء السابقة، كما أن هناك أزمة لدى أجهزة جمع المعلومات حول العناصر اﻹرهابية.
ولفت إلى وجود انتهاكات وغلظة في التعامل اﻷمني مع أهالي سيناء في سياق العمليات لمواجهة اﻹرهاب، وهو ما خلف نوعا من الكراهية للسلطات بل وتجاه الدولة أيضا.
رؤية خاطئة
وطالب الخبير الأمني، توسيع استراتيجية مواجهة اﻹرهاب لتشمل الجانب الفكري أيضا فضلا عن التعمير والتنمية في سيناء، ﻷنها تحد من التطرف والعنف بشكل كبير، كما أنها تشكل حاجزا أمام أي غزو على مصر.
وقال إنه لا بد من تطوير منظومة اﻷمن لتتناسب مع الخطر الحالي، حيث الدفع باتجاه تشكيل منظومة وقائية لمواجهة اﻹرهاب، والاعتماد على أهالي سيناء لمعرفة العناصر الخطرة، بعد تدريب بعضهم للتعاون مع الأجهزة اﻷمنية.
وأكد على أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، وهو أمر غائب عن الدولة تماما في مكافحة اﻹرهاب، ولا يوجد اهتمام بهذا الملف إلا على استحياء شديد.