قبيل أيام من حفل تنصيب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية، تقف واشنطن حائرة بين سيناريوهات معقدة وباهتة، قد تكون مقصودة، وربما تعكس حالة الانقسام داخل الحزب الجمهوري، بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ففي الوقت الذي يجهد فيه الكونغرس الأميركي في واشنطن، بمئات جلسات الاستماع الأسبوعية، لنحو 1100 منصب وزاري وإداري ليمنح موافقته على تعيين الإدارة الأميركية الجديدة، يعصف التناقض في التصريحات تحت قبته في واشنطن، مع التصريحات القادمة من برج ترامب في نيويورك ، بحسب "سكاي نيوز عربية"..
اتهامات التجسس والقرصنة
حتى اللحظة يراوغ دونالد ترامب بأن روسيا اخترقت على الأرجح البريد الإلكتروني للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، ورسائل إلكترونية لشخصيات ديمقراطية بارزة أثناء حملات الانتخابات الرئاسية عام 2016، وأدت إلى قلب الرأي العام، وساعدته في تحقيق نصر مذهل أمام السياسية المخضرمة هيلاري كلينتون، وهي نتيجة تؤكدها أجهزة المخابرات الأميركية.
ترامب يرفض ما توصلت إليه وكالات المخابرات، لا سيما ضلوع الرئيس فلاديمير بوتن شخصيا بها، بل ويرد على تلك التصريحات بصوت مرتفع، ويغرد مغازلا بوتن.
في المقابل، عبر ريكس تيلرسون، المرشح لمنصب وزير الخارجية، عن آراء مناقضة لوجهات نظر ترامب، بشأن ضلوع روسيا في عمليات التسلل الإلكتروني وحرب المعلومات، والتحديات الأخرى التي أوردها انتهاك معاهدات وأنشطة مزعزعة للاستقرار في الخارج، ملمحا إلى رسائل مقلقة من موسكو بخصوص استخدام الأسلحة النووية.
بين روسيا وبوتن
فيما يضع جيمس ماتيس، مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع، روسيا على رأس قائمة التهديدات لمصالح الولايات المتحدة، وأبلغ الكونغرس أن أميركا يجب أن تكون مستعدة للتصدي لموسكو عندما يكون ذلك ضروريا. كما اتهم الرئيس الروسي بمحاولة تقويض حلف شمال الأطلسي، مؤكدا علمه بنوايا بوتن لتفكيك الناتو.
وخلافا لترامب الذي شكك فيما يبدو في الحلف أثناء حملته الانتخابية، بدا ماتيس مؤيدا له بقوة، ووصفه بأنه أساسي للمنظومة الدفاعية الأميركية.
ماتيس فرق أمام مجلس الشيوخ بين روسيا وبوتن، ومواجهته الساعية إلى تقويض حلف شمال الأطلسي. لكن الجنرال ماتيس أوصل رسالة حازمة من أجل طمأنة البرلمانيين الجمهوريين القلقين من احتمال تساهل ترامب حيال بوتن، ومؤيدا لرغبة ترامب في إعادة الحوار مع روسيا.
وانضم مايك بومبيو، مرشح ترامب لرئاسة وكالة المخابرات المركزية "سي.آي.إيه"، بلائحة تحديات المرحلة المقبلة، ووضع روسيا على رأس هذه القائمة، في انحراف واضح عن هدف ترامب المعلن للسعي إلى علاقات أوثق مع روسيا. بومبيو اتهم موسكو مباشرة بغزو واحتلال أوكرانيا، وتهدد أوروبا، ووقال إنها لا تفعل شيئا "تقريبا" لتدمير داعش.
الاتفاق النووي مع إيران
ترامب يرى في إيران دولة معادية، ونواياها تتجه نحو الشر، دون النظر إلى التحالف بين طهران وموسكو، أما الرئيس المرشح لـ"سي.آي.إيه" بومبيو فقد تعهد بالتخلي عن المعارضة التي أبداها كعضو بالكونغرس للاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى.
لكنه اقترب من ترامب بوصف إيران بالدولة التي "تغذي التوترات" مع الدول الحليفة للولايات المتحدة، ووضعها ضمن التحديات التي تواجه الولايات المتحدة.
أما ماتيس، فقد كال الانتقادات الشديدة لإيران، محذرا من أن نفوذ طهران "الخبيث" في المنطقة يتنامى. وكتب إلى لجنة الاستماع في الكونغرس: "إيران هي أكبر قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وسياساتها تتعارض مع مصالحنا."
ماتيس لم يكرر تهديدات ترامب في حملته الانتخابية بتمزيق الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، مكتفيا بوصف الاتفاق بغير المثالي، لكن "عندما تعطي أميركا كلمة، فإن علينا أن نفي بها".
تحديات المؤسسة الأمنية
إذا ما أكد مجلس الشيوخ تعيين بومبيو في المنصب، سيكون عليه أن يقوم بدور إصلاح العلاقات بين ترامب ومسؤولي المخابرات، بعد مواجهة صعبة بينهما.
وتكهن ترامب بأن وكالات المخابرات، ربما سربت لوسائل الإعلام تفاصيل بشأن مؤتمر سري معه، شمل مزاعم غير مدعومة بالأدلة بشأن علاقاته بروسيا، وتدخلها في انتخابات عام 2016.
كما يريد أن يلعب الكونغرس دورا أكبر في الإشراف على أنشطة وكالات المخابرات.
المواجهة مع الصين
يرسم ريكس تيلرسون، المرشح لمنصب وزير الخارجية، مسارا قد يؤدي إلى مواجهة خطرة مع الصين، فهو يرى ضرورة منعها من الوصول إلى الجزر الصناعية، التي أقامتها في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
كما يخطط تيلرسون حاجة واشنطن إلى إعادة تأكيد التزامها حيال تايوان، التي تعتبرها الصين إقليما متطفلا.
نشاط بكين في بحر الصين الجنوبي يقلق تيلرسون، بسبب مخاوف من قدرة بكين على تحديد من له حق عبور الممر المائي، وبالتالي تشكيل تهديد للاقتصاد العالمي.
وأنحى تيلرسون باللائمة على هذا التهديد بعدم إبداء رد فعل أميركي كاف، سمح للصين بالتمادي في هذا الموضوع.