اتفق سياسيون على رفض قرار وزارة الداخلية بحظر التظاهر على مساحة 800 متر من جميع الاتجاهات المحيطة بالمؤسسات الحكومية والدبلوماسية والمرافق العامة في القاهرة، معتبرين ذلك جزءً من التضييق الذى تنتهجه الدولة ضد الحريات العامة.
وبحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ مصر العربية فإن الدولة لم تعد راغبة في وجود أي تظاهرات واستغلت طلب بعض المعارضين بتنظيم وقفة أمام مجلس الوزراء لرفض اتفاقية تيران وصنافير لقطع الطريق على أى قوى سياسية تفكر في الاحتجاج على الأوضاع القائمة.
وقال المستشار طارق نجيدة، عضو لجنة الدفاع عن الأرض المنبثقة عن حملة "مصر مش للبيع" الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، إن القرار غير دستوري، وخرج خصيصا لمنع اندلاع مظاهرات سلمية ضد قرار الحكومة بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وأضاف لـ مصر العربية، أن المحكمة الدستورية العليا، قالت في حيثيات حكمها الذى أقر عدم دستورية المادة 10 من قانون التظاهر، إنه يجب تمكين المحتجين من توصيل أصواتهم للسلطة، أو من يتم الاحتجاج عليهم.
ووصف نجيدة قرار وزارة الداخلية بأنه يطلب من المحتجين الحديث للصحراء، ويمنع قيام أى مظاهر بمحيط وسط البلد، والتى يوجد فيها مقرات الحكم.
وأضاف أن القرار الحالي هو تقليد لقانون التظاهر الذى وضعه الإخوان بمقترح من عصام العريان عضو مجلس الشعب السابق، والمحبوس حاليا، ورفضته القوى السياسية وقتها، وكان ينص على عمل حرم للمقرات الحكومية ومكتب الإرشاد للحفاظ على سلطاتهم.
وأكد نجيدة أن هذه الإجراءات تمنع التظاهر ولا تنظمه، مشيرا إلى أنه لا قيمة للاحتجاج إن لم يصل للمحتج عليه، منوها إلى أن حكم الدستورية العليا الصادر في ديسمبر الماضي لم يعترف بالاحتجاج من قبل الإدارة بأن التظاهرة ستتسبب في قطع الطريق أو تعطيل واعتبر ذلك أمر طبيعي للتظاهر.
وربط نجيدة بين توقيت القرار والدعوة لتظاهرة ضد اتفاقية تيران وصنافير قائلا :"إن الدولة تعلم أن هناك حالة احتقان وغضب بسب هذه الاتفاقية وهي ترغب في منعها، وتخشى من قيام مظاهرة يوم 16 يناير الجاري بمقر المحكمة الإدارية العليا تزامنا مع جلسة القضية".
واستدل المحامي بعدم خروج القرار خلال التسعة أشهر السابقة، خلال نظر القضية وكان الناس يذهبون لمجلس الدولة للتضامن وإعلان موقفهم من الاتفاقية وبالتالي يريدون منع أى صوت هذه المرة.
وفي السياق ذاته قال نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، إن الهدف من القرار هو التضييق على الناس، مؤكدا أن الدولة حاليا لا ترغب في خروج أي تظاهرات، ولم يعد للمطالبين بها أي مكان.
وأضاف لـ مصر العربية، أن القرار الهدف منه منع التظاهرة الحالية من الوقوف أمام مجلس الوزراء والتى دعا لها بعض الرافضين لاتفاقية تيران وصنافير، وأيضا الوقوف ضد أى دعوة مستقبلية يرى المواطنين ضرورة تنظيمها لرفض قرارات غلاء الأسعار، والتضخم، وتدنى مستوى المعيشة.
وأوضح أن أى دولة ديمقراطية تحمى حق التظاهر السلمي، والممارسات الديمقراطية، لكن القرار الأخير يدل على أن الحكومة لا ترحب بمثل هذه الممارسات، لذا فرضت قيودا جديدة، وعلى من يرغب الذهاب لحديقة الفسطاط حتى لا يسمعه أحد.
وبدوره رأى الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، أن قرار وزير الداخلية مجدى عبدالغفار، بعمل حرم للمقار الرسمية والمحاكم الهدف منه هو تفريغ حكم المحكمة الدستورية العليا من مضمونة.
وقال لـ مصر العربية، إن السلطة الحالية ترى أنها متحكمة في كل شيء حتى القانون وتفعل ما يحلو لها أو كما يقال "الدفاتر دفاترنا والقوانين قواننا" على حد وصفه.
وأوضح أن القرار يعتبر تحريم للتظاهر ومنعه، محذرا مما اسماه التعسف الشديد في ممارسة السلطة من قبل الجهات الرسمية، مشيرا إلى أن ذلك أمر غير مأمون وليس حلا فالمفترض أن تستمع الحكومة لمطالب الناس لا أن تمنعهم من التعبير عنها بشكل سلمي ينظمه القانون.
وبحسب بيان وزارة الداخلية فأنها خصَّصت مساحة 800 متر حرمًا آمنًا من جميع الاتجاهات المحيطة بالمقار الرئاسية والمجالس النيابية ومقار المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية والمنشآت الحكومية والعسكرية والأمنية والرقابية بالقاهرة.
وشملت قائمة المنشآت أيضًا مقار المحاكم والنيابات والمستشفيات والمطارات والمنشآت البترولية والمؤسسات التعليمية والمتاحف والأماكن الأثرية وغيرها من المواقع الحيوية والمرافق العامة.
ونشرت الجريدة الرسمية القرار، مشيرةً إلى أنَّه جاء بعد الإطلاع على قرارين لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، خاصين بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب أو التظاهرات السلمية.
وحسب الجريدة، فإنَّ القرار يلغي ما يخالفه، ويُعمل به في اليوم التالي لنشره.