استهل صالون "مصر العربية" الثقافي، أولى فعالياته باستضافة الدكتور والفيلسوف مراد وهبة، الذي وجه رسالة للشباب وللجميع وهي إعمال العقل من البداية للنهاية، وذلك خلال الندوة التي أدارها محمد نوار، وشارك فيها الكاتب الصحفي عادل صبري؛ رئيس تحرير موقع مصر العربية الأخباري. وقال الدكتور مراد وهبة، إن دعوته للرجوع لفكر ابن رشد الذي نشأ في القرن الـ12 من خلال إنشاء "الرشدية العربية" ما هو إلا دعوة لدفع العالم الإسلامي في اتجاة الإصلاح الديني والتنويري. وأضاف الدكتور مراد وهبة، أن تحول "الرشدية العربية" من فكرة إلى تيار هو المعنى الكامن فى تطور الحضارة الإنسانية، وهو ما سيحدث تصالح بين العالم العربي والعالم الإسلامي. وتسأل الفيلسوف مراد وهبة "لماذا همش ابن رشد في المجتمع العربي واحرقت مؤلفاته، وأجاب عن هذا التساؤل راجعًا بالزمن إلى القرن الـ12، عندما نادى ابن رشد بضرورة إعمال العقل في النص الديني واسماها "التأويل" – أي إخراج النص الديني من دلالته الحسية إلى دلالته المجازية فيما يعني (المعنى الباطن للنص الديني)، لينتهي ابن رشد إل نتيجتين الأولى: لا تكفير مع التأويل، والثانية: لا إجماع مع التأويل. وتابع: في القرن الـ13 ظهر ابن تيمية الذي قال إنه لا تأويل مع النص الديني لأنه حسي وبالتالي يمتنع تأويله وقال عنه أنه رجس من عمل الشيطان، وبالتالي ابن تيمية كفر ابن رشد. وأشار الدكتور مراد وهبة، إن فكر ابن تيمية هو مؤسس تيار الوهابية المنتشر بالمملكة السعودية، وهو ضد إعمال العقل، لافتًا أن الأخوان المسلمين بدؤوا بدعم أفكار وأراء ابن تيمية في القرن الـ 20 . ولفت أن العالم الإسلامي ما زال يعيش في القرن الـ 13 ، وليس القرن الـ21 ومن هنا جاء التخلف. وعن سبب تقدم الغرب، قال الدكتور مراد وهبة، إن جميع مؤلفات ابن رشد ترجمت في أوروبا ومن قام بترجمتها يهود ومسحيون، وبدأ الصراع حول أفكاره حتى ظهر تيار "الرشدية اللاتينية"، وتأسس في جامعة باريس بفرنسا.
وبين الدكتور مراد وهبة، أن أفكار ابن رشد كانت سببًا في الإصلاح الديني بأوربا في القرن الـ18، والإصلاح التنوري في القرن الـ19. وأما فكرة "الرشدية العربية" فأشار "وهبة" أن الفكرة أخذت سنوات كي تتبلور في ذهنه، وكانت البداية عندما عقدت الجمعية الفلسفية الإسلامية الأمريكية مؤتمرها السنوى فى عام 1977، وقدم بحث بعنوان "ابن رشد والتنوير". وأكمل: "كان تعليق رئيس المؤتمر محسن مهدى، الذى كان فى حينها أستاذاً للفلسفة الإسلامية ومديراً لمركز الشرق الأوسط بجامعة هافارد، أن هذا البحث قد كشف عن مسألة مهمة، وهى التعتيم على نشأة الرشدية اللاتينية فى أوروبا فى القرن الثالث عشر، إذ من الملاحظ أنه ليس ثمة رسالة ماجستير أو دكتوراة عن الفترة التى تم فيها انتقال ابن رشد من العالم الإسلامى إلى العالم الغربي". وتابع: "في عام 1979، ألقيت بحثاً تحت عنوان "مفارقة ابن رشد" فى المؤتمر الفلسفى الثانى الذى عقدتُه فى القاهرة تحت عنوان "الإسلام والحضارة"، وكانت المفارقة فى هذا البحث تعنى أن ابن رشد حىٌّ فى الغرب ميتٌ فى الشرق. ولفت مراد وهبة، أن هذا البحث أثار جدلاً فلسفياً دولياً حاداً انتهى إلى القول، فى أغلبه، إلى أنه ليس ثمة علاقة بين ابن رشد والتنوير، بل ليس ثمة علاقة بين ابن رشد وما حدث من تيار تنويرى فى أوروبا، واتُهِمت بأننى أفتعل هذه العلاقة "لغرض فى نفس يعقوب"، أما أنا فلم أفهم ما هو الغرض الذى يكمن فى نفس يعقوب ويكمن فى نفسى.
وأسرد مكملًا: "وفي عام 1994، عقدت الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير مؤتمرها الأول تحت عنوان "ابن رشد والتنوير" وحدثت اللحظة الكيفية عندما انضمت جامعة القاهرة ممثلة فى رئيسها الحالي المبدع الدكتور جابر نصار، في فتح باب الجامعة لدخول الفيلسوف الإسلامي العظيم ابن رشد. وفي النهاية دعى الدكتور مراد وهبة إلى تأسيس تيار يؤلف بين "الرشدية العربية" و"الرشدية اللاتينية" من أجل تأسيس رشدية إنسانية تسهم فى اجتثاث جذور الإرهاب.
شاهد الفيديو: