أسدلت اليوم الدائرة الأولى لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، الستار بحكمها التاريخى بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، وبطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها الحكومة مع السعودية، ورفضت المحكمة الطعن المقدم من الحكومة المصرية على الحكم أول درجة.
الحكم "المصيري" - بحسب مراقبين - جاء برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، رئيس دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والذي ينتمي لعائلة الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت حرب أكتوبر.
ولد الشاذلي (62 عاما) في أسرة ريفية لأب مزارع، في قرية شبراتنا التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، في 5 يناير 1955، بقيت له ثماني سنوات حتى التقاعد من منصبه القضائي.
حصل الشاذلي على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1976، والتحق بعدها بمجلس الدولة كمندوب مساعد في 14 أبريل عام 1977، ليتدرج في كافة المناصب القضائية داخل المجلس حتى ترقيته إلى درجة نائب لرئيس مجلس الدولة في 29 أغسطس عام 1998.
خلال هذه السنوات تنقل الشاذلي بين أقسام مجلس الدولة القضائية والإفتائية والتشريعية، ولكن شهرته لدى المحامين والمتقاضين بدأت مع انضمامه كعضو اليمين في دوائر الحقوق والحريات بمحكمتي القضاء الإداري والإدارية العليا، وهو ما جعله شريكًا في مئات الأحكام الهامة الصادرة عن محاكم مجلس الدولة
والشاذلي من أقدم مستشاري مجلس الدولة، ويحتل رقم 45 في ترتيب الأقدمية بين نواب رئيس المجلس -الذين يزيد عددهم على ألف نائب- إلا أنه لم يترأس أيًا من دوائر محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا قبل أول أكتوبر عام 2013، حين ترأس وقتها الدائرة الخامسة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وهي الدائرة المختصة بالفصل في الطعون على أحكام محكمة القضاء الإداري في قضايا التراخيص والرسوم والضرائب.
مصر العربية ترصد أهم المحطات القضائية، التي ارتبط بها المستشار أحمد الشاذلي، رئيس الدائرة الأولى لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وعرفت بأنها أحكام مصيرية، قالها بلغةٍ بليغة وواضحة، كان آخرها، حكمه النهائي اليوم الاثنين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"تيران وصنافير"، وقال فيه:
«مصر ليسَتْ نقطة على خريطة الكون، أو خطوطًا رسمها خطاط أو عالم جغرافيا إنما هي بلدٌ قديم، خلَقَه الله من رَحِمِ الطبيعة بين بَحْرَيْنِ عظيمَيْنِ ربط بينهما بدمِ وعَرَقِ بنيه، برباطٍ ماديٍّ ومعنوي، ويسري على أرضها من الجنوب للشمال نهرٌ خالد مسرَى الدمِ في شرايينِ الجسد.. وجيشُ مصر لم يكن أبدًا جيشَ احتلال، وما أَخْرَجَتْه مصر خارج حدودها إلا دفاعًا عن أمنها، والتاريخ يقف طويلًا حتى يتذكر دولة غير مصر تركَتْ حكمَ دولة مجاورة كانت وما زالَتْ تمثِّلُ العمقَ الاستراتيجي ويحمل مَلِكُهَا اسمَها مع مصر مكتفيةً بعلاقاتِ الودِّ والقُرْبِ وحُرْمَةِ الدم.. وقرَّ واستقرَّ في عقيدةِ المحكمةِ أن سيادة مصر على الجزيرتين مقطوعٌ بها، ودخولَ الجزيرتَيْنِ ضمنَ الأراضي المصرية من السيادةِ المُسْتَقِرَّةِ لها»
وكان للمستشار الشاذلي عدة أحكام قضائية، بارزة منها "إسقاط الجنسية عن مرسى" حيث قضى في 5 يونيو 2016 برفض إسقاط الجنسية عن الرئيس المعزول محمد مرسي.
أبطل انتخابات النادي الأهلي واتحاد الكرة في 27 ديسمبر 2015، كما ألغى انتخابات نقابة المحامين، وأرسى العديد من المبادئ القضائية الهامة مثل حصول الجنسيات وغيرها.
وفي 10 سبتمبر الماضي، قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد الشاذلي بأحقية الجمعيات الأهلية في تلقي المنح والتمويلات الخارجية، للمساهمة في قضايا التنمية.
في 6 ديسمبر 2015، قضت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، بإلزام مجلس نقابة الأطباء الأسنان، بإسقاط عضوية الدكتور حازم محمد فاروق، نقيب أطباء الأسنان، لفقدانه شرط السيرة الحميدة وحسن السمعة، استناداً لصدور حكم نهائي ضده من محكمة الجنايات، أيدته محكمة النقض بالسجن فى قضية احتجاز محامى وتعذيبه فى ميدان التحرير.
ويعتبر المستشار الشاذلى القاضي الرابع في حياة تاريخ الطعن منذ أن أقيمت الدعوى بالبطلان، فسبقه في الفصل المستشار يحيى الدكروري الذي قضي ببطلان الاتفاقية، ثم قاضي الطعن المستشار عبد الفتاح أبو الليل، ودائرته التي تم ردها من قبل الحاصلين على الحكم لأسباب تتعلق بانتداب بعض مستشاري الهيئة للعمل قبل الحكومة، ثم المستشار ماهر أبو العنين الذي قبل طلب الرد وغل يد دائرة المستشار عبد الفتاح أبو الليل عن نظرها.
لتصل القضية إلى آخر محطاتها، وهي أمام الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، وتقضى بمصرية الجزيرتين.
وتُعد دائرة فحص الطعون برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، أحد الدوائر بالمحكمة الإدارية العليا، وتختص الدائرة بنظر الطعون على الأحكام الابتدائية، ويحق لها إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا إذا رأت أن الطعن مرجح قبوله أو أن الفصل فيه سيقر مبدأ قانوني جديد، أو تقضي برفضه إذا رأت بإجماع الآراء أنه غير مقبول شكلا أو باطل، وهو أحد الأمور المطروحة بالقضية.
وإذا أصدرت المحكمة حكما بالرفض تبين بإيجاز وجهة النظر ولا يجوز الطعن عليه بأي طريق، وفي حالة إحالة الطعن للإدارية العليا، لا يترتب عليه وقف تنفيذ الحكم المقدم عليه الطعن إلا بقرار من دائرة فحص الطعون.
وخلال الفترات الماضية أصدر المستشار أحمد الشاذلي العديد من الأحكام القضائية في الدعوى لمنظورة أمامه.