مؤتمر باريس للسلام.. رسالة تحذير لترامب؟

نتنياهو وترامب

وصف بعض المراقبين مؤتمر السلام في الشرق الأوسط المنعقد أول أمس الآحد في العاصمة الفرنسية باريس٫ بالقمة «الرمزية» حول الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، بالنظر للسياق المتفجر بالمنطقة من جهة، ولتعهد الرئيس الأمريكي المنتخب مؤخرا دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. مؤتمر خاص بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، جاء بمبادرة فرنسية، ومع ذلك غاب عنه طرفا النزاع في مفارقة لافتة. وبحسب الخارجية الفرنسية، فقد شارك في المؤتمر الدولي أكثر من 75 دولة ومنظمة، بينها دول مجموعة الـ 20، وجميع بلدان الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وعدد من بلدان أمريكا اللاتينية، فضلا عن المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، ووزير الخارجية الأمريكية جون كيري. كما حضرت المؤتمر أيضا الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فدريكا موغيريني، إلى جانب نحو 40 من وزراء الخارجية وكتاب الدولة. مبادرة كان هدفها المعلن هو تأكيد إلتزام المجتمع الدولي بحل الدولتين، واستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي توقفت منذ أبريل 2014. هدف سعت المبادرة الفرنسية إلى تحقيقه عبر محاولة إعادة خلق ظروف ملائمة تشجع الطرفان على الحوار، رغم غيابهما عنه. ومنذ الإعلان عنه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته مؤتمر السلام الدولي بـ «العبثي»، رافضا المشاركة فيه. معارضة صارمة أكدت الحكومة الإسرائيلية من خلالها أن المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين هي السبيل الوحيد لوضع حد للصراع بين الجانبين. أما الفلسطينيون، ولئن لم يشاركوا بدورهم في المؤتمر، من منطلق قناعتهم بأن سنوات من المفاوضات فشلت في وضع حد لاحتلال آراضيهم، فقد دعموا -مع ذلك- المبادرة. وعقد المؤتمر في سياق اتسم بعدم اليقين، قبل بضعة أيام فقط من تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، والذي لا يخفي تحيزا في ملف الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، لصالح تل أبيب. تحيز استبطنه وعده خلال حملته الإنتخابية في نوفمبر تشرين ثان الماضي، بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها من مدينة تل أبيب، ضمن مشروع ضبابي من شأنه عرقلة جهود السلام المبذولة بهذا الصدد. مقترح تعتبره فلسطين خطا أحمرا، «ليس فقط لأنه يجرد الولايات المتحدة الأمريكية من أي شرعية للعب دور في حل الصراع، وانما لأنه يقضي على حل الدولتين»، وفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي هدد بالتراجع في ما يتعلق بالإعتراف بإسرائيل. وبالنسبة لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرلوت، فإن عملية نقل السفارة «سيكون لها عواقب وخيمة». ولفت آيرلوت في خطابه الإفتتاحي لمؤتمر السلام، إلى أن الفاعلين الدوليين على وعي بخطورة الوضع. من جانبه، أشار الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خلال كلمته بالمؤتمر، إلى أن المبادرة تشكل «قبل كل شيء تحذيرا لأن حل الدولتين (…) يبدو مهددا». المؤتمر أكد، في بيانه الختامي على أن إنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يتحقق إلا بحل دولتين، داعيا إلى نبذ العنف ورفض الاستيطان والعودة إلى طاولة المفاوضات. تأكيد الإلتزام بحل الدولتين عكس نتائج وصفها مراقبون بـ «الهزيلة» بالنسبة لمؤتمر حمله متابعوه آمالا عريضة بنتائج متنوعة. ومع أن البيان الختامي تجنب أي انتقاد صريح لخطط الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلا أن إصراره على حل الدولتين يمرر رسائل واضحة للإدارة الأمريكية الجديدة، تستبطن تحذيرات من مغبة القيام بخطوة ستكلف الولايات المتحدة دورها في الوساطة بين طرفي النزاع الفلسطيني الأسرائيلي. وعقب فوز ترامب، عولت إسرائيل الكثير على تصريحاته المؤيدة لها خلال حملته الانتخابية، وطالبته مرارًا بتنفيذ وعوده بنقل سفارة بلاده. وتُعَدُّ القدس في صلب النزاع بين فلسطين وإسرائيل حيث يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولتهم المنشودة. وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أبريل 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن المعتقلين القدامى في سجونها، والالتزام بحل الدولتين على أساس حدود 1967.

مقالات متعلقة