أصدرت جيه إل إل، شركة الاستثمارات والاستشارات العقارية الرائدة في العالم، تقريرها الذي جاء بعنوان "نظرة عامة على سوق العقارات في القاهرة لعام 2016" والذي يحلل العوامل المؤثرة على قطاعات المساحات الإدارية والوحدات السكنية ومراكز التسوق والفنادق.
ويناقش هذا التقرير قرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه المصري والتأثيرات المحتملة لذلك القرار على سوق العقارات في مصر. ووفقاً لما ذكره التقرير، فقد أبدى الجنيه المصري علامات تقلب متزايدة عقب تخفيض قيمته وخسر 52% من قيمته في ديسمبر 2016. ولقد أدى التعويم والانخفاض السريع في قيمة الجنيه إلى حالة عدم اليقين في السوق، مما ساهم في التأخير بالنسبة لقرارات المستثمرين والمقيمين وذلك حتى استقرار قيمة العملة.
وفي هذا الصدد صرح أيمن سامي، رئيس مكتب جيه إل إل في مصر، قائلاً: "أدى الانخفاض في قيمة العملة إلى ارتفاع تكاليف مواد ا البناء، مما يؤثر سلباً على التدفقات النقدية لدى المطورين. ولذلك فمن المتوقع أن ينتقل هذا التأثير إلى مشتري الوحدات السكنية وذلك من خلال ارتفاع أسعار الوحدات ارتفاعاً بالغاً. وفي محاولة للتغلب على هذا التأثير، رأينا أن بعض المطورين يقدمون شروط دفع أكثر مرونة، في حين أن آخرين يبحثون عن تصاميم بديلة فعالة للوحدات".
وشهد سوق المساحات الإدارية تحديات كبيرة خلال العام، حيث إن معظم العقود كانت مقومة في السابق بالدولار الأمريكي. ومع تعويم الجنيه، ارتفعت جميع الإيجارات إلى الضعف تقريباً من حيث الجنيه.
وأضاف سامي قائلاً: "وإلى جانب هذه الزيادة في أسعار إيجار المساحات الإدارية، تواجه الشركات الآن بطبيعة الحال ارتفاعاً في أسعار المواد الخام ونتيجة لذلك تواجه ضغطاً لزيادة أجور موظفيها. ومن أجل التخفيف من أثر ارتفاع التكاليف على المستأجرين، رأينا أن الملاك يوافقون على وضع سقف لسعر الصرف أقل من السعر الفعلي في السوق".
وطبقاً للتقرير، شهد عام 2016 تضاعف أسعار الإيجار في عقود مراكز التسوق، والتي كانت مقومة أيضاً بالدولار الأمريكي. ونظراً لهذا الارتفاع في معدلات التضخم، يواجه مستأجرو منافذ التجزئة قيوداً في الاستيراد وارتفاعاً في أسعار السلع المستوردة مما ترتب عليه انخفاض الطلب من جانب المستهلكين. وبدأ بعض مطوري المراكز التجارية في وضع حد أعلى لسعر الصرف من أجل تخفيف الضغوط التي يواجها مستأجرو منافذ التجزئة فيما قام مطورون آخرون بتغيير عملة عروض الأسعار إلى الجنيه المصري.
ومن المتوقع أن يستفيد قطاع الفنادق والسياحة من خطوة تعويم العملة. فمن المتوقع أن يشهد الطلب في هذا القطاع ارتفاعاً، فمن منظور السائحين الأجانب باتت تكلفة زيارة مصر الآن أقل بنسبة 52% عن التكلفة في السابق. كما بدأ أصحاب الفنادق في تجديد فنادقهم القائمة بدلاً من الاستثمار في بناء فنادق جديدة.
يذكر أن المساحات الإدارية شهدت في الربع الرابع اكتمال "مجمع مجرة" للأعمال في السادس من أكتوبر والذي أضاف 17 ألف متر مربع إلى المعروض من المساحات الإدارية في القاهرة.
وعقب تعويم العملة وارتفاع الإيجارات بالجنيه المصري، ألغت شركات صغيرة نسبياً خطط انتقالها إلى مساحات إدارية من الفئة (أ) وستكون مضطرة لإيجاد مساحات أقل جودة في مناطق أقل تميزاً. وظلت معدلات الوحدات الشاغرة مستقرة تقريباً طوال العام، مما يشير إلى محدودية النشاط في قطاع المساحات الإدارية عبر السوق. ولا تزال القاهرة الجديدة الوجهة الأكثر طلباً لشاغلي الوحدات الإدارية فيما كان النشاط في السادس من أكتوبر (وبخاصة في القرية الذكية) محدوداً للغاية خلال الربع الماضي. وتبلغ حالياً معدلات الوحدات الشاغرة في السلة التي ترصدها جيه إل إل 27% ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة مع دخول معروض جديد إلى السوق وبقاء الطلب عند مستوياته الحالية.
وحافظت إيجارات المساحات الإدارية على استقرارها على مدار الربع الأخير من العام الماضي حيث لا يزال السوق في طور التكيف مع الأوضاع التجارية الجارية. وبدورها ظلت إيجارات المساحات الإدارية مستقرة مقارنة بالعام السابق، باستثناء منطقة القاهرة الجديدة (القطاع 1) التي سجلت تراجعاً بواقع 7% مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. ومن المتوقع أن يشهد عام 2017 تراجعاً في إيجارات المساحات الإدارية. أما على المدى المتوسط، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب في هذا القطاع نتيجة لتحسن المناخ الاقتصادي مما سيؤدي إلى ظروف عمل أكثر إيجابية.
بالنسبة الى الوحدات السكنية شهد عام 2016 اكتمال العديد من المشروعات الجديدة في كل من السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة. ففي السادس من أكتوبر، تم تسليم عدد كبير من الشقق في "أشجار سيتي" و"بالم باركز" و"أكتوبر بارك". وفي القاهرة الجديدة، تم تسليم عدد كبير من الوحدات في مدينتي "الرحاب" و"مدينتي" المملوكتين لمجموعة طلعت مصطفى ومشروع "ميفيدا" المملوك لشركة إعمار ومشروع "إيست تاون" المملوك لشركة سوديك.
ونتيجة لتعويم العملة سجل متوسط أسعار بيع الشقق والفلل، عند تقويمها بالدولار الأمريكي، تراجعاً ملحوظاً خلال الربع الرابع في كل من القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر. غير أننا عندما ننظر للأسعار بالجنيه المصري، نجد أن متوسط أسعار الوحدات ارتفع بنسبة 30% مقارنة بالعام السابق ولكن هذه الزيادة لم تكن كافية لمعادلة الانخفاض البالغ نسبته 61% في قيمة الجنيه نفسه خلال الفترة من الربع الرابع لعام 2015 إلى الربع الرابع لعام 2016.
وكانت أسعار الإيجار أكثر مرونة في مواجهة تعويم العملة من أسعار البيع إذ إن وحدات الإيجار تستهدف جزئياً الأجانب وفي بعض الحالات تكون الأسعار مقومة بعملة أجنبية. وعلى الرغم من ذلك، عادةً ما يكون سعر الصرف المستخدم مقيداً بحد أعلى أقل من سعر السوق، وقد سمح هذا للملاك بكبح جماح التأثير الكامل الناتج عن تعويم العملة.
وبالنسبة لمراكز التسوق لم يشهد العام اكتمال أية مساحات إضافية من مراكز التسوق، ليظل المخزون الحالي مستقراً عند 1.3 مليون متر مربع. وقد كان من المتوقع اكتمال "كابيتال مول" (45 ألف متر مربع)، الواقع في مصر الجديدة خلال ربع العام الحالي لكن تم تأجيل افتتاحه إلى عام 2017، مما أدى إلى عدم إنجاز أي من مشاريع منافذ التجزئة في عام 2016.
أما بالنسبة إلى الافتتاح الذي طال انتظاره "لمول مصر" (الذي سيضم "سكاي إيجيبت") فقد حُدد افتتاحه رسمياً في الربع الأول لعام 2017. وفي إجراء مماثل، تأجل أيضاً افتتاح "ميجا مول- مدينتي" من الربع الأول لعام 2017 إلى عام 2018.
وقد ارتفعت معدلات الوحدات الشاغرة بشكل طفيف مقارنة بالعام السابق (من 15% في الربع الرابع لعام 2015 إلى 17% في الربع الرابع لعام 2016)، على خلفية المشاريع الجديدة المحدودة التي تم إنجازها. وبالمقارنة بالربع السابق. نجد أن معدلات الوحدات الشاغرة ظلت دون تغيير يذكر.
وفيما حافظت إيجارات الوحدات المميزة على استقرارها عند 1600 دولار للمتر المربع سنوياً، تراجع عدد الوحدات التي تستطيع تحقيق هذه المستويات. ومن المتوقع أن يظل متوسط الإيجارات واقعاً تحت ضغوط هبوطية بسبب استمرار تراجع إنفاق المستهلكين وانخفاض مبيعات منافذ التجزئة. ومن المتوقع أن ينخفض متوسط الإيجارات على مدار الشهور الستة القادمة قبل أن يشهد تعافياً محتملاً خلال النصف الثاني من عام 2017 شريطة توفر قدر كاف من النقد الأجنبي وأن تخلق الإصلاحات الاقتصادية الجارية شعوراً أكثر إيجابية قبل ذلك الوقت.
وبالنسبة الفنادق تم تسليم 500 غرفة فندقية فقط في القاهرة خلال العام. أما بالنسبة إلى الربع الرابع بالتحديد، فلم يشهد أية افتتاحات وذلك بسبب تأخير فندق "شتيجنبرجر" ميدان التحرير بعد تجديده، والذي تم تأجيله إلى 2017. كما تأجل مرة أخرى افتتاح فندق "سانت ريجيس"القاهرة و"راديسون بلو" مدينة نصر إلى الربع الأول لعام 2017. ومن المتوقع أن يقوم ملاك الفنادق على المدى القصير بتجديد مباني الفنادق القديمة وتحقيق القيمة من زيادة كفاءة عمليات التشغيل بدلاً من الاستثمار في بناء مبان جديدة خلال الظروف التجارية المتقلبة التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي.
وقد ارتفعت معدلات الإشغال بواقع 5 نقاط مئوية لتسجل 59% من بداية العام حتى شهر أكتوبر 2016 مقارنة بنفس الفترة في عام 2015 نظراً لاستمرار تعافي السوق بعد سنوات عديدة من عدم الاستقرار. ويُعد تعزيز أمن المطارات وتطوير السياحة الوافدة من الدول العربية بعض أسباب هذه الزيادة في معدلات الإشغال.
انخفض متوسط الأسعار اليومية بشكل طفيف (-3%) خلال العام ومقارنة ببيانات عام 2015 ليصل إلى 102 دولار من بداية العام حتى شهر نوفمبر.
وبالرغم من ارتفاع معدلات الإشغال، فإن متوسط الأسعار اليومية لم يرتفع بنفس المعدلات نظراً لاعتماد الفنادق في الوقت الحالي على السوق المحلي مما أوجب عليها وضع سقف لزيادات الأسعار من أجل جذب النزلاء. وفور رفع أوامر حظر السفر وبدء تدفق السياح الأجانب والعملات الأجنبية يُتوقع أن يرتفع متوسط الأسعار اليومية.
وبالنسبة لتكاليف البناء في ميزة جديدة إلى التقرير السنوي، فقد أصدرت جيه إل إل بيانات عن تكاليف البناء لمختلف فئات الأصول في القاهرة، ولقد تم جمع هذه البيانات من قسم خدمات المشاريع والتطوير داخل الشركة. وقد أدى انخفاض قيمة الجنيه على ارتفاع كبير في تكاليف البناء في عام 2016، ومن المتوقع أن يؤدي إلى زيادة مضاعفة في تضخم أسعار العطاء على مدى السنوات القادمة.