الحكم القضائي الذي يؤكد على مصرية تيران وصنافير سيزيد على الأرجح التوتر في العلاقات المصرية السعودية، لكنه لن يكسرها.
فالحكومة السعودية لن تكون سعيدة بالطبع من رفض محكمة مصرية طعن الحكومة على حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود، وتأكيدها على مصرية جزيرتي تيران وصنافير، لكن في النهاية، ستدرك المملكة حقيقة مفادها أن كسب القاهرة في صفها أهم بكثير من جزيرتين.
كان هذا رأي مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أثناء حديثه مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير سلطت فيه الأخيرة الضوء على الحكم القضائي التاريخي الذي أصدرته أمس الاثنين محكمة القضاء الإداري برفض الطعن الذي قدمته هيئة قضايا الدولة الممثلة لحكومة السيسي على قرار محكمة أقل درجة بإلغاء اتفاقية تسليم الجزيرتين الواقعتين في البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة، وهو الحكم الذي قالت الصحيفة إنّه سيعمق الخلافات بين البلدين العربيين.
اتفاقية ترسيم الحدود تم التوقيع عليها إبان زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة في أبريل الماضي. وتعهد سلمان، خلال الزيارة بتقديم مساعدات بمليارات الدولارات لمصر في صورة قروض ومشروعات استثمارية.
وأشارت الصحيفة إلى الهزة التي تعرض لها التحالف بين مصر والسعودية، أكبر قوتين سنيتين في العالم، في الشهور الأخيرة بعد رفض القاهرة دعم الحرب السعودية في اليمن أو حتى الوقوف إلى معسكرها في سوريا، برغم حصول مصر من البلد النفطي على أكثر من 25 مليار دولار في صورة مساعدات منذ عام 2013.
الأموال الطائلة التي أغدقت بها السعودية على القاهرة تجيء في إطار مساعي الأولى لإنقاذ الاقتصاد المصري المأزوم منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ويتفق الكثير من المحللين، وفقًا للصحيفة، على أنّ الرياض حريصة كل الحرص على ضمان الاستقرار في مصر وعدم انزلاقها لبئر الفوضى، ومن ثم المحافظة على تحالفها معها، بوصفها أكبر قوة عسكرية في العالم العربي.
الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري نهائي ولا يجوز الطعن عليه أمام أي محكمة أخرى. لكن الحكومة المصرية ألمحت إلى إمكانية تحدي ذلك بنقل القضية إلى المحكمة الدستورية العليا.
وعقب النطق بالحكم هلل المحامون والحاضرون في الجلسة بهتافات، من بينها "الله أكبر" و"مصرية مصرية"، في إشارة إلى الجزيرتين الواقعتين بمدخل خليج العقبة في البحر الأحمر.
ولطالما أكد السيسي أن الجزيرتين مملوكتان للمملكة العربية السعودية وأن الأخيرة طالبت مصر بوضع قواتها هناك في العام 1950 بهدف حمايتها.
وأصبحت تيران وصنافير مصدرا للتوتر مع المملكة العربية السعودية التي قدمت للقاهرة مساعدات بمليارات الدولارات منذ عزل المؤسسة العسكرية الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ 3 من يوليو 2013، لكن أوقفت الرياض مؤخرًا شحنات الوقود للبلد العربي الواقع شمالي إفريقيا وسط تدهور العلاقات بين البلدين.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري في يونيو الماضي حكمًا غير نهائي ببطلان الاتفاقية، ولكن هيئة قضايا الدولة - الجهة الممثلة للحكومة- طعنت على الحكم أمام المحكمتين الدستورية والإدارية العليا، وقدمت هيئة قضايا الدولة استشكالين لوقف حكم البطلان أيضا.
ووقعت مصر والسعودية في أبريل الماضي اتفاقية يتم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية.
وأثار توقيع الاتفاقية ردود فعل معارضة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظم عدد من النشطاء والقوى السياسية تظاهرات رافضة لها، وحكم بالسجن على بعض المشاركين في تلك التظاهرات. وأقام عدد من المحامين دعاوى قضائية تطالب ببطلان الاتفاقية.
ووافق مجلس الوزراء، نهاية ديسمبر الماضي، على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وأحالها لمجلس النواب لمناقشتها.
لمطالعة النص الأصلي