لليوم الـ26 على التوالي يواصل رأس النظام السوري وحلفائه الإيرانيين المدعومة بمليشيا حزب الله حملتهما العسكرية على منطقة وادي بردى بريف دمشق، في ظلّ أوضاع إنسانية صعبة يعانيها حوالي 100 ألف مدني في المنطقة.
الأسد طيلة الأيام الأخيرة لم يتوقف عن قصف تلك المنطقة، هجوم يومي يتزامن معه إصرار لقصف وتدمير نبع الفيجة المصر الرئيسي للمياه في دمشق، وحصار للقرى وتجويعها.
وقالت "الهيئة الإعلامية في وادي بردى" إن النظام بدأ اليوم، بقصف مكثف بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات وصواريخ ( فيل ) بالإضافة إلى قذائف الهاون وعربات الشيلكا قرى عين الفيجة ودير مقرن وكفير الزيت بوادي بردى".
كما شنت طائرات النظام المروحية غارات بالبراميل المتفجرة على قرى الوادي ما خلف أضراراً واسعة بالممتلكات.
وتعاني منطقة وادي بردى التي يقطنها حوالي 100 ألف مدني، وضعاً إنسانياً صعباً، في ظل حصار النظام وحملته العسكرية المستمرة لليوم الـ26 على التوالي، ما تسبب بانقطاع المياه والكهرباء عن المنطقة، إضافة إلى انعدام شبكات الاتصال والإنترنت.
ويزداد يومًا بعد يوم تفشي الأمراض وخاصة عند كبار السن والأطفال، لعدم صلاحية مياه الشرب حسبما أفادت الهيئة الطبية في وادي بردى، بالإضافة إلى فقدان غالبية الأدوية في الصيدليات.
وتفتقد منطقة وادي بردى لمعظم الأدوية وعلى رأسها المخصصة لمرضى القلب والسكري والضغط والشرايين بحسب شهود عيان، كذلك افتقار كبير لحليب الأطفال، جراء منع دخولها من قبل حواجز النظام وميليشيا "حزب الله" المحيطة بالمنطقة.
المقاتل العسكري السوري المقدم إبراهيم الطقش قال إن، الأسد ومليشياته يستميتون لليوم 26 بقصف وادي بردى رغم ما يسمونه الهدنة، وسبب هذا القصف المستميت من ميليشيا حزب الله لتهجير أهلها وإسكان شيعة عوضا عن أهلها الأصليين ضمن مخطط التغيير الديموغرافي التي تنتهجه إيران في سوريا.
وعن موقف الروس من القصف أوضح العسكري السوري لـ"مصر العربية" أن هناك احتمالين: إما أن روسيا غير صادقة في الهدنة، وهناك شيء مبيت للشعب والمعارضة، وإما أن تكون غير قادرة على لجم المليشيات الإيرانية رغم أنها الطرف الضامن لهم.
السياسي السوري أحمد المسالمة قال إن الإبادة مستمرة على الوادي من ميليشيا الأسد وإيران، مضيفا أن هذا الوادي تخرج منه أعذب مياه الشرب على الأرض.
وأوضح السياسي السوري لـ"مصر العربية" أن الأسد وإيران لا رادع لهم رغم الهدنة ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، فهم لم يستجيبوا ولم يتوقفوا، يريدون السيطرة على الوادي لتأمين طريق دمشق لبنان وإفراغ المسلمين السنة عن جنبات الطريق ليبقوا في أمان بتنقلاتهم من دمشق إلى لبنان وكذلك فرض سيطرتهم على محيط دمشق بدائرة من المليشيات التي تحمي الأسد بدمشق وتبقيه أكبر فترة بحكم الدم والنار على السوريين.
وتابع: الأسد يعرف أن سقوطه بدمشق وإيران يعني نهاية نفوذ إيران في المنطقة، لذلك يتحتم على طهران وحزب الله تأمين طريق يكون متنفس لهم للخارج بعد انقطاع كفة طرقهم البرية إلى الخارج وبقي طريق لبنان الذي يعد شريان حياة الأسد وإيران الباقي بمحيط دمشق.
وأكمل، "هذه الهجمات العنيفة والوابل الكثيف جدا من القصف وقطعهم الماء عن دمشق بقصفهم لمصادر المياه والينابيع بالوادي والغطرسة الجبروتية على الوادي لحماية طريقهم وبقائه بأمان وتغير التركيبة السكانية بالمنطقة وضمان أكبر لبقاء الأسد.
ويضيف: "من ناحية أخرى فإن تفرد روسيا بحلب، وتهميشها لإيران، بدأت الأخيرة "طهران" العمل على فرض نفسها بأنها قوية وصاحبة قرار وسلطة بسوريا لذلك تستمر في إبادة وادي بردى".
من جهته، أدان الائتلاف الوطني السوري المجازر التي يرتكبها النظام والميليشيا الداعمة له بمنطقة وادي بردى بريف دمشق الغربي.
وطالب الائتلاف في بيان له، الجهات الضامنة للهدنة في سوريا، بتحمل مسؤولياتها نحو كل خرق لها، بما في ذلك قيام ميليشيا حزب الله اللبناني باغتيال رئيس الوفد المفاوض عن منطقة وادي بردى، أحمد الغضبان، وفق البيان. قبل يوم.
ودعا الائتلاف المجتمع الدولي للعمل على وقف هجمات القوات الحكومية والميليشيا الإيرانية، وخروقاتها للهدنة والقرارات الدولية، كذلك حثه على التحرك لتثبيت الهدنة من خلال الضغط للوصول إلى حل سياسي وفق بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن.
ويعد وادي بردى منطقة سورية تكتسب أهمية خاصة، خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ العام الثاني للثورة السورية، وتعرضت قراها لانتقام وحشي من قبل قوات النظام والمليشيات التابعة له لمرات عديدة.
ويتبع وادي بردى قطاع القلمون في الشمال الغربي للعاصمة السورية دمشق، وهي ذات طبيعة جبلية قاسية وعلى اتصال مباشر مع السلسلة الغربية لجبال لبنان، وتشكل أهم منطقة مصايف وسياحة في ريف دمشق.
ويقع نهر بردى بريف دمشق الغربي، وينبع من الزبداني، ويصب في بحيرة العتيبة قاطعا 84 كيلومترا، وتتكون منطقة الوادي من 13 قرية تسيطر المعارضة السورية على تسع منها، وتتوزع قرى الوادي على أربع مناطق إدارية، هي: عين الفيجة، ومضايا، وقدسيا، والزبداني.
كما تعد منطقة وادي بردى في ريف دمشق الغربي امتدادا جغرافيا وطبيعيا لمنطقة سهل الزبداني التي يحاصرها النظام السوري، واكتسبت المنطقة أهمية بالنسبة لطرفي الصراع في سوريا كونها تقع على الطريق من دمشق إلى الحدود اللبنانية التي تعمل خط إمداد لـحزب الله اللبناني الذي يقاتل في صفوف الجيش السوري.
كما أن المنطقة تحتوي ينبوع مياه رئيسي، حيث إن مياه عين الفيجة في وادي بردى تعتبر مصدرا رئيسيا للعاصمة، فهي توفر الشرب لأكثر من ستة ملايين شخص في دمشق وريفها.
ولكون الوادي مصدرا رئيسيا لمياه الشرب التي تغذي دمشق استعملته المعارضة السورية ورقة قوة في مواجهة النظام، فكانت المقايضة بين السماح باستمرار تدفق المياه من نبع عين الفيجة مقابل تلبية بعض مطالب المعارضة، ومنها إطلاق معتقلات في سجون النظام.
وتسعى قوات النظام وحزب الله اللبناني للتقدم نحو منطقتي دير مقرن وعين الفيجة في وادي بردى، رغم اتفاق إطلاق النار الموقع منذ أيام، ويتذرع النظام السوري بأن منطقة وادي بردى لا تشملها الهدنة بسبب وجود جبهة فتح الشام فيها.
واستقدمت قوات النظام وحزب الله تعزيزات كبيرة إلى منطقة الديماس المجاورة لوادي بردى، في وقت استمرت فيه الاشتباكات في محوري الحسينية والضهرة، بالتزامن مع قصفهما مواقع المعارضة المسلحة والطرقات الرئيسية بالمدفعية.