اتفق خبراء قانون دولي، على عدم إمكانية لجوء المملكة العربية السعودية للتحكيم الدولي لفض الاشتباك الحاصل، بسبب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، الموقعة في إبريل الماضي بين البلدين.
واستبعد ثلاثة خبراء تحدثت إليهم "مصر العربية" لجوء السعودية لهيئة التحكيم الدولي، ﻷن هناك سبل أخرى تسبق التحيكم منها الوساطة والتفاوض، مؤكدين على أن العلاقة بين البلدين أهم من الجزيرتين.
وقال الدكتور محمد محمود، أستاذ القانون الدولي بجامعة أسوان، إنه لا يجوز للسعودية اللجوء للتحكيم الدولي إلا بموافقة مصر، بحسب ما تنص عليه قواعد القانون الدولي.
وأضاف لـ"مصر العربية" ، "مؤكدا لن تلجأ المملكة للتحكيم الدولي ﻷن هناك علاقات قوية بين البلدين، ولا يوجد نزاع فعلي قائم بين الدولتين" .
وتوقع أستاذ القانون الدولي، أن تلتزم السعودية بحكم القضاء المصري، مشيرا إلى أن المملكة تحترم القضاء المصري، وتعلم أنه يقضي بالحق.
وأوضح أن السعودية لا تمتلك وثائق حتى تقدمها لأى هيئة دولية للفصل في الأمر وإلا كانت تقدمت بها منذ بداية إثارة القضية.
وفي السياق ذاته قال الدكتور أحمد إبراهيم، الخبير في القانون الدولي، إن ما وقعته الحكومة المصرية مع السعودية، يسمي توقيع بالأحرف الأولي، ولم يصل لحد الاتفاقية، ﻷنه لم يمر بباقي الاستحقاقات الدستورية بأن يوافق عليه البرلمان، ويعرض لاستفتاء شعبي، ثم يصدق عليه رئيس الجمهورية، وبالتالي ليس هناك أى إلتزام دولي على مصر.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الخلاف الحاصل حاليا يمكن حله عن طرق كثيرة، ولن يصل لحد التحكيم الدولي، مشيرا إلى أن هناك طرق ودية نص عليها قانون الأمم المتحدة، وقانون جامعة الدول العربية، لحل الخلافات وديا بين الدول.
وأشار إلى أن هذه الوسائل الودية إذا استنفذت فيمكن وقتها اللجوء للتحكيم الدولي، بعد موافقة الدولتين، ولا يمكن للسعودية وحدها اللجوء لهيئة التحكيم.
ولفت إلى أن الاتفاقيات لكى تمر يجب ألا تتعارض مع أى حكم قضائي، وبالتالي أصبحت الاتفاقية منعدمة ﻷن الحكم عنوان الحقيقة.
لا تحكيم على سيادة
وذهب السفير معصوم مرزوق، عضو حملة الدفاع بقضية تيران وصنافير، وهو سفير سابق ودبلوماسي إلى أن الذين يتحدثون عن اللجوء للتحكيم الدولي يعبرون عن جهل حقيقي بقواعده
وأضاف أن أي دارس جيد للقانون الدولي يعلم أنه لا تحكيم على سيادة.
وبحسبه لا يجوز لليونان مثلا أن تدعي أن مدينة بورسعيد المصرية، يونانية بحجة أنها كانت لها جالية يونانية تعيش فيها منذ فترة.
وتابع أن التحكيم الدولي ينقسم لشقين إما إجباري، أو اختياري الأول هو ما تنص عليه المادة 36 من قوانين محكمة العدل الدولية، والذي بناء عليه تكون الدولتين اللتان ترغبان في اللجوء للتحكيم وقعتا على أن يخضعا للتحكيم الجبري في حالة حدوث نزاع بينهما عند انضمامهما للمحكمة.
وأضاف لـ"مصر العربية" ، أن" مصر والسعودية ليسا أعضاء بالمحكمة أصلا، وبالتالي لا تنطبق عليهما الحالة السابقة.
وأشار مرزوق إلى أن الحالة الثانية هي اللجوء الطوعي للتحكيم الدولي، وفي هذه الحالة يجب أن يتفق الدولتين محل النزاع على اللجوء كما حدث مع إسرائيل ومصر في مفاوضات طابا.
وأضاف أنه لما فشلت المفاوضات مع إسرائيل اتفقت هي ومصر على اللجوء للتحكيم، واتفقوا أيضا على اختيار هيئة المحكمين، وعلى القوانين التي سيعرضون النزاع عليها، مؤكدا على أن الحالة الحالية لا تنطبق على أى من هذه الجوانب.
واعتبر المحامي والدبلوماسي السابق أن الحكم الصادر اليوم من محكمة الإدارية العليا أعطي للنظامين المصري والسعودي فرصة للخروج مما يسميه "ورطة" الاتفاقية، مطالبا الجانبين باحترام الحكم والالتفات للمشاكل الداخلية التى يعاني منها كل جانب.
وقال إن السعودية في حاجة لمصر أكثر من احتياج مصر لها لأنها تمر بمشاكل عديدة فهي مرشحة لمخاطر نزيف في اليمن بسبب الحرب هناك، كما أنها تخوض حرب بالوكالة في سوريا والعراق، لجانب التهديد الأكبر الذي يمكن أن يتحول لصراع دموي في أى لحظة مع إيران.
نزارع داخلي
وبالمثل رأى المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس محكمة مجلس الدولة الأسبق، أن الخلاف الحاصل على قضية تيران وصنافير هو نزاع داخلي وليس دولي وليس للسعودية دخل فيه.
وقال إن القضية حاليا آلت بعد حكم الإدارية العليا للمحكمة الدستورية العليا، مشيرا إلى أنها هي صاحبة الاختصاص في الفصل حاليا بين الحكمين الذين صدرا الأول برفض الاتفاقية والثاني بوقف تنفيذه من محكمة الأمور المستعجلة.
وتوقع الجمل أن تقبل المحكمة الدستورية الحكم وترفض حكم الادراية العليا لانها ليست صاحبة الاختصاص في نظر أعمال السيادة والبرلمان هو صاحب الحق الأصيل في ذلك.
وألمح إلى إمكانية لجوء الحكومة المصرية لمحكمة الأمور المستعجلة لوقف الحكم الصادر أمس بدعوى عدم الاختصاص كما تم في السابق مع حكم القضاء الاداري.